أبلغ من العمر 18عاما، وأدرس في الصف الثالث ثانوي، لدي أخوان الأول طالب في كلية التقنية، والثاني في الصف الثالث متوسط، والدنا عمره 49عاما، يعاملنا معاملة صعبة، فهو يحرمنا الخروج مع أصدقائنا، ويريد منا أن نقع في أي خطأ حتى لو كان صغيرا كي يكبره، ولا يهمه أن يهزأنا في البيت أو حتى أمام الناس في الشارع، وهو عكسنا تماما يخرج مع زملائه متى شاء، وبسبب معاملته أصبحت انطوائية وجميعنا أصبح لا يرغب في الجلوس معه، وأصبحنا نحب الجلوس لوحدنا، وإذا صادف أن جلست وهو بيننا أجلس ساكتا ولا أتحدث حتى مع إخوتي، وصرت أكره البيت إذا كان أبي في داخله، وبسبب معاملة والدي حاولت الانتحار عدة مرات، لكني في كل مرة أتوقف، ماذا أفعل حتى أتخلص من جبروت أبي؟ سلطان جدة لو كان بإمكان الناس أن يختاروا آباءهم أو أمهاتهم، لوجدت الكثيرين بدلوا ما عندهم من آباء أو أمهات، ولكن الأمر ليس ممكنا، ولو أنك تفكرت قليلا في هذا الكون لأدركت أن المبدأ الذي على أساسه وجد البشر على سطح الأرض، لوجدته مبدأ الابتلاء والاختبار والامتحان، وبناء عليه فأنت مع أب شديد النقد عالي المطالب، يريد من أبنائه أن يكونوا بلا أخطاء، وحال أبيك ليس حالا فريدا فهناك العديد من الآباء والأمهات يريدون أبناء ملائكة لا يخطئون مع أن المصطفى عليه الصلاة والسلام يؤكد على أن كل ابن آدم خطاء، كما أن أمثال هؤلاء الآباء يدركون أنهم لم يكونوا ملائكة، حين كانوا في مثل سن أبنائهم أو بناتهم، ونصيحتي لك أن تنظر للمسألة من باب الابتلاء، وأن الصبر على مثل هؤلاء الآباء فيه أجر كبير، وهو نوع من البر، هذا من ناحية، أما الناحية الأخرى التي ينبغي عليك التفكير بها جيدا، فتكمن في أنك تستطيع أن تغير من موقف أبيك منك لو أنك فكرت بالتقرب إليه بدل الهروب من وجهه، وعليك أن تدرك أن أباك يشعر تماما بما تفعله حتى لو لم يتحدث عن مواقفك ومواقف إخوانك، فأنتم حين تتركون المكان بمجرد دخول أبيكم له سيدركه والدك وسيعرف أنكم لا ترتاحون لوجوده بينكم، وهذا بدوره سيزيد من ضيقه منكم وسيزيد من نقده لكم والتدقيق على تصرفاتكم، أما لو أنكم جلستم وتحملتم بعض نقده فسيقربكم منه، وسيجعله أكثر مرونة معكم بخاصة أنك على وشك الدخول للجامعة ومثل هذه التصرفات الجميلة المقربة للمسافة بينك وبينه ستجعله يلين أكثر بكثير مما لو استمر ابتعادك عنه، ونصيحة أخيرة أتمنى عليك أن تجمع بعضا من المال منك ومن إخوانك وتشتروا لوالدكم هدية، وتأكد أن ذلك لو تكرر سيعين كثيرا على تليين المواقف وتهدئة النفوس.