أنا شاب من مصر حياتي كلها مشاكل من صغري، ولدت على خناقات بين أبي وأمي، لم يكن يمضي يوم إلا وتحدث فيه مشكلة، وعندها يشتم أبي أمي بألفاظ بذيئة، وأمي امرأة تعيسة من صغرها، أجبروها على الزواج منه، ومع أنه يحبنا كثيرا، إلا أن هذا الحب ينقلب في لحظة، ويتحول أبي إلى إنسان ثان مختلف تماما، كان يقاطعنا ويقاطع أمي بالشهر والشهرين، وقد طردها مرة في منتصف الليل، ومع ذلك أمي تسكت حتى نستطيع العيش، فأبي يسيء معاملتنا، وحياتنا كلها نكد وزعل، فأنا لا أذكر أني فرحت يوما، لقد فكرت بالانتحار منذ خمس سنوات حين كنت في الرابعة عشرة، ولا زلت انتظر اليوم الذي أفرح به؛ ولكن هذا اليوم لم يأت مطلقا، فكيف يمكن أن أجلب السعادة لنفسي ولو ليوم واحد؟ رامي من مصر يؤلمني أنك تعيش في كنف أبوين هذا وضعهما، ولكن الألم لن يحل المشكلة، فأنت بحاجة ماسة للخروج من هذه الدائرة والتركيز على نفسك أولا، عليك أن تتذكر أنك بحاجة للسلام مع ذاتك، وعليك أن تتذكر أنك لست من صنع شخصية والدك أو والدتك، وأن ما هم عليه نتيجة عوامل كثيرة لا دخل لك بها،ضاعف اهتمامك بدراستك، فأنت ستحظى بمكانة عند والدك لو أنك نجحت في الوصول إلى مستوى دراسي جيد، أو مستوى وظيفي جيد، لذا حاول قدر الإمكان أن توظف وقتك لرفع مستواك الدراسي، ومن ثم مستواك الوظيفي، أما عن علاقة والدك بوالدتك فيبدو أنهما قد اعتادا على مثل هذا الوضع مع أنه ليس وضعا مريحا، ولكنك ولكي تستطيع أن تؤثر في موقف أبيك من أمك ومن ثم تحسينه فأنت بحاجة ماسة لصنع مكانة لك عند والدك، وهذا ما دفعني للقول لك احرص على تحسين مستواك الدراسي ومن ثم الوظيفي، أما عن فكرة الانتحار فجيد أنك تراجعت عنها لأنها ليست فكرة عملية إطلاقا، فأنت لن تحل مشكلة أمك ولا مشكلة أبيك لأنك ستزيد من تعاستهما، وسيحمل كل منهما الآخر مسؤولية ما أصابك وسيزيد ذلك من خلافهما وتعاستهما، أما بالنسبة لك فإن الأمر سيفاقم مشكلتك، وسيدفع بك إلى العيش في نار جهنم إلى الأبد، وعليه فانتحارك لن يحل مشكلتك، بل سيضاعفها، لأن مشكلة الدنيا سيأتي وقت وتكبر فيه وتستقل وترتب حياتك كما تريد، وإلى حد كبير، أما مشكلة الآخرة فلا حل لها لو أن الإنسان كان مصيره إلى نار جهنم نسأل الله العافية، يبقى أمر مهم جدا أرجو أن تفكر فيه، وهو يتعلق بطبيعة العلاقة بينك وبين أبيك، احرص على تلبية ما يريده أبوك وقرب المسافة بينك وبينه، وتحمل عصبيته واحرص على أن تجعله يعتمد عليك في الكثير من الأمور، وإذا وصلت إلى مثل هذا المستوى من العلاقة معه فسيكون بمقدورك أن تعدل من سلوكه فيما بعد، وحذاري من النظر لتحسين العلاقة معه باعتباره أمرا مستحيلا، فهو في النهاية بشر يحتاج لمن يهتم به، كما أن عواطفه نحوك سيكون لها أثر كبير باتجاه تحسين العلاقة معه.