بين الفن والتراث.. ريشة "الجديبا" تحول تراث جازان إلى فنّ حيّ    بسبب سياسة إسرائيل الإجرامية.. «الجامعة العربية» تحذر من اندلاع حرب إقليمية    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري المشترك غير الرسمي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون وإيران    اعتماد "منارة العلا" ومحمية الغراميل كأول مواقع "السماء المظلمة" في المملكة ودول الخليج    تعيين عدد من الأئمة في الحرمين الشريفين    جمعية التوعية باضرار المخدرات وفريق طريق بجازان ينظمون معرض اليوم العالمي للاعنف    أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في المملكة يتمم الدورية رقم 5 آلاف في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    «السياحة» تعلن تجاوز إنفاق الزوار القادمين إلى المملكة 92 مليار ريال خلال النصف الأول من العام الحالي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية بذكرى يوم الوحدة لبلاده    «أرامكو السعودية» تكمل إصدار صكوك دولية بقيمة 3 مليارات دولار    "تحالف إستراتيجي بين "عمار القابضة" و"ماهيشواري" الهندية لتوسيع نطاق أعمال التعدين في المملكة    تجمع تبوك الصحي يدشن فعاليات الكشف المبكر لسرطان الثدي 2024    المملكة تستعد لإقامة أضخم حدث صحي    "صدمة رقمية" تنتظر يايسله في حالة سقوطه مُجددًا أمام جيسوس    أمير الشرقية يطلع على مستجدات أعمال فرع وزارة الشئون الإسلامية ويستقبل منسوبي "إخاء"    رفض الكتاب العرب تدخل المحررين في نصوصهم يثير جدلاً في معرض الرياض    مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني تكشف عن المستهدفات الإستراتيجية لمبادرتي ولي العهد العالميتين لحماية الطفل وتمكين المرأة في الأمن السيبراني    النفط يرتفع وسط احتمالات اتساع الصراع في الشرق الأوسط    استمرار فرصة هطول أمطار رعدية على مناطق المملكة    «هيئة الصحفيين» تُعدّل نظام عضويتها باستمرارها لعام كامل من تاريخ الحصول عليها    أكَمَةُ إسرائيل الجديدة..!!    زراعة عسير: تدشن مهرجان الرمان الرابع بسراة عبيدة    زوجة أحمد القاضي إلى رحمة الله    حب وعطاء وتضحية.. «الصقري» يتبرع بكليته لشقيقته    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    اشترِ الآن وادفع لاحقاً !    أميرٌ شاب    حفلات التخرج: استلاب وانطماس هوية !    معدلات الخصوبة بين المدن الصناعية والزراعية    هل بدأ اليوم التالي في المنطقة؟    الاتحاد يلعن غياب "كانتي" عن مواجهة الأخدود للإصابة    ملاكمة الاتفاق أبطال المنطقة الشرقية ب 19 ميدالية متنوعة    «الصحة اللبنانية» : 46 قتيلاً حصيلة الغارات الإسرائيلية على لبنان الأربعاء    اتفاقية شراكة بين كرة المناورة واتحاد الجامعات    دوري أبطال آسيا للنخبة .. التعاون يتعثّر أمام القوة الجوية العراقية بهدفين    القهوة تقي من أمراض القلب والسكري    جراحة السمنة تحسن الخصوبة لدى النساء    وداعاً يا أم فهد / وأعني بها زوجتي الغالية    في الجولة الثانية من يوروبا ليغ.. مانشستر يونايتد في اختبار بورتو    بعدما أصبح هداف الهلال آسيويا.. الدوسري يقترب من صدارة هدافي القارة الصفراء    وطن خارج الوطن    «مايكروسوفت» تتصدى لهلوسة الذكاء الاصطناعي    مملكة العز والإباء في عامها الرابع والتسعين    مبادرة «قهوة مع الأمين» حرية.. شفافية.. إنجاز    جادة القهوة    المطوف جميل جلال في ذمة الله    تثمين المواقع    لماذا لا تبكي؟    رواد الكشافة باالطائف يطمئنون على الرائد عطية    عمر يدخل القفص الذهبي في مكة المكرمة    هل بدأ حريق سوق جدة الدولي من «محل أحذية»؟    شركة أمريكية تدعم أبحاث طبيب سعودي    نملة تأكل صغارها لحماية نفسها من المرض    نائب أمير المدينة يقدم واجب العزاء لأسرة شهيد الواجب الجهني    مفتي عام المملكة يستقبل مفوّض الإفتاء بمنطقة جازان    الحياة الزوجية.. بناء أسرة وجودة وحياة    أمير مكة المكرمة ونائبه يعزيان أسرتي الشهيدين في حريق سوق جدة    أمير الشرقية يثمن دعم القيادة للقطاع الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



45.8 % من الأهالي يحملون الأمانة مسؤولية فاجعة جدة
عكاظ تفتح الملف للناس .. من المسؤول؟
نشر في عكاظ يوم 31 - 12 - 2009

«آهٍ جدة» .. على لسان الطفل والكهل في جدة التي أصبحت أرملة بعد أن كانت «عروس البحر الأحمر» هكذا يرثيها أهلها. 36 يوما منذ أن غرقت في «الأربعاء الأسود»، والحصيلة: بكاء على فقد أحبة، بيوت غطاها الماء والحزن، جروح مازالت تنزف، آثار على الأرض وفي الصدور، وأسئلة حائرة مازالت تبحث عن إجابة. من المسؤول؟ كيف ذهبت 122 روحا، وابتسامة وأمل أطفال وأمهات وشبان وآباء ومسنين و37 ما زالوا في سجلات البحث حتى كتابة هذه السطور لم يعثر عليهم.بعيدا عن لجنة تقصي الحقائق التي شكلت بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله والذي أكد في حينه «لن يهدأ له بال حتى يحاسب المتسبب كائنا من كان»، تفتح «عكاظ» ملف التحقيق بحثا عن الحقيقة، وذراعا إعلاميا يضع رأي الشارع أمام صانع القرار.
الحادية عشرة من صباح الثامن من ذي الحجة 1430ه هدوء يعم أحياء شرق جدة، فاليوم إجازة للطلاب والمعلمين والموظفين، وعلى بعد كيلو مترات لا تتجاوز الستين يمضي حجاج بيت الله الحرام يوم التروية في مشعر منى.
يوم ممطر وجميل في جدة، الأسر خرجت إلى البحر غربا، وأخرى إلى البر شمالا وجنوبا.
وفي حين غرة جاء السيل واجتاح البيوت وانتقل بسرعة من حي الحرازات إلى مخطط الصواعد مرورا بمخطط المساعد شاقا طريق الحرمين السريع الرابط بين مطار الملك عبد العزيز الدولي ومكة المكرمة، ولم يتوقف إلا في حرم جامعة الملك عبد العزيز.
حمل السيل السيارات والبشر، صراخ يتصاعد وأصوات تطلب استغاثة وحالة من الهلع تجتاح المكان، جثث على الأرصفة وعلى الطرق وأخرى طافية على المياه.
ما السبب؟
ينتظر أهالي الضحايا نتائج التحقيقات التي تجريها لجنة التقصي، وتصاعدت روح التفاؤل بين المواطنين بعد إيقاف 40 مسؤولا وموظفا ورجل أعمال من قبل المباحث الإدارية، وهم بحسب المواطنين الذين استبقوا النتائج المسؤولون عن الكارثة.
«عكاظ» حصلت على نسخة من مستند رسمي يؤكد أن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أرسلت تحذيرات مبكرة إلى الأجهزة الحكومية تنذر بهطول أمطار غزيرة من المتوقع أن تتسبب في سيول جارفة.
وهنا يبين المتحدث الرسمي باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني أن «مسؤولية الرئاسة إبلاغ جميع المؤسسات الحكومية بشكل دوري ومفصل وتقريرنا أرسناه مبكرا».
ووفقا للأنظمة، فإن المسؤولية تنتقل إلى إدارة الدفاع المدني وأمانة محافظة جدة، إذ من المفترض وفقا للأنظمة أن تخلى المواقع المهددة بالخطر وتوضع سدود احترازية لصد المياه.
إزاء ذلك، رفض مدير الدفاع المدني في المنطقة الشرقية اللواء محمد الغامدي، الذي كان يشغل موقع مدير الدفاع المدني في محافظة جدة إبان إرسال رئاسة الأرصاد التحذيرات، الرد على مدى «تحمله وإدارته المسؤولية»، طالبا التوجه إلى مدير الدفاع المدني في جدة حاليا.
ورغم إيضاح «عكاظ» غير مرة للغامدي أن التساؤل يدور حول قضية وقعت في الوقت الذي كان فيه مديرا للدفاع المدني في جدة، إلا أنه «كرر امتناعه عن الرد، معيدا حديثه السابق بالتوجه إلى من خلفه في الموقع».
أما أمانة محافظة جدة أوقف ما يزيد على 15 قياديا وموظفا على ذمة التحقيق في القضية، فأصبح الحديث مع وسائل الإعلام يشوبه الكثير من التخوف، وأبلغ «عكاظ» مسؤول رفيع (رغب عدم ذكر اسمه) أن «الأرصاد قدمت تقاريرها الدورية ولم تبلغنا بأن هناك كمية غير عادية من الأمطار ستهطل وبعد ذلك نضع احتياطاتنا».
الوقوف على مكان الكارثة واستقصاء الأسباب من أهالي الأحياء المنكوبة يقرب خيوط القضية، فالسبب الأكبر وفقا للسكان وما هو على الأرض البناء على مجرى السيل، وهو الأمر المخالف للأنظمة وفقا لاشتراطات وزارة الشؤون البلدية والقروية.
وهنا يعود المسؤول الرفيع في الأمانة ليؤكد أن «المخطط فسح رسميا من الأمانة بناء على أنه منحة، وليس مخططا رفع لاعتماد توزيعه على المواطنين بعد أن رأت أنه مناسب جغرافيا».
وتتقاسم المسؤولية مع الأمانة مديرية المياه والصرف الصحي التي كانت تعرف في وقت سابق بمصلحة المياه والصرف الصحي، إذ لم يستجب المسؤول السابق عنها بحجة أن التحقيقات تجري عبر لجنة تقصي الحقائق.
السبب الثاني كما يعتقد البعض عطفا على مرور أعوام طويلة دون أن تتعرض أحياء جدة للغرق يعود إلى تكسير جبل شرق الأحياء من أجل شق طريق سريع، ومعروف نظاما أن الجهة المسؤولة عن الترخيص لشق الطرق السريعة وزارة النقل.
وهنا يقول المواطن محمد الصاعدي (الذي يسكن حي الصواعد): «نحن بدو ونعرف أين نسكن، لا يمكن أن ينام البدوي في بطن واد، وما حدث أن سيل وادي قوز تحول مساره بسبب شق الجبال».
وفي هذا الجانب حاولت «عكاظ» الاتصال بمدير عام إدارة الطرق في منطقة مكة المكرمة المهندس مفرح الزهراني، إلا أنه لم يستجب للاتصالات والرسائل النصية التي أرسلت لهاتفه النقال كي لا يغيب رأيه.
السبب الثالث وهو الذي لا يتكئ الناس إليه كثيرا أن التغيرات المناخية والاحتباس الحراري كان السبب في سقوط أمطار لم تكن متوقعة.
ويرى الخبير البيئي عميد كلية العلوم الصحية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور خليل الثقفي أن التغيرات المناخية «توقعت أن تقل الأمطار على المملكة وتزيد مساحة التصحر لا أن تزيد»، مشيرا إلى أن «مسألة الاحتباس الحراري ليست واقعا عطفا على الأبحاث والدراسات وتسوقها الدول الصناعية لمقاصد تسعى إليها».
ويوضح الثقفي أن «ماحدث في جدة ليس لتغيرات الجو أو ما يسمى بالاحتباس الحراري له علاقة».
رأي الناس
المسؤولية تقع على عاتق من؟ كما يرى أهل جدة، لذلك أجرت «عكاظ» استطلاعا للرأي ميدانيا نفذ في الأحياء المنكوبة عبر مايزيد على 200 استمارة وفي الموقع الإلكتروني، وأتت النتائج لتعكس الغضبة والرأي الشعبي، إذ حظيت أمانة جدة بموقع المسؤولة الأكبر بنسبة 45.8 في المائة.
وجاءت وزارة المياه في المركز الثاني بنسبة 12.5 في المائة، وتساوى الدفاع المدني والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وجهات أخرى حددها المشاركون بنسبة 9.7 في المائة، بينما تتحمل وزارة النقل 8.3 في المائة وفقا لما يرى المستطلعة آراؤهم.
وحمل 2.8 في المائة من المشاركين في الاستطلاع المواطنين الذين يسكنون بطون الأدوية بإرادتهم المسؤولية، وحل في ذيل القائمة الاحتباس الحراري وتغير المناخ بنسبة 1.4 في المائة. وحمل مشاركون جهات أخرى مثل وزارة العدل ووزارة المالية المسؤولية، بينما اكتفى البعض بالقول: إن ماحدث قضاء وقدر.
الحل كما يعتقد 23.2 في المائة من المواطنين والمقيمين أن تزال الأحياء المنكوبة، بينما يفضل الأغلبية بنسبة 50 في المائة أن تحدد مجاري السيول وتنفذ مشاريع تصريف لمياه الأمطار، واختار 14.3 في المائة حل وضع سد لوادي قوز، بينما وضع البقية بنسبة 12.5 في المائة حلولا أخرى.
هو الطريق ذاته الذي يسير عليه أبو وأم أحمد في كل يوم لاصطحاب أبنتهم من الجامعة أو التنزه وحتى التسوق إنه طريق الحرمين السريع الذي تحول إلى مقبرة جماعية دون سابق إنذار. خرجت أم أحمد (40 عاما) وأبناؤها الخمسة وهي صائمة تعبدا لله سبحانه، وبجوارهم سيارة أخرى تقل أقاربهم، وفجأة داهمهم السيل دون سابق إنذار وهمت تبحث عن صغارها وأبنائها لتحميهم بقلب الأم، وأخذت تنقذهم واحدا تلو الآخر، حيث حملتهم إلى سور جامعة الملك عبدالعزيز. لم تتوقف أم أحمد عن الإنقاذ وامتدت يدها إلى السيارة الثانية وسريعا أجلت كل من فيها وهي المعروفة بين أهلها ومن يعرفها بحب الخير ومساعدة الناس.
لم تتوقف أم أحمد حتى آخر نفس كان بيدها أن تساعدها وخطفها السيل وهي توصي أكبر بناتها بأن تهتم بإخوانها وترعاهم، رحلت بعد أن فدت أبناءها ومن معها بروحها.
يقول شقيقها حميد الجدعاني: «رحل والدي قبل أشهر وأم أحمد هي من لقنته الشهادة، وقبل أيام من وفاتها كانت تتحدث عن رغبتها بأن تلقى والدنا في الجنة وأن تموت شهيدة».
بكت جدة أم أحمد وأفتقدنها الكبيرات اللواتي كانت تدرسهن في المساء، وأصبحت قصتها حكاية لا تتكرر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.