أظن وبعض الظن إثم أن عجلة الحوار الوطني أضاعت بوصلتها فترة من الزمن بعد بداية مشروعها الخلاق الذي جمع في لقاءاته الأولى الأطياف الفكرية كافة على طاولة نقاشية واحدة بعد فترة عانى منها المشهد الثقافي من تأزم الطرح وإقصاء المختلف وشخصنة القضايا، فكان اللقاء الأول والثاني في الرياض ومكة المكرمة مشرعا لنافذة الأمل في خلق مناخات حوارية صحية بين الأطراف الفكرية المتعددة، ومن بعدها اتجه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في لقاءاته إلى إطار القضايا ذات البعد الخدمي (التعليم العمل الصحة) أو تأطير الجلسات وفقا للواقع الاجتماعي كما في مواضيع المرأة والشباب، ولعلها اتباعا لمنهج «السلامة» بعيدا عن كشف أوراق الواقع الفكري والثقافي الذي مر محليا بتحولات متعددة في السنوات الأخيرة. إن خاب ظني فيما سبق، فهذه فرصة للاحتفاء بالحراك الثقافي الذي يقوده مركز الملك عبد العزيز في حواره الفكري تحت شعار (واقع الخطاب الثقافي السعودي وآفاقه المستقبلية)، والاحتفاء هنا ليس في اختيار الموضوع بمقدار اختيار الشخصيات المشاركة التي تمثل مختلف الاتجاهات الفكرية والأدبية والثقافية من كلا الجنسين، يتداولون فيما بينهم مسألة سيطرت عليها لغة النقد لواقعها، وعدم امتلاك خطابنا الثقافي أدوات التفاعل وبالتالي غيابه عن التأثير المحلي والإقليمي والعالمي.. مشهدنا الثقافي الراهن سجل في أحداثه قفزات لا يمكن تجاوزها، وخلال هذا العام برزت أكثر من 15 فعالية ثقافية الشكل والمحتوى بين المعارض والمؤتمرات والجوائز لتؤكد وجود الأرضية الداعمة وغياب اللغة المشتركة للحراك الثقافي في المجتمع السعودي أمام حالة «كل حزب بما لديهم فرحون»، والسبب الرئيس في تقديري يكمن في إلصاق كثير من المصطلحات الفضفاضة في منتجاتنا الثقافية، وبالتالي بروز لغة «التخوين» لكل من شذ عن تلك المصطلحات، ولعل «الخصوصية» و«التغريب» يمثلان حالة نشطة في الإسقاطات المتبادلة داخل مشهدنا الثقافي، لأنها باختصار مشجب واسع يعلق فيه كل طرف على مخالفه. الاختلاف سنة كونية لا يمكن بأي حال كبحها، فكيف إن كان الأمر في مثقف يتطلب «استقلالية» في مقدماته ليخرج بنتائجه بعيدا عن التشويش والإثارة أو الانشغال بالمفضول عن الفاضل، ثم بعد ذلك ليختلف معي من يختلف.. فهذا حق مشاع، لا يكون في تعطيل بناء الأفكار واحتكار الرأي تحت وصف: هذه طبيعة خطابنا الثقافي. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة