أداء فريضة الحج حلم يراود الكثير من المسلمين في مختلف دول العالم، هذا الركن الخامس في الإسلام له حظوة خاصة في نفوس المسلمين، لذلك يكون لكل حاج قصة وحكاية، تتجسد في متى بدأ في فكرة الحج، ومتى عقد النية على أدائها، كيف بدأ الإعداد للرحلة المقدسة. دموع والدتي صديق محمود اسكندراني (مصري 51 عاما) يقول: منذ أن كنت في الواحدة والعشرين من عمري وأنا أخطط لهذه الرحلة، وفي سبيل تحقيق ذلك اغتربت كثيرا في بلدان أوروبا لجمع تكاليف أداء الركن الخامس في الإسلام، سافرت إلى بريطانيا وبقيت فيها تسعة أعوام ثم رحلت إلى تونس، وعملت فيها خمسة أعوام، وعندما أكملت عامي ال (39)، تمكنت من جمع تكاليف الحج لكن رفضت القدوم في اللحظة الأخيرة والسبب والدتي، فأثناء توديعها في الميناء انهمرت دموعها وقالت «يا ليتني كنت معك»، عندما شاهدت دموعها تتساقط حللت إحرامي وغادرت الميناء وأقسمت ألا أسافر لأداءالحج إلا وهي معي، و لهذا عدت مجددا إلى الاغتراب لأجمع تكاليف الحج لي ولها وكنت خائفا أن يغيبها الموت قبل أن أحقق لها هذه الرغبة، ولكن أطال الله في عمرها وتمكنا سويا من الوصول إلى الأراضي المقدسة هذا العام، وهي على مشارف الثمانين لكنها لازالت و لله الحمد تحتفظ بذاكرة جيدة. أزمة مالية ويقول إدريس مصطفى حمرود (تونسي 56 عاما): كنت أمني نفسي القدوم إلى الأراضي المقدسة لأداء الفريضة في وقت مبكر واستطعت أن أجمع المبلغ اللازم لتغطية التكاليف، إلا أنه في السنة التي قررت فيها الحج قبل 11 عاما، تعرض أخي الأصغر لأزمة مالية و خسارة كبيرة في تجارته وطلب مني قرضا لاستعادة وضعه، وكان يعلم أن لدي مبلغ أدخره للحج، فأعطيته و لم يتمكن من إعادته لي إلا العام الحالي، بل زادني عليه، والحمد لله تحققت أمنيتي. حليب وسمن الحاج ميرمار فيرحان (اندونيسي 61 عاما) تحدث عبر صديقه المترجم سورتي شوبير فاستي فقال: أعمل في الزراعة وتربية الأبقار وبيع منتجات الألبان من البقر منذ أن كنت صغيرا برفقة والدي، وكان يراودني حلم الحج لكن لم أستطع نتيجة لضعف العائد من الزراعة وبيع الحليب، الجبن، والسمن وظللت أربعين عاما أعتبر الحج بعيد المنال، لكن رزقني الله مع بداية العام الجاري بتاجر أتى إلى قريتي وعرض علي شراء جزء من المزرعة التي أملكها وبالفعل تسلمت منه مبلغا مجزيا لم يخطر ببالي أن أستثمره في غير الحج رغم أن أخوتي عرضوا علي استثمار المبلغ في التجارة، باعتبار أن ربحها مضمون، إلا أنني صممت على ألا يكون هذا المبلغ إلا للحج، ولا يهمني بعد أداء الفريضة العيش فقيرا أو غنيا، كل ما يهمني أداء الفريضة، خصوصا بعد أن بلغت كل هذا العمر ولا أضمن العيش طويلا، لقد قلت لأخوتي عند وداعهم: أجمل استثمار وأفضل ربح هو أداء الفريضة. من فلسطين يقول محمود خطاب: أعيش في أمريكا وتمكنت من توفير تكاليف الحج منذ فترة، إلا أنني لم أقرر أداء فريضة الحج إلا هذا العام ولم أجد أي معاناة في ذلك. السيد أحمد فوز (42 عاما) من محافظة البحيرة في مصر يقول: أنا محامي وكنت أتمنى أن أوفق في الحج برفقة والدي المسن، لذلك تقدمت إلى حجاج القرعة كمرافق لوالدي، ولكن امتثالا للتنظيم الذي اتبعته السلطات المصرية هذا العام فقد تعذر قدوم والدي لأنه تجاوز (65 عاما)، وأتمنى أن تتحقق أمنيته العام المقبل. كنهي محيي الدين من الهند يقول: لم يكن القرار وليد اليوم، وإنما اتخذته منذ أعوام طويلة وحاولت جاهدا تحقيق ذلك، إلا أن الظروف لم تساعدني، وأخيرا سنحت لي الفرصة العمل في قطر، وتمكنت من الحضور العام الجاري.. لقد استغرق تحقيق الأمنية 18 عاما. التوك توك شكري صادق خان (باكستاني 46 عاما) يقول: كان ابن عمي يعلم أن لدي مبلغ كبير خصصته لأداء فريضة الحج، وكان يعرف المكان الذي فيه هذا المال وهو عبارة عن صندوق في بيت أبنتي، وجاء هذا الرجل إلى المنزل في شهر رمضان الماضي للإفطار معنا، واستطاع سرقة الصندوق بما فيه واشترى بالمال سبع بقرات، وأنكر تماما أنه سرق أموالي، فماذا أفعل؟ لا شئ تركت الموضوع و أدركت أنني لن أتمكن من الحج هذا العام إلا أن الشوق ملأ نفسي ولم أستطع أن أتخيل أنني لن أحج هذا العام، لذلك قررت بيع (التوك توك) وأكملت تكاليف الحج، صحيح ينقصني بعض المال إلا أن ما بحوزتي يكفني بإذن الله.