بعد بلوغها مائة وعشر سنوات وتعثر محاولاتها لأداء فريضة الحج خمس مرات متتالية وحديث البعض بالانتظار لسنوات أخر تمكنت المعمرة التركية ليلى أوز آهلان من أداء فريضة الحج هذا العام لتكون بذلك أكبر معمرة تؤدي فريضة الحج هذا العام. وإصرار ليلى على أداء فريضة الحج بدأ قبل خمس سنوات يوم تقدمت بطلب أداء فريضة الحج وسجلت ضمن قائمة المتقدمين للحج غير أن اسمها لم يظهر ضمن أسماء المرشحين للحج فبكت في كل مرة شوقا لأداء الفريضة حتى جاءت المرة الخامسة ليشكل بكاؤها صدى قويا لدى وسائل الإعلام التركية التي نقلت صيحاتها ودموعها بكلمة وصورة معبرة. الحاجة المعمرة ليلى التي استضافها المطوف / أحمد صالح حلبي رئيس مجموعة الخدمات الميدانية رقم (3) لحجاج تركيا بداره واحتفل ببلوغ أمنيتها بأداء فريضة الحج برفقة ابنها البالغ ثمانين عاما وعدد من مسؤولي بعثة الحج التركية قالت عن رحلتها : قبل خمس سنوات يوم كان سني مائة وخمس سنوات سجلت اسمي ضمن قائمة المتقدمين لأداء فريضة الحج لكنني لم أحظ بظهور اسمي ضمن المتجهين للحج فأصابني نوع من الإحباط لكن اليأس لم يصبني ولله الحمد فكررت المحاولة مرة ثانية وثالثة ورابعة وحينما جاءت المرة الخامسة ولم أفز أحسست أن الأجل سيأتي ولن أتمكن من أداء فريضة الحج فصرخة بصوت ألم وبكيت بدموع مشتاقة حتى سمعت صوتي وسائل الإعلام التركية فنقلته بصدق وأمانة فسمع صوتي وشاهد دموعي رئيس بلدية اسطنبول الذي أعلن تكفله بتكاليف أدائي لفريضة الحج برفقة ابني فيما أعلن رئيس الشئون الدينية التركية ضمي مع حجاج الشئون الدينية لهذا العام وأحمد الله سبحانه وتعالى على ذلك. وعن الحج وما اختزنته ذاكرتها وما شاهدته تقول ليلى : في عام 1920م كنت في التاسعة عشرة من العمر وكنت حينها أدرك تماما مايقال فسمعت عدداً من أهالي بلدتي الذين أدواء فريضة الحج يتحدثون عن الكثير من الصعوبات التي واجهتهم أثناء رحلتهم التي استغرقت أشهرا عدة منذ خروجهم من البلدة حتى وصولهم إلى مكةالمكرمة فليست هناك وسائل نقل جيدة كما هو الحال اليوم وحينما ظهر خط السكك الحديدية الرابط بين اسطنبول والمدينة المنورة قلنا حينها أن الوصول أصبح ممكنا لكن الانجليز ضربوا هذا الخط فعطلوا الطريق. وأذكر خلال تلك الفترة أن الكثيرين تحدثوا عن غياب في معظم دروب الحجاج وعمليات السلب والنهب التي كانوا يتعرضون وضياع آخرين في الصحراء وكنت حينها خائفة من القيام بأداء فريضة الحج سواء برفقة أسرتي قبل زواجي أو برفقة زوجي بعد زواجي ومع مضي السنوات واستتباب الأمن وتطور وسائل النقل حاولت وزوجي أن نؤدي فريضة الحج لكننا لم نتمكن من ذلك فلم نكن مستعدين ماديا نظرا لارتفاع تكاليف الحج فتوفى زوجي قبل عشرين عاما وهو في سن مائة وأربع سنوات دون أن يتمكن من أداء فريضة الحج كما توفى اثنان من أبنائي وهم في الثمانين من العمر ولم يؤدوا فريضة الحج . وخشيت أن يتوفاني الله ولم تتحقق أمنيتي لكن الله سبحانه وتعالى كان خير معين لي فتمكنت هذا العام من الوصول إلى أراضي المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج لأجد صورة مغايرة ومختلفة عما اختزنته الذاكرة عن السنوات الماضية . وكانت البداية متمثلة في رحلتي من تركيا إلى المملكة فبعد غياب الدواب ظهرت الطائرات التي تنقل الركاب في فترة زمنية قصيرة لاتتجاوز الثلاث ساعات وفي رحلتي من جدة إلى مكةالمكرمة والى عرفات ومزدلفة ومنى وجدت أن ما تراه عيناي مختلف كليا عن كل ما سمعته وظهر ذلك واضحا منذ وصولي لبيت الله الحرام وطوافي حول الكعبة المشرفة التي ظهرت أمام ناظري وأنا آمنة ومطمئنة واحمد الله على ذلك وفي تنقلاتنا داخل مكةالمكرمة أحسست أنني أعيش في حلم فكل شيء تغير وأصبح مختلفا عما سمعته فالطرق بين المدن معبدة وسألت نفسي أكل هذا تحقق؟ إنني أحمد الله سبحانه وتعالى أولا على تمكيني من أداء فريضة الحج وأتوجه بالشكر لحكومة المملكة العربية السعودية التي وفرت للحجاج الراحة والطمأنينة ليؤدواء فريضتهم بيسر وسهولة. وحول أبرز المشاريع التي جذبتها قالت المعمرة الحاجة ليلى : من الصعب أن أحصي مشروعاً أو أتحدث عن عمل فهناك الكثير من المشاريع الجيدة خاصة توسعة الحرمين الشريفين التي رأيتها بشكل مختلف عما شاهدته عبر شاشات التلفزيون في موسم حج العام الماضي. إن الكثير من الصور المباشرة في العام الماضي أصبحت هذا العام مختلفة إضافة إلى أن الطرق والكباري وجسر الجمرات والخدمات الصحية كلها أصبحت مختلفة وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وحكومته الساهرة على أمن وراحة حجاج بيت الله الحرام . المعمرة التركية ليلى أوز آهلان التي كرمها المطوف / أحمد صالح حلبي بهدية تذكارية كرمت أيضا بهدية مماثلة من القائدة الكشفي عثمان خليفة المدني.