صحب معه في رحلة الحج حضوره الذهني اللافت، ولم تخذله صحته في أداء مناسك الحج، حيث توج مشوار العمر الطويل بالحدث الأبرز في حياته وهو مشهد الحج، ورغم تقدمه الكبير في السن إلا أن ذلك كله لم يثنه عن تلبية نداء الرحمن والوصول للبقاع الطاهرة ملبيا ومهللا. وبعد أن ذرف دموع الفرحة الممزوجة بالشوق واللهفة التي انتظرها أكثر من قرن وربع القرن تحدث الحاج محمد عبدالجليل الذي يبلغ من العمر 130 عاما «إنني قادم من بنجلادش من بين الحقول الزراعية التي أثقلت كاهلي من أجل توفير المال لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، فقلة الحيلة وضيق ذات اليد أخرا تحقيق هذه الأمنية سنوات طويلة، وأنا أعمل في مزرعة وهو عمل يحتاج إلى جهد شاق فمنذ نحو قرن من الزمان وأنا أنتظر هذه الفرصة الغالية، ففي كل عام أحاول جمع المال الذي حال دون القدوم لأداء مناسك الحج، إلا أنني لم أستطع ذلك»، مشيرا إلى أنه باع كل ما يملك من مدخرات ادخرها طوال حياته من أجل الحج، كما أن أبناءه وأحفاده أمدوه بالمال. وأضاف الحاج عبدالجليل «لم يتبق من العمر أكثر من الذي مضى، فمنذ اللحظة الأولى لوصولي للأراضي المقدسة، وأنا ألهج بالدعاء اللهم اقبض روحي هنا.. اللهم أمتني هنا»، وأشار إلى أنه ودع أبناءه وأحفاده حتى أنهم لا يتوقعون عودته، «فالحج أفضل الأعمال، فلذلك أدعو الله عز وجل أن يجعله خاتمة أعمالي، وأن تكون نهاية عمري في هذه الأرض الطاهرة وهي أمنيتي التي لازمتني طوال حياتي، لعلي أدفن في هذه البقاع الطاهرة، فنحن نتمنى ونحلم طوال حياتنا بأن نأتي إلى بيت الله الحرام، وقد كبرنا ومضى على عمرنا الكثير والإنسان إذا شارف هذا العمر لجأ إلى الله للدعوة بحسن الخاتمة». وتابع «لقد أتيت للحج وأنا لا أشكو من أي مرض أو علة، فالحمد لله طوال حياتي لم أعان أي أمراض وأتمتع بصحة جيدة وأستطيع أن أحج سيرا على الأقدام من أجل زيادة الأجر والثواب في هذه الأيام الفاضلة».