أشجار «الجاكرندا»    63 ترخيصاً صناعياً جديداً.. والإنتاج في 103 مصانع    حرب «الرسوم الجمركية»    قوانين لحماية التماسيح    نجوم سعودية في سماء العالم    جوزيه قوميز: مواجهة الخليج هي الأهم.. ونسعى لإنهاء الموسم بأفضل صورة    الزمالك يحول زيزو للتحقيق بسبب التوقيع للأهلي    موسم رايكوفيتش مهدد بالانتهاء    ردود أفعال اللاعبين على إضاعة الفرص حقيقة أم تصنع؟    الفيصلي تراجع مخيف يقلق محبيه... وشبح الهبوط يحوم حوله    طارق كيال: ظاهرة كثرة اللاعبين الأجانب إيجابية وطورت الكرة السعودية    الرافع يعلن انطلاقة فعالية هل كلاك بخير بالزلفي    أعراس زمان    روبوتات الإسعافات الأولية    شركة "لسان الميزان – محامون ومستشارون" تستقبل الدكتور محمد بادغيش في جازان    أمين منطقة القصيم يلتقي مدير مكتب جمعية الوداد الخيرية بالمنطقة    أمانة الطائف تجهز سجادة زهور ضخمة بمنتزه الردف    الاتحاد يتغلّب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    الجاسر ريادة المعرفة والتنوير في قلب الجزيرة العربية    مستشفى أحد رفيدة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للصحة"    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    شرطة الرياض تقبض على (4) أشخاص لإطلاقهم النار في الهواء بمكان عام    هيئة تقويم التعليم والتدريب تُتيح تقارير أداء المدارس لأكثر من مليوني ولي أمر    الوحدة يكسب ضمك بهدف في دوري روشن للمحترفين    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وهيئة التراث توقعان مذكرة تفاهم    ضبط 7 إثيوبيين في عسير لتهريبهم 180 كجم "قات"    إعادة توطين 124 من طيور الحبارى النادرة في محمية الملك سلمان الملكية    475 ألف غرفة مرخصة في المرافق السياحية بنهاية 2024    4 متوفين دماغيا ينقذون حياة 8 مرضى    نمو قياسي في إنفاق السياحة الوافدة بمنطقة عسير خلال عامين    زيلينسكي يتهم روسيا بتجنيد مقاتلين صينيين بشكل "ممنهج"    جامعة الأميرة نورة تمنح حرم خادم الحرمين الأميرة فهدة آل حثلين درجة الدكتوراه الفخرية في المجال الإنساني والأعمال الاجتماعية    مشروع الأمير محمد بن سلمان يُجدّد مسجداً عمره 13 قرنًا    الحياة الفطرية تُطلق 25 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    الإحصاء تنشر نتائج مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي لشهر فبراير    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    محافظ أبو عريش: إنجاز الكواكب مشرف    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    كنوزنا المخبوءة    جمعية الإدارة الصحية بالشرقية تقيم «عيدنا أنتم 5»    آل أبو نار وآل الشدوخي يتَلقون التعازي في فقيدهم علي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الاحتلال يقتحم نابلس موسعا عدوانه بالضفة الغربية    اعتبرها مراقبون ممارسة لإستراتيجية الضغط قبيل التفاوض.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران    ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية    أسرتا الصفيان والعديلي تحتفلان بزواج «محمد»    الحسد    حين يتصدع السقف    مملكة الخير وميلاد قطب جديد    "جوازك إلى العالم" يحتفي بالجالية السودانية في الخبر    الكوليرا تحصد الأرواح في جنوب السودان    الغارات الأمريكية مستمرة لإسقاط الحوثيين    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !
نشر في عكاظ يوم 02 - 06 - 2024

في البدء، اسمحوا لي بالتنويه بأن مقال الأسبوع الماضي كان بعنوان: إسرائيل.. «مكيدة» صليبية- استعمارية حاقدة؟ لكنه نشر بعنوان: إسرائيل... استعمارية حاقدة؟ ربما لخطأ مطبعي. فالدين حاضر بقوة في العدوان الصهيوني، كما سنوضح اليوم. ظهر الدين اليهودي عام 1275 ق.م. تقريباً، على يد سيدنا موسى (عليه السلام)؛ أي بتاريخ رحيل سيدنا موسى (عليه السلام) من مصر. ومن ثم تبلور صدور كتاب «التوراة»، بأسفاره الخمسة الأولى. بينما ظهر الدين المسيحي، وكتابه «الإنجيل»، على يد سيدنا عيسى (عليه السلام) في حوالي سنة 32 ميلادية. وذلك كان قبل ستة قرون من بعثة خاتم الأنبياء الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم. التوراة يسمى ب«العهد القديم»، والإنجيل ب«العهد الجديد». ومعروف، أن المسيحية تنقسم الآن لعدة مذاهب؛ أهمها الكاثوليك، والبروتستانت. اليهود لا يؤمنون إطلاقاً بالإنجيل، بينما على المسيحي أن يؤمن بالكتابين؛ العهد القديم، والعهد الجديد.
من الضروري للعرب والمسلمين بخاصة، أن يفهموا العلاقة البالغة الخطورة بين ما يسمى ب«المسيحية الصهيونية»، والحركة الصهيونية (اليهودية) الإجرامية، بسبب ما تنزله هذه العلاقة، وهذا التعاون المرعب المشترك، من جراح ونكبات بالعالمين العربي والإسلامي. فما الذي يربط هذين الطرفين، ويجعل منهما تحالفاً واحداً، ضد المصالح العربية والإسلامية العليا؟! هذا ما سوف نوجزه فيما يلي:
إن العلاقة (الدينية والسياسية) بين هذين الطرفين (الصهاينة والمسيحيين البروتستانت بخاصة) معقدة، ومتشعبة، ناجمة من إيمان معظم البروتستانت بما جاء في التوراة من «نبوءات»؛ منها إعادة بناء الهيكل، وعودة المسيح إلى فلسطين، حيث بعث أصلاً، ولا يؤمن كثير من المسيحيين الكاثوليك بذلك، وكانت علاقاتهم باليهود متوترة، لكنها تحسنت عندما برأ زعيمهم البابا بولس السادس اليهود من تهمة قتل اليسوع، صلباً. ومعروف، أن اليهود إن لم يقتلوا عيسى (عليه السلام) فقد حرضوا على قتله.
ولكن التوتر بين إسرائيل والطائفة الكاثوليكية بدأ يتصاعد، عندما عقدت الكنيسة الكاثوليكية (برئاسة بابا الفاتيكان) في نهاية شهر أبريل 2024م، اجتماعاً بشأن ما يجري في غزة من حرب إبادة جماعية صهيونية، ضد الفلسطينيين العُزَّل، ودعت فيه إسرائيل لإنهاء احتلالها لفلسطين، والتوقف عن استخدام الكتاب المقدس، لتبرير احتلال اليهود لفلسطين، وطرد أهلها من ديارهم. وجاء في البيان: «إن ما يجري بفلسطين هو احتلال سياسي، لا يمكن أن يتم باستخدام الإنجيل، لتبريره. حيث يُطرد الفلسطينيون من بلادهم، التي عاشوا فيها منذ 1400- 1600 سنة. إذ طرد وشرد حوالي 4- 5 مليون فلسطيني من أرضه، وجيء بحوالي خمسة ملايين يهودي، من مختلف الأصقاع، ليحلوا مكانهم»...؟!
في الماضي، أعتبر اليهود، في رأي المسيحيين، «فئة ملعونة»... لأن منهم من قتل السيد المسيح. وكانوا يعامَلون بازدراء. إذ تسببوا في حصول مشاكل لا حصر لها في البلدان التي تواجدوا فيها، خاصة في أوروبا. وقد طردوا من كل البلاد التي أقاموا فيها، بسبب خبثهم، وجشعهم. ولم يقبلوا إلا في بعض البلاد العربية. وبمجيء القرن الخامس عشر، وبعد حركة الإصلاح الديني في أوروبا، التي تزعمها «مارتن لوثر»، ظهرت طائفة مسيحية جديدة، هي طائفة البروتستانت، التي تقدّس التوراة، كما تقدّس الإنجيل؛ الأمر الذي جعل صورة اليهود تتحسن قليلاً لدى هذه الطائفة بخاصة. فتحول اليهود، في نظر البروتستانت، من «فئة ملعونة» إلى «أبناء الرب». ولكن الكاثوليك تحفظوا على هذا التحول. أما الأرثوذكس (معظمهم في أوروبا الشرقية) فما زالوا على نظرتهم السابقة لليهود واليهودية.
****
أما مصطلح «المسيحية الصهيونية»، فنشأ في القرن العشرين، بقيادة الجماعات البروتستانتية الإنجيلية بأميركا. ويمكن تعريفها بأنها: المسيحية التي تدعم الحركة الصهيونية؛ ممثلةً في إسرائيل. وترى ضرورة تقديم أقصى ما يمكنها تقديمه من مساعدة، لتحقيق قيام إسرائيل، و«عودة اليهود» إلى فلسطين «أرض الميعاد»، لإعادة بناء الهيكل اليهودي في الموقع الذي يقوم فيه الآن المسجد الأقصى؟! وهم يرون أن ذلك لا يمكن عمله، إلا بالسيطرة الكاملة على كل فلسطين. ويعتقدون أن القيام بذلك «واجب ديني، يجلب البركة للجميع، يهوداً ومسيحيين». وإتمام هذا العمل (رغم ما فيه من أضرار فادحة بالآخرين) يعجّل بالعودة الثانية للمسيح، الذي يعود، ويقيم مملكة له، تستمر ألف عام، قبل نهاية العالم...؟!
ويعد «ثيودور هيرتزل»، مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة، أول من استخدم مصطلح «المسيحية الصهيونية»، على نطاق واسع، رغم أن دوافعه لم تكن دينية. فقد كان قومياً علمانياً. ولذلك، كان مستعداً لقبول استيطان اليهود في أوغندا، أو كندا، أو الأرجنتين. أما المسيحيون الصهاينة في أمريكا، وغيرها، فقد نادوا منذ البداية، بكون فلسطين وطناً لليهود، واعتبروا ذلك شرطاً ل«عودة المسيح»، وحولوا «المسألة اليهودية» من إطارها السياسي الى الإطار العقائدي. لذلك، انتقدوا موقف «هيرتزل»، وبعض ما جاء في المؤتمر الصهيوني المنعقد في بازل، سنة 1897م.
****
ياله من تحالف مرعب، يسمونه «التحالف المقدس». ورغم عدم إيمان اليهود الصهاينة بالإنجيل، وما ورد فيه، إلا أنهم وجدوا في هذه الطائفة المسيحية (البروتستانت)، من يؤيد إجرامهم، ويمدهم بكل ما يحتاجونه لتنفيذ مشروعهم الاستيطاني الاستعماري الغاصب، وعلى حساب شعبٍ بأكمله. إننا هنا أمام جريمة كبرى، البعض يعتبرها «جريمة العصر»، تُرتكب أمام مرأى العالم ومسمعه، بغطاء ديني مصطنع، فلا يوجد أي دين يقبل أن ترتكب باسمه هذه المظالم، ناهيك عن دينٍ يحض عليها.
إن الكيان الصهيوني الذي أقاموه بفلسطين لم يبن على أي حق، أو أساس صحيح وصلب، مهما حاولوا إبقاءه حياً، متربصاً. ويمكن وصفه -مرة أخرى- بالصفات الرئيسة التي يستحقها فعلا، فهو كيان: غازٍ، سارق، محتل، معتد، ظالم، متآمر، قاعدة استعمارية غربية، توسعي، مؤذٍ لمن حوله، إرهابي، عنصري، مرتكب للمجازر وحروب الإبادة الجماعية... إلخ. ويعمل كل ذلك باسم الدين، والدين منه براء، خاصة إذا سلمنا بأن ما جاء في التوراة، إن صح، يقصد به يهود ذلك الزمان. وليس «الأشكناز»، ويهود الغرب. وسلوك إسرائيل، منذ قيامها، يثبت كل صفة من هذه الصفات الفظيعة، التي توصف بها، من قبل المنصفين في العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.