يحل علينا يوم الثاني والعشرين من كل عام ومعه تاريخ كتبته عزيمة الرجال وهمة الأبطال، عن وطنٍ بدأ بفكرة نفذها الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - من الدرعية لتكون اللبنة الأولى، واكتملت بقرارٍ «توحيدي» جمع الشتات، أعلنه حفيده الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه. وما بين التأسيس والتوحيد مرّ الوطن بمراحل تغلّبت فيها النجاحات على العثرات بفضلٍ من الله سبحانه وتعالى ثم بحكمة وتخطيط القادة الأشاوس الذين تعاقبوا على قيادته، والذين كان كل منهم يكمل ما أنجزه سلفه ثم يضع بصمته الخاصة به؛ ليستمر البناء بشكلٍ تصاعدي، النظرة فيه دائماً للأمام، إلى حيث ملتقى الأمم الحضاري الذي جعل العالم رغم اتساعه كتلةً واحدة، ما يحدث في طرفها يؤثر على عمقها. إن ذكرى «يوم التأسيس»، هي قراءة تتبعيّة فيها أسئلة تبدأ ب«كيف نشأ هذا الوطن؟ ومن أين؟ وإلامَ وصل؟»، وإجاباتها مزيج من الدهشة والاعتزاز والفخر بقادة وشعب حملوا أرواحهم على أكفهم وحققوا ما يشبه المعجزة في التاريخ الحديث، إذ أصبح الوطن في سنواتٍ قليلة دولةً عظمى مترامية الأطراف، غدت بسياستها واقتصادها وقيمها وعدلها وحبها للسلام ومساعدتها للمعوزين قطباً مؤثراً في القرار العالمي، تتجه إليها أنظار العالم طلباً لحل الكثير من مشكلاته. ومما يميز هذه الدولة، أن تكاتف شعبها مع قيادتها حصَّنَها من الفتن التي ضربت كثيراً من الدول المحيطة بها، وكأنها عمليّةُ إثباتٍ أن ولاء الشعب السعودي لوطنه وقيادته ليس سلعةً تُباع وتُشترى، بل هو مبدأ رسّخه الأجداد منذ التأسيس في نفوس الأحفاد، فتحوّل إلى جينات يتفرّد بها السعودي الأصيل عن غيره، تجعل المحافظة على أمن وطنه فرض عين. هذا اليوم وقفةٌ نستذكر فيها تأريخ دولة عصامية منذ النشأة إلى عصرنا الزاهر، الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين - أطال الله في عمره - بمساعدةٍ من صاحب الرؤية ولي عهده أميرنا المحبوب محمد بن سلمان - حفظه الله - وكُلُّنا فخرٌ بما تحقَّق وما سيتحقق في قادم الأعوام.. حفظ الله وطننا وأعاد عليه هذه الذكرى وهو في أمنٍ وأمانٍ ورخاءٍ وعزةٍ وشموخٍ.