مهما كانت المعالجات الدولية والإقليمية للأزمة الدائرة حالياً في السودان، والمتمثلة في مواجهات عسكرية بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذا لم تكن هناك إرادة سودانية داخلية في احتواء هذه الأزمة، فتبقى أي حلول وافدة من الخارج مجرد مسكنات وقتية، وأداة بيد قوى دولية تحركها متى شاءت وبما يتوافق مع مصالحها في المنطقة.ورغم التحركات من قبل جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، لن تعود الحياة الآمنة المستقرة للسودان، ما لم تأت الحلول من الداخل السوداني، وبتوافقات بين جميع المكونات، وعن قناعة تامة بضرورة إخماد الأزمة بين العسكر، والبناء عليها لتأسيس سودان جديد قادر على النهوض والخروج من الفوضى والاحتراب إلى فضاء أرحب من الأمن والأمان والاستقرار. المسؤولية التاريخية تقع على عاتق القوى العسكرية والنخب السياسية والاقتصادية، المطالبة اليوم بتأكيد رفض التدخلات الخارجية الأجنبية، والسير نحو تحقيق مصالحة وطنية، تخمد نار الفتنة من خلال وقف فوري للمواجهات العسكرية، التي لا تتناسب مع طموحات وآمال وتطلعات الشعب السوداني الطيب، الذي يبدو أنه حتى اليوم ضحية النزاع المستعر على كرسي السلطة. استكمال العملية السياسية في السودان، والبناء على ما تم التوصل إليه أمر مهم للغاية، بعد حل الأزمة الحالية التي إن استمرت فربما تبقى المواجهات لسنوات طويلة، وقد تنضم إليها مكونات سودانية أخرى ليتحول الصراع إلى مليشياوي يضر بكل السودانيين. على السودانيين أن يثبتوا للعالم أنهم قادرون على حل أزمتهم دون تدخلات خارجية، وأن تجتمع كل القوى لاتخاذ ما تراه مناسباً من قرارات وإجراءات حتى وإن كانت موجعة، طالما تستطيع تشخيص المشكلة، وإيجاد الحلول المناسبة لها، خصوصاً إذا كانت مدعومة شعبياً.