مزيد من الانتكاسات تواجه مساعي ابتكار لقاح ناجع لفايروس كورونا الجديد. وألقى البنك الدولي بثقله أمس الأول وراء الجهود الرامية لإنتاج المصل المنشود. فقد أعلن بيان أصدره رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس تخصيص 12 مليار دولار لمساعة الدول النامية على شراء وتوزيع اللقاح، وتعزيز الفحوص، والعلاجات؛ على أمل أن يسفر ذلك عن توفير مصل واق لنحو مليار نسمة. وذكر البيان أن هذا المبلغ جزء من صفقة تشمل تخصيص 160 مليار دولار لمساعدة البلدان النامية على مكافحة تفشي الفايروس. وقالت مؤسسة التمويل الدولي- الذراع المالية الخاصة بالبنك الدولي- إنها قررت تخصيص 4 مليارات دولار للشركات التي تنتج اللقاحات، لمساعدتها في تسريع جهودها الرامية لإنقاذ البشرية من الوباء. غير أن الطريق إلى اللقاح لم تخل من انتكاسات. فبعد نحو 24 ساعة من إعلان شركة جونسون آند جونسون الدوائية العملاقة تعليق تجارب تجريها على لقاح واعد، بسبب مرض متطوع خضع للتطعيم؛ أعلنت شركة إيلي ليللي الدوائية الأمريكية وقف تجارب سريرية تجريها على كوكتيل من الأجسام المضادة لمنع تدهور المصابين بكوفيد-19، إثر إصابة أحد المتطوعين بمرض غير معلوم. وتفاقم القلق أمس حيال سلامة اللقاحات المأمولة، خصوصاً في ضوء ضغوط سياسية لطرحها في الأسواق قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية التي ستجرى في الثالث من نوفمبر القادم. ورأى علماء أمس أن تعليق التجارب المشار إليه يؤكد أن شركات صنع الأدوية والأمصال تحتكم إلى الضوابط العلمية الصارمة، وليس من السهل أن تستجيب للضغوط السياسية. ورجح الرئيس التنفيذي لشركة ايلي ليللي ديفيد ريكس، في مقابلة أمس، أنه حتى بعد ظهور لقاح ناجع، ودواء شافٍ؛ فإن كوفيد-19 سيكون مرضاً مستوطناً ومتفشياً في أرجاء العالم. وزاد أنه سيظل يشكل تحدياً للبنى الصحية في كل البلدان. وأوضح ريكس أن العالم بحاجة إلى اللقاح والدواء في آنٍ معاً. وأشار إلى أن إنتاج اللقاح محفوف بتحديات كبيرة، كضمان إنتاج كميات كافية منه، والتأكد من مأمونيته، وتوعية البشر بشأنه. وأضاف أن أي لقاح يظهر لن يوفر مناعة لأكثر من 50%-60% ممن يتم تطعيمهم به. وشدد على أن العلاج بالأجسام المضادة هدفه منع تدهور حالة المصاب، وليس تحقيق الشفاء الكامل. وفي بريطانيا، قال رئيس فريق التجارب الجارية على لقاح جامعة أكسفورد أندرو بولارد الليل قبل الماضي إنه ستكون هناك حاجة ماسة إلى ارتداء الكمامات، والحفاظ على التباعد الجسدي حتى حلول الصيف القادم. وزاد أن الإرشادات الصارمة ينبغي أن تظل مفروضة حتى لو ثبت نجاح اللقاحات الجرية تجربتها في أنحاء العالم. وأعرب عن أمله بأن تنتهي التجارب السريرية على لقاح جامعة أكسفورد بحلول نهاية هذا العام. لكن بروفيسور بولارد أكد أن الحياة لن تعود إلى طبيعتها حتى الصيف القادم، على أقل تقدير. وزاد: قد نكون بحاجة إلى ارتداء الكمامات حتى يوليو 2021. وقال بولارد: إذا نجحت تجاربنا وثبتت نجاعة اللقاح فتلك هي أفضل سبيل للتحكم في الفايروس. ولكن على المدى المتوسط سنظل بحاجة إلى علاجات أفضل. متى ستعود الحياة لطبيعتها؟ حتى لو وفرنا اللقاح لكل شخص، فبنظري ليس من المحتمل أن نكون في وضع جيد يتيح لنا تعليق تدابير التباعد الجسدي. وأوضح البروفيسور بولارد أنه لا يمكن تحقيق السلامة التامة من الفايروس ما لم يتحقق مستوى عالٍ من المناعة لدى سكان البلاد. ولذلك سنظل بحاجة إلى ارتداء الكمامة، واتباع قاعدة التباعد من دون تغيير. ويذكر أن لقاح جامعة أكسفورد هو واحد من 9 أمصال فقط وصلت إلى مرحلة إجراء التجارب السريرية الموسعة (المرحلة الثالثة والأخيرة قبل الحصول على الموافقات النهائية). وعلى صعيد متصل؛ قالت المسؤولة الحكومية البريطانية عن برنامج التطعيم كاين بينغهام أمس إن فرص إتاحة لقاح جامعة أكسفورد قبيل حلول أعياد الميلاد «ضئيلة جداً». وأعربت عن أملها بأن تظهر نتائج التجارب السريرية نجاعة اللقاح بحلول نهاية العام الحالي. لكنها قالت: ليست هناك أي ضمانات. وكان كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية سير باتريك فالانس قال الشهر الماضي إنه في حال إتاحة لقاح جامعة أكسفورد بحلول نهاية 2020، فسيخصص في البداية للأشخاص ذوي المخاطر المرتقعة، كالكوادر الصحية، والمسنين، والمصابين بأمراض مزمنة.