يستعد 1100 من البريطانيين للتطوع بحقنهم بفايروس كورونا الجديد، باعتبارهم جزءا من آخر مرحلة من التجارب السريرية التي يجريها علماء جامعة أكسفورد على لقاح طوروه في مختبراتهم، لوقف نازلة كورونا. ومن المفارقات أن جميع المتطوعين الذين وافقوا على أن يُصابوا بالفايروس ظلوا طوال الأشهر الخمسة الماضية يتفادون الفايروس نفسه! وجميع هؤلاء الأشخاص دون سن ال30. وقال بعضهم إنهم قرروا التطوع، مخيبين رجاءات آبائهم وأمهاتهم، الذين يعارضون موافقتهم على الإصابة المتعمدة بالفايروس الشرير. لكنهم أكدوا أيضاً أنهم درسوا جيداً المآلات المحتملة لإصابتهم، ومنها الموت بالطبع. غير أن هدفهم، حتى لو تسببت الإصابة في وفاتهم، أن يتم إنتاج لقاح قادر على وقف العدد المتزايد من الوفيات الناجمة عن الوباء. وكان فريق علماء أكسفورد أعلن في 20 يوليو الماضي نجاحه في تحقيق «اختراق»، من خلال نجاح جرعتين من اللقاح في توليد أجسام مضادة للفايروس. وتقوم شركة أسترازينيكا البريطانية بتصنيع اللقاح بكميات تجارية ضخمة. وقبل إنتاج هذا اللقاح بكميات ضخمة، لا بد من إجراء تجارب سريرية ثالثة لمعرفة الإجابة على سؤال حيوي: هل سيقوم هذا اللقاح بمنع العدوى بكوفيد-19؟ أم أنه سيخفف أعراض المرض فحسب؟ وكانت قائدة فريق البحث العلمي بالجامعة البروفيسورة سارة غيلبرت أول المتطوعين بالخضوع للتطعيم، ومعها توائمها الثلاثة البالغين من العمر 22 عاماً. وبالطبع فإن تجربة أي لقاح تثير السؤال المتجدد: هل تسمح أخلاقيات الطب بأن يتم حقن البشر بالفايروس المراد حمايتهم منه؟ والرد هو أنه إذا كان هناك دواء ناجع للمرض المارد الوقاية منه، فإن أي تجارب سريرية من هذا القبيل تعتير غير أخلاقية. وبالطبع، ليس هناك دواء لكوفيد-19 حتى الآن. ويذكر أن معهد جينر بجامعة أكسفورد، حيث تم ابتكار لقاح كوفيد-19، يحمل اسم الطبيب البريطاني إدوار جينر، الذي اكتشف مصل الجدري خلال القرن الثامن عشر، بعد تجربة أجراها على نجل عامل حديقته. ويشترط علماء الأمراض المُعدية أن تجرى تجارب اللقاحات على ما لا يقل عن 10 آلاف متطوع، ويتم رصد ما يحدث لهم بعد التطعيم لمدة 14 يوماً. ويتيح ذلك للعلماء الحصول على تفاصيل دقيقة تتعلق بمستوى المناعة التي خلّفها المصل. والفترة الأمثل للحصول على نتائج تتسم بالشمول هي عام. غير أن العالم الآن لا يستطيع الانتظار أطول من بضعة أشهر، بعدما تجاوز عدد المصابين بفايروس كوفيد 20 مليوناً، فيما قفز عدد الوفيات إلى ما يزيد على 734 ألفاً.