ترعبني قضايا الضبط لدى جهاز هيئة الأمر بالمعروف، ومصدر الرعب كثافة تلك القضايا على مستوى الأرقام، إذ يشير آخر تقرير سنوي لهذا العام إلى أن الهيئة باشرت 210000 قضية ضبط، وأن الجهاز أنهى 180 ألف قضية بالتعهد والنصح. وهذه الآلاف المؤلفة تشعرك برعب حقيقي، فإذا كانت البلد تضج بكل هذه القضايا فهناك خلل ما، خلل في المجتمع أو خلل في تقرير الهيئة، ويمكن إضافة سبب يقلل من رعبنا يتمثل في القضايا التي يباشرها رجال الهيئة ونوعية المخالفات المرتكبة، ولأن (الدفتر مفتوح) فلا ضير من تسجيل أي شيء على أنه مخالفة وبالتالي تكون النتيجة هذه الأعداد المهولة من القضايا، بمعنى آخر كانت القضايا المضبوطة عبارة عن اشتباهات قائمة على الظن وليس على اليقين، كما أن بعض تلك القضايا كانت تقوم على نية الترصد والإيقاع. وإذا وضعنا نقد بعض أعضاء الشورى على التقرير السنوي لجهاز الهيئة فسوف نمضي مع ذلك النقد بأن الجهاز لديه حالة من التشدد في عمليات الضبط للوقائع، وهو الأمر الذي ركز الإعلام والكتاب عليه لإظهار تشدد رجال الميدان سواء كانوا من الجهاز أو من المحتسبين، ولنضرب صفحا عما مضى من عمليات ضبط -سابقة- تأذى منها خلق كثر فنحن أبناء اليوم.. وبعد اعتماد التنظيم الجديد الذي يحدد عمل جهاز الهيئة مع إحالة اختصاص الضبط ومباشرة المخالفات لمراكز الشرطة ومكافحة المخدرات وبالتالي فلن نقرأ في السنة القادمة أن هذين الجهازين باشرا ضبط 210000 قضية وقتها سوف نتفهم أن ما يكتب ليس شرطا أن يكون واقعا. لنبدأ من أول السطر. جهاز هيئة الأمر بالمعروف هو جهاز ضخم وله ميزانية ضخمة جدا وبقاؤه على هذا الوضع (بعدما خفف عنه حمل الضبط) تكون رؤية بعض أعضاء مجلس الشورى رؤية صائبة حينما نادوا أو طالبوا بدمج الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ولأن الأعمال بين الجهتين متناغمة ومتسقة في عملية الحسبة، فالدمج يحقق أمورا عديدة تمكن الجهتين من إعادة الهيكلة والأهداف المتوخاة من عملية الحسبة. وفي هذا الدمج يمكن الاستفادة من الوظائف الشاغرة في الهيئة بتوظيف الإناث والذكور الطالبين للعمل، كما يمكن القضاء على الثقب الذي أساء لجهاز الهيئة والذي كان ينز منه أعداد كبيرة من المحتسبين.