الحياة الزوجية بداياتها مثل سفينة تسير في عرض البحر، تتسارع أمواجه فيهدأ تارة وتارة أخرى تعتريه أمواج عاتية هائجة يمكن ان تغرق السفينة ، ان كان ربانها يتصف بالرعونة ويفتقر إلى الحكمة ، أما إن كان رزينا متوازنا فهو يجيد التصرف بمهارة ان اتبع منهج الكتاب والسنة بحذافيره في قيادة تلك السفينة . تعلمنا ان الحياة الزوجية هي سكن ومودة ورحمة بين الزوجين ولا تستقيم إلا بها مجتمعة وعلى كلاهما ان يحتملا هموم الحياة وكدرها وكبدها ، وان هبت ريح تعكر صفو حياتهما فعلى كل منهما ان يلين ويرفق بالاخر ، ويقتربا من بعضهما البعض ويتنازل كلا منهما قدر الإمكان للآخر ، دون مذلة حتى ترسو سفينتهم على شاطئ الامان ، مستخدمين مجادف الاحترام والتفاهم المتبادل بينهما بكل ود وحب ورفق ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ان الله تعالى رفيق يحب الرفق ويعطي عليه مالا يعطي على العنف ). لقد تناولت وسائل الاتصال المسموعة والمقروءة ومواقع التواصل الاجتماعي خبر تحديد عقوبة للزوج الذي يضرب زوجته بغرامة مالية وحبس ، فمنهم من سخر من هذه العقوبة وكأن المرأة دابة يجوز ضربها وقت شاءوا وحتى الدواب لا يحق لنا ضربهم وإيذائهم فلقد أمرنا بالرفق بهم ، وأطلق بعضهم العنان للنكات وماشابه ذلك إنقاصا لحق تلك المرأة صاحبة القلب الكبير، و آخرون انتقدوا العقوبة كماً وكيفاً فاستكثروها على أنفسهم، وليكن في معلوم الجميع ان هذا الإجراء اتخذ للذكور الذين ينطبق عليهم القول " من امن العقوبة أساء الأدب " وليس لمن اتقى الله في زوجته ولا أنكر أن هناك آخرون أيدوا العقوبة و أشادوا بها لأنها سوف تسهم في الحد من التجاوزات اللامتناهية من قبل البعض في حق زوجاتهم . أوجه سؤالي للفئتين الساخرة والناقدة كيف يكون الوضع أن كانت ابنتك أو أختك هي تلك الزوجة المعنفة ان لم تكن والدتك وقد عنفت من قبل والدك ؟! لماذا نزن الأمور بمكيالين ان لنا طالبنا بالحق وان علينا تجاوزنا عنه ؟ الا تعلم من الزوجة ؟ هي التي حملت أبناءك وعانت الأمرين في ولادتهم وانشأتهم نشأة صالحه حتى غدوا رجالا ونساءاً يعتمد عليهم فأنت مدين لها ، فلا تكون رجلاً عليها بل كن رجلا لها ، فهي تنتظر منك كل الحب والعطف والحنان . فلقد خلقت من ضلعك لتكن قريبة من قلبك لا قريبة من قبضة يدك ! اليوم هي زوجتك فأكرمها لتُكرم غدا ابنتك . لن ننكر أن هناك زوجات يجوز إن يضربن ولكن متى ؟ عندما تكون ناشزا على ان توعظ مسبقا لعدة مرات ثم تهجر فان لم يجد معها الأمر حينها يجوز ضربها للإصلاح ان كان مرجو إصلاحها من خلال ضربها ، لكي تعود المودة والرحمة والسكن لبيت الزوجية ، وهنا ضرب الزوجة الإذن فيه ليس على إطلاقه وإنما مقيد بنشوزها وان يكون ضربا غير مبرح باستخدام السواك ونحوه ،ولا يجوز الضرب على الوجه وفي الأماكن الحساسة من الجسد ، ولقد روى ابن نافع عن مالك بن يحيى بن سعيد : ( إن الرسول صلى الله عليه وسلم استأذن في ضرب النساء فقال اضربوا ولن يضرب خياركم ) فأباح وندب إلى الترك ، إما الضرب المبرح فقد نهى عنه الشارع حتى وان كان فيه صلاح الزوجة واستقامتها . أيها الرجل اتق الله في زوجتك كن حليماً عطوفاً كريماً ،هي تريدك قلباً وعقلاً وسنداً ، ولا تريدك سوطاً وصوتاً ، تريدك أبا و أخا وعوناً ، لا تريدك آمراً ناهياً متسلطاً، اجعلها ملكة تضعك تاجاً على رأسها . وأنت أيتها الزوجة تذكري دائما انك نصف المجتمع وأنجبت النصف الآخر، فدورك في غاية الأهمية، فأولي اهتمامك لبيتك وأبناءك وزوجك ،و لاتنسي نفسك في خضم الحياة فأنت شريكة حياة ولست عبئا عليها ، اجعلي من نفسك قدوة حسنة لابناءك وهكذا نحصد جيلا صالحا نشأ بين والدين اتقى الله كلا منهما في الآخر . أصدقكم القول لن نغلب ولن نتعب ولن نظلم ولن نشقى ان راقبنا الله في السر والعلن ، بل سنسعد ونرتقي ونسمو ونحيا حياة آدمية تحفها الإنسانية في كل جانب ، ننعم بها مادمنا على قيد الحياة ، ونقطف ثمارها عندما نلاقي الله في علاه ، قليلاً من اللين بعضاً من التنازل شيء من الاحترام مع باقة من الاهتمام ، وكثير من الحب بلا شك سيصل كل من الزوجين إلى مبتغاه . - عذرا على الإطالة ولكن الحديث له شجون -