التربية والأسرة «الزواج الناجح».. من أعظم النعم التي مَنَّ الله بها على عباده من أعظم النعم الإلهية بعد نعمة الإيمان والتقوى أن أنعم الله على عباده بنعمة الزوجية، وفيها ما فيها من معاني الألفة والود والتراحم، ما يساعد على سير الحياة سيراً طبيعياً كما أرادها الله تعالى، لتكون معبراً إلى دار القرار، وطريقاً معبداً يسلكه السائر حتى يصل إلى مراده ومقصوده، وليس أبلغ من التعبير القرآني العظيم في وصف علاقة الزوجية بكونها [الميثاق الغليظ]، وبما تعنيه الكلمة القرآنية من بلاغة وروعة من العهد والقوة والتأكيد الشديد لأهمية الحفاظ عليه والوفاء به. إن الزوجة هي رفيقة الدرب، وشريكة الحياة، والمؤنس في الوحدة، وقد خُلقت ليسكن الرجل إليها، والمرأة بحكم ما أودع الله فيها من أسرار مخلوق وديع، وجنس لطيف تحبه النفس وتتعلق به، وتأنس إليه، وتهش له لكونه مخلوقاً راقياً يحمل من المشاعر الدافقة، والعواطف الكامنة، والأحاسيس الدافئة، والعطاء المتجدد الذي لا نهاية له، ما يجعل الكون جميلاً ولطيفاً في أجوائه وآفاقه. إن من صفات الأزواج والزوجات في الحياة الزوجية أنهما محافظان على حبهما الزوجي، ويحرصان على تنميته وتطويره ليكون متوقداً دائماً، إن هناك كثيراً من الزيجات تفاجأ بموت الحب بين الطرفين، فتصبح علاقتهما الزوجية علاقة جافة قاتلة، ولولا الأبناء لما استمرا في زواجهما، ولكن هناك صنف آخر يشع الحب من نفسيهما من خلال العبارات والنظرات والإشارات. حب وعاطفة إن العلاقة الزوجية ليست فقط مشاعر الحب والعاطفة، ولكنها أيضاً الاستعداد للتضحية، أو التصرف لمصلحة الطرف الآخر على حساب المصلحة الشخصية، ويجب أن نميز بين مشاعر الحب وأعمال الحب، فالمشاعر مهمة وأساسية إلا أن أعمال الحب من التضحية والبذل للآخر من شأنها أن تحافظ على العلاقة السعيدة والدافئة. ومن وسائل تنمية المودة والمحبة بين الزوجين ما يسمى بأعمال المودة والحب، تلك الأعمال التطوعية التي تنم عن المحبة الكبيرة والتقدير العظيم للطرف الآخر كمفاجأة غير متوقعة أو دعوة عشاء خارج المنزل، أو ورقة في كتاب في كلمة حب. وكثير من الأمثلة التي تخطر في ذهن المحبين والعروسين الجديدين، وتشير هذه الأعمال إلى اهتمام الواحد بالآخر، وأنه يفكر فيه. كما أن مودة الزواج وحبه أكثر عمقاً في واقع الحياة، إن الحب يكبر مع كبر الزوجين، ومع مواجهتهما لمشكلات الحياة وتحدياتها، ومع اشتراكهما معاً في التغيير والتكيف مع علاقتهما المتغيرة باستمرار. شجرة الحب إذاً يمكن القول إن الحب هو كبذرة زُرعت في أرض خصبة، تُسقى بماء المشاعر الفياضة وتُحدَّث بأعمال الحب الكثيرة ولا بد لها من زمن حتى تستقر شجرة كبيرة فارهة الطول عظيمة الأغصان، تتجاوز كل المحن والصعوبات. وهناك عشر وسائل لتنمية الحب والمودة بين الزوجين، وهي: 1- تبادل الهدايا حتى إن كانت رمزية، فوردة توضع على وسادة الفراش قبل النوم، لها سحرها العجيب، وبطاقة صغيرة ملونة كتب عليها كلمة جميلة لها أثرها الفعال، والرجل حين يدفع ثمن الهدية، فإنه يسترد هذا الثمن إشراقاً في وجه زوجته، وابتسامة حلوة على شفتيها، وكلمة ثناء على حسن اختيارها، ورقة وبهجة تشيع في أرجاء البيت، وعلى الزوجة أن تحرص على إهداء زوجها أيضاً. 2- تخصيص وقت للجلوس معاً لإنصات بتلهف واهتمام للمتكلم، وقد تعجب بعض الشراح لحديث أم زرع من إنصات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة الطويل وهي تروي القصة. 3- النظرات التي تنم عن الحب والإعجاب، فالمشاعر بين الزوجين لا يتم تبادلهما عن طريق أداء الواجبات الرسمية أو حتى عن طريق تبادل كلمات المودة فقط، بل كثير منها يتم عبر إشارات غير لفظية من خلال تعبيرة الوجه، ونبرة الصوت، ونظرات العيون، فكل هذه من وسائل الإشباع العاطفي والنفسي، فهل يتعلم الزوجان فهم لغة العيون؟ وفهم لغة نبرات الصوت وفهم تعبيرات الوجه، فكم للغة العيون مثلاً من سحر على القلوب؟ 4- التحية الحارة والوداع عند الدخول والخروج، وعند السفر والقدوم، وعبر الهاتف. 5- الثناء على الزوجة، وإشعارها بالغيرة المعتدلة عليها، وعدم مقارنتها بغيرها. 6- الاشتراك معاً في عمل بعض الأشياء الخفيفة كالتخطيط للمستقبل، أو ترتيب المكتبة، أو المساعدة في طبخة معينة سريعة، أو الترتيب لشيء يخص الأولاد، أو كتابة طلبات المنزل، أو غيرها من الأعمال الخفيفة، التي تكون سبباً للملاطفة والمضاحكة وبناء المودة. 7- الكلمة الطيبة، والتعبير العاطفي بالكلمات الدافئة والرقيقة كإعلان الحب للزوجة مثلاً، وإشعارها بأنها نعمة من نعم الله عليه. 8- الجلسات الهادئة، وجعل وقت للحوار والحديث، يتخلله بعض المرح والضحك بعيداً عن المشكلات، وعن الأولاد وعن صراخهم وشجارهم، وهذا له أثر كبير في الألفة والمحبة بين الزوجين. 9- التوازن في الإقبال والتمتع، وهذه وسيلة مهمة، فلا يُقبِل على الآخر بدرجة مفرطة، ولا يمتنع وينحرف عن صاحبه كلياً، وقد نُهي عن الميل الشديد في المودة، وكثرة الإفراط في المحبة، ويحتاج المتمتع إلى فطنة وذكاء فلا إفراط ولا تفريط، وفي الإفراط في الأمرين إعدام للشوق والمحبة، وقد ينشأ عن هذا الكثير من المشكلات في الحياة الزوجية. 10- التفاعل من الطرفين في وقت الأزمات بالذات، كأن تمرض الزوجة، أو تحمل فتحتاج إلى عناية حسية ومعنوية، أو يتضايق الزوج لسبب ما، فيحتاج إلى عطف معنوي، وإلى مَنْ يقف بجانبه، فالتألم لألم الآخر له أكبر الأثر في بناء المودة بين الزوجين وجعلهما أكثر قرباً ومحبة أحدهما للآخر. تجربتي أمي جافة معي مشكلتي أنني بعد أن أكملت المرحلة الثانوية عشت فراغاً كبيراً، حيث فقدت جميع صديقاتي، والآن تعبت نفسيتي بسبب الفراغ.. حاولت أعوض هذا الفراغ بصداقات مع أهلي ووالدي، ولكن للأسف أمي جافة معي، ولم أسمع منها كلمة حنان طوال عمري، ولديها تفكير بأن البنت لا ينفع معها اللين واليسر، بل تنفع معها القسوة، وهذا ما تردده دائماً.. وكلام أمي أثر في تصرف والدي معي، فأنا وأخواتي دائماً على خطأ برأيه، أما الأولاد فخطؤهم مغفور.. علماً بأني أجد منهما الحنان والعطف عندما أمرض فقط، أما خلاف ذلك فلا أجد إلا القسوة.. وجاءتني الصدمة الكبرى بعدم قبولي بالجامعات مما زاد من فراغي، فلجأت إلى النت لأعوض هذا الفراغ.. ودخلت مواقع الزواج عسى أن أجد زوجاً مناسباً، ولكن أغلبهم يكذبون فقط يريدون التعارف، ومع هذا صرت أكلم العشرات منهم عسى أن أجد فيهم صادقاً يتزوجني ولكن لا فائدة، والحمد لله طرحت قضيتي لإحدى الزميلات الملتزمات فأصبحت أذهب معها للمحاضرات وحلق التحفيظ وأخيراً تغيرت نظرتي للدنيا وحظيت بزوج ملتزم وله أخلاق عالية ويحترم الحياة الزوجية. متزوج حديثاً فضيلة الشيخ أنا رجل متزوج حديثاً، أريد منكم بعض النصائح للنجاح في الحياة الزوجية بإذن الله سبحانه وتعالى؟ – الجواب: بارك الله لك وعليك وجمع بينكما بخير. عليك أخي الكريم بتقوى الله في السر والعلن، وأن تحافظ على هذا الزواج، فهو عهد الله بينك وبينها. وأن تحافظ عليها كما تحافظ على نفسك، وأن تجعل المودة والرحمة – التي جعلها الله بينكما – برنامج عمل يومياً.. وإليك بعضها: للحصول على الحب من الطرف الآخر يجب أن تبادر أنت أيضاً بمنح الحب قبل شريكك، فعلى قدر سخاء العطاء من جانبك سيكون مقابله العطاء من الجانب الآخر. ولا تجعل من حياتك الزوجية مع الطرف الآخر فرضاً أو واجباً أو عبثاً، ولكن اجعل الأمر صداقة متجددة وحباً أبديّاً. وأحضر إليها زهرة حمراء، ولاحظ أنها زهرة أكثر شاعرية ورومانسية من غيرها من الأزهار، وهي فعلاً هدية رمزية، وليست باهظة الثمن، ولكنها ستقع في قلب الزوجة موقعاً جميلاً. اصحبها في نزهات؛ فهي ستعني الكثير لكما، تحدث عن أمانيك وأحلامك، ودعها هي أيضاً تحدثك عن أحلامها، وشاركها أفكارها ومشاعرها. وحدثها دائماً عن مقدار سرورك وسعادتك بدخولها إلى عالمك.. احتوها بين أحضانك للحظات حتى تشعرا بحرارة الأحضان، ولكن احذر الروتين الممل، أي بين كل فترة وأخرى. أبدِ إعجابك بطهيها حتى لو لم يكن كذلك، فذلك سيحفزها للأفضل.. استشعر تقوى الله في كل عمل أو كلمة تقولها لزوجتك. لا بأس من تعليمها واطلاعها على ما تحب وتكره من الأشياء. مستشارك ضربت زوجتي حدث خلاف بيني وبين زوجتي بسبب معاملة أهلي، ما جعلني أفقد صوابي عدة مرات، وقمت بإرشادها إلى ما أريد منها، ولكنها مُصرة على ما تريد، ما جعلني أضربها عدة مرات، ومع ذلك تعود للأسباب نفسها التي ضربتها من أجلها. ما هو الحل؟. – أخي الكريم: أذكّرك ونفسي ببعض الأمور التي لا بد من إشعارها دائماً في الحياة الزوجية: أولاها: أهمية الصبر على الأذى الذي يصيب الإنسان، والإنسان لا يعلم متى يكون الفرج، لكنه إن وطنَّ نفسه على الصبر، واحتساب الأجر عند الله؛ انقلبت في نظره المحنة إلى منحة ربانية، ترفع بها درجاته، ويحط بها من سيئاته. الثاني: أنه لا يخلو بيت من عقبات وخلافات بين الطرفين، وقد وقع ذلك في أزكى البيوت، وأشرفها، وهو بيت المصطفى – عليه الصلاة والسلام – مع أزواجه اللائي هن أمهات المؤمنين، فإذا عرف الإنسان ذلك كيف به يطمع في بيت خالٍ من المشكلات والخلافات، ذلك أن الحياة الزوجية عشرة دائمة في جميع الأحوال والأزمان، من فرح وحزن في ليل أو نهار، وحصول الاتفاق بين اثنين في كل شيء من المستحيلات. الثالث: على كل طرف أن يتأمل الجوانب الخيّرة والإيجابية في الطرف الآخر، قال – عليه الصلاة والسلام -: «لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها آخر-، فإذا رأيت حُسن ترتيبها في بيتها وصيانتها لأبنائك، وكرهت منها صفة الغضب مثلاً فاصبر على ذلك، وإذا رأيت منها الحرص على العبادة والعلم مع التقصير في بعض أمور المنزل فاصبر على ذلك، وهكذا. الرابع: إن المرأة خُلقت من ضلع أعوج، وإنك إن ذهبت تصلحه أو تقوّمه كسرته، وإنَّ كسرها طلاقها، فالطمع في الحصول على زوجة كاملة في كل شيء هو من المحال، بل على الإنسان أن يعلم أن مقاصد الزواج تتحقق – بإذن الله- مع التقوى والصلاح. لذا، فإنني أنصحك ونفسي بالصبر والحلم، والتضحية، وعدم الاستعجال في تعديل مسار الزوجة، بل عليك أن تبتهج بأي تحسن في حالة الزوجة، ولو كان هذا التحسن طفيفاً، وعليك أن تشجعها وتذكر لها ذلك إن رأيت منها تحسناً؛ حتى تواصل تغيرها – بإذن الله-، وإياك إياك والضرب؛ فإنه سبيل شر عظيم، ولم يرخص في الشرع إلا في حالات محددة على أن يكون ضرباً غير مبرح، واتق الله فيها، واخش من عقابه إن أنت ظلمتها وآذيتها، واحرص عل الخير الذي أرشد إليه الرسول – صلى الله عليه وسلم – بقوله: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» رواه الترمذي، وتذكر حديث الرسول – عليه الصلاة والسلام -: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه». علاقة مع الخادمة لدي ولد عمره 19 عاماً، اكتشفت أن له علاقة جنسية مع الخادمة، واجهته بالأمر وأغلظت له في القول والزجر، ولكنه أنكر أن له علاقة معها، مع أنني متأكدة من ذلك تماماً، استغرب أن يفعل ذلك فهو من الشباب الهادئ الخلوق، ليست له مشكلات في المدرسة أو الحي، محبوب من الجميع، ولكنه من المقصرين في أداء الصلاة، ومن يومها أصبحت علاقتي معه سطحية، أخبرت والده بالأمر، ولكنه لم يحرك ساكناً، طلبت منه أن يسفِّر الخادمة، ولكنه لم يفعل، فما هو الحل برأيك؟ وجزاكم الله خيراً. – الجواب: أولاً وقبل كل شيء يجب عليكم أن تسفِّروا هذه الخادمة الآثمة من غير رجعة. وأن تهتموا بتقوية الإيمان في قلب ابنكم، وذلك بتشجيعه على حضور مجالس العلم ومصاحبة العلماء والدعاة وطلبة العلم والاهتمام الكبير بأمر الصلاة، والحرص على أدائها في أوقاتها، ولتكونوا الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة له ولباقي أبنائكم. عليكم بإتلاف أي مظاهر للفساد عندكم من دش وأغانٍ وغيرها من الأشياء المحرمة، التي تثير الشهوات وتلهب نارها. عليكم بمتابعة ابنكم متى يخرج ومتى يأتي، ومع مَنْ يخرج ومَنْ هم أصحابه، فلا بد من إبعاده عن قرناء السوء. إحضار الأشرطة الدعوية والكتب الإسلامية التي تركِّز على تقوية الإيمان، وتحض على فعل الطاعات وتحذِّر من فعل المنكرات، خصوصاً التي تتكلم عن الموت وشدته، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والصراط وحدّته والحساب ورهبته، والجنة ونعيمها والنار وعذابها. عليكم أن تأمروا ابنكم بغض البصر عن كل ما حرم الله، امتثالاً لقوله تعالى:»وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم» والإسراع والمبادرة بتزويج ابنكم؛ حتى لا يتورَّط أكثر في الحرام، قال – صلى الله عليه وسلم -:»يا معشر الشباب مَنْ استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه له أغض للبصر وأحصن للفرج ومَنْ لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء». عليكم باللجوء إلى الله والدعاء بصدق وإلحاح أن يهدي ابنكم، وأن يعصمه الله من الشيطان، وأن يبعد عنه الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأبشروا بخير فإن الله هو القائل:»وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان». وأن تشغلوا وقته بما هو نافع ومفيد، من حفظ قرآن وطلب علم، وممارسة رياضة، إلى غير ذلك من الأمور النافعة. تغريدات أسرية – السعادة ثمرة إذا لم تنمو في بيوتنا، فمن العبث أن نبحث عنها في بيوت الناس. – حياتك الأسرية وبيتك مثل الكأس فضع فيه ما تشاء اليوم، فأنت مَنْ يغترف منه غداً.. فضع حلواً ستشرب عسلاً، وضع ليموناً ستشرب حامضاً. – الحب كالسراب نستمتع به عن بعد، ونستمد منه الأمل، وعندما نركض وراءه نتعب، ولاندركه، فعش واقعك ولا تقارن وكن قانعاً، فالعمر مرة ولن يتكرر. – بعد منتصف الليل كل قلب ينضح بما فيه من مشاعر، حنين، أنين، ذكريات! غازي الشمري