أنا شاب متزوج منذ ثلاث سنوات، عند بداية الزواج فكرت في المرأة التي يجب أن تربطني بها علاقة زوجية، فبحثت عن صاحبة الدين والأخلاق، وكما هي العادة في أغلب مشاريع الزواج، اقترحت عليَّ العائلة، فتاةً من نفس البلد الذي أعيش فيه، وقالوا إنها فتاة محترمة ومؤدبة وعلى قدر من الالتزام الديني، وكثرت حولها عبارات المدح والثناء، ذهبت لخطبتها، فوجدتها إنسانة محترمة، ملتزمة، لم أرَ منها إلا كل خير، أبدت فروض الطاعة والولاء منذ فترة الخطوبة، وأنها ستكون لي كما أريد ولن تخالفني في شيء أبداً أو تعصيني، حتى لا أغضب، حيث أن غضب الزوج على زوجته فيه هلاكها وسخط ربها عليها، فكان ذلك منها جميلاً، وداعياً إلى إتمام الزواج، وبعد أربعة أشهر، تم عقد زواجنا، وبدأنا حياة زوجية سعيدة بفضل الله. مكثنا في بيتنا كأسعد زوجين، نتقي الله في أنفسنا، ويحاول كل منا إرضاء الآخر وإيثاره على نفسه، وهذا هو الحب والسعادة، وما هي إلا شهور قليلة، وبدأت الزوجة الكريمة الذهاب إلى بيت والدها لزيارة أهلها، ولأننا نعرف شرع الله، فلم أمنعها من زيارتهم بل كلما أرادت أن تراهم، نفذت لها طلبها وأنا في غاية السعادة، ولكن لم أكن أعلم بأن هذه هي بداية انهيار الحياة بيننا، حيث دخلت علينا المشكلات والتعليقات القريبة، وبدأت تطلب مني أشياء تفوق مقدرتي المالية، وتخالف نهج الحياة الذي اتفقنا عليه، وكلما تذهب لزيارة أهلها تأتيني بشيء جديد، وطلب غير الآخر، مثل بقية أخواتها اللاتي يحرضنها، فلم أقصر معها، وكثرت المشكلات والهموم والاختلافات، وما إلى ذلك، فما كان مني إلا النصح والإرشاد ثم الهجر في المضجع ثم الضرب لأنها لم ترجع إلى رشدها، واحتدم الخلاف على رغم أنني أتقي الله فيها، وسؤالي هو: هل ظلمتها بضربي لها أم لا؟ وهل يجوز لي بذلك طلاقها شرعاً؟ وما هو موقف الطفل الذي رزقنا الله به، هل هو من حقي أم يظل في حضانة أمه على رغم نشوزها؟ إبراهيم - جدة - قال الله تعالى «واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً» النساء 34. فإذا لم تطع المرأة زوجها أو أهملت حقاً من حقوقه، وجب على الزوج أن ينصحها أولاً، فإن لم تنتصح فله السلطة في أن يشتد عليها في معاملتها بحسب الضرورة، فإن لم ترجع إلى رشدها، فله أن يهجرها في المضجع والمرأة المتمادية في عصيانها وعنادها إلى حد أن زوجها غضب منها ثم هجرها ومع هذا لم ترجع عن نشوزها مع علمها بأن هجر زوجها لها إذا استمر أربعة أشهر فستطلّق منه بموجب حكم الله تعالى، وأن بقاءها على عنادها وعصيانها مع علمها بأن نتيجة هذا هي الطلاق، دليل بيِّن في ذاته على أن ليس فيها قابلية حتى للتأديب، أو على الأقل لا تستطيع أن تعيش مع زوجها عيشاً طيباً حسناً، ويُخشى من هذه الحالة أن تضيع الأهداف والمقاصد التي من أجلها يرتبط الرجل بالمرأة، كما أنه يخشى ألا تتحقق المودة والرحمة بين الزوجين اللذين هما على قدر من الخلاف والنفور والعناد. والعقوبة الثانية التي أبيحت للرجل في أقصى الحالات وأشدها هي الضرب، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيّد هذا الضرب فقال «اضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضرباً غير مبرح، ولا يضرب الوجه ولا يقبح». وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم» رواه البخاري. فمن سلطة الرجل إذاً أن يعاقب زوجته بهاتين العقوبتين، غير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيَّن لنا أن هذا العقاب يكون في حالة عصيان الزوجة لزوجها في أداء الحقوق المشروعة، لا أن يصرّ الرجل على أن تطاع أوامره أياً كانت فإذا رفضت المرأة ذلك عاقبها، ثم إنه يجب أن يتناسب العقاب مع نوع التقصير، لأن العقاب بأكثر من حجم الذنب والتقصير ظلم. فإن لم ينفع من ذلك شيء أصبح من حق الزوج تطليق زوجته، فلا شك إذاً في أنها لا ترغب في العيش معه، ويترتب على هذا النشوز سقوط نفقتها الزوجية إذا كانت في بيت أبيها، وإذا وقع الطلاق فتكون حضانة الطفل لأمه حتى يبلغ السابعة من العمر وبعدها تكون الحضانة لأبيه. ولكن يجب أن يكون الطلاق هو آخر الحلول حفاظاً على قدسية الحياة الزوجية والاستقرار الأسري من أجل الطفل.