بمقال سابق حذرت من تهاوي الاقتصاد الإيراني الذي سيجلب ازدياد نقمة الشارع اويؤذن بمفاجآت قد تؤدي لانهيار النظام ؛ بمقال عنوانه (إيران والخيارات الصعبة ) هاهو الشارع الايراني يتأهب وهو الذي يتضور جوعا بينما أمواله يسوقها الريح غربا نحو بشار لنجدته ولابقائه على سدة الحكم حتى لو هلك شعب إيران جوعا , وحتى لو تم إبادة الشعب السوري بالصواريخ الايرانية التي تستخدمها طائرات سلاح الجو السوري , والتي جعلت بشار يتبجح بقوله إما الأسد أو لا أحد . بالأمس مُنيَ الريال الإيراني بأكبر هزة له منذ قدوم الخميني للسلطة على متن طائرة خاصة قادما من منفاه الباريسي بعد أن طرده صدام حسين من النجف تجاوبا مع شاه إيران السابق الذي كان بعهده يتمتع الريال الايراني بقوة يدعمها اقتصاد قوي . ومن المفارقات أن تصريحات رشحت من مسؤولين وزعماء بريطانيين وفرنسيين , ومعهم المرشح للرئاسة الأميركية عن الحزب الجمهوري السيناتور رومني , وكذلك الرئيس الأميركي أوباما , بأنهم لايحبذون سقوط النظام الايراني وفق معطياتهم كونه نظام قمعي مذكرين بالثورة الخضراء التي قمعها بشراسة وأودع خصومه السجون أو الاقامة الجبرية, ويفضلون حسب ما توصلت إليه من تصريحاتهم بقائه ضعيفا أفضل من زواله . هذه المواقف الغربية في حين سعيها الحثيث لمنع إيران من انتاج أسلحة نووية بدافع الاضرار بمصالحها وتهديد الأمن الاقليمي وبخاصة أمن إسرائيل للخطر ,ومن جانب يرون أن لنظام إيران حسنات لن ينسوها , دعمهم حين احتلوا العراق وكافأوه بتنصيب أتباعه حكاما أبديين على العراق , ومن جانب أن دعم إيران لبشار يلتقي بمكان ما مع وجهة النظر الإسرائيلية التي ترى بوجود نظام علماني يقوده حزب البعث أفضل من نظام تعددي حر يقوده اسلاميون , ولذلك يرفض الأميركيون تزويد الجيش الحر بصواريخ ستينجرعن طريق دول تمتلك تلك الصواريخ وقيدت بعدم انتقالها لطرف ثالث إلا بموافقة أميركية ويعرف عن صواريخ ستنجر أنها صائدة الطائرات والتي تطلق من على الكتف وتمتاز بدقة إصابتها لهدفها وهي التي تمكن المجاهدين بأفغانستان تحييد الطيران السوفيتي حيث زودتهم قطر دون موافقة أميركية , تغاضت فيما بعد أميركا عن الخطوة القطرية وإن فعَّلت انتقاداتها إعلاميا آنذاك , كذلك امتنعت فرنسا عن تزويدهم بقذائف صاروخية مضادة للدروع حتى تعطب دبابات جيش الأسد , بالمقابل تم غض الطرف عن واردات السلاح الروسية التي تتدفق عبر البحر المتوسط , وعبر أجواء العراق قادمة من إيران . واستنادا لما سبق من معطيات متناقضة عبر تصريحات أميركية وغربية , يبقى الشعب السوري الذي يقتل بدم بارد مع صمت مريب ,عربي لعدم توفر اجماع ولاستحالة دخولهم بحرب مع سوريا , وغربي مرده أن القادم الذي سيخلف بشار سيكون ذا نهج اسلامي متشدد يشكل خطورة على إسرائيل وأمن المنطقة وسيعبث بالمصالح الأميركية كما هو جارٍ بتونس وليبيا وتلك ذرائع لتغطية مواقفهم الحقيقية بأنهم لايملكون قرار إطاحة بشار المباشرة أو غير المباشرة عبر مد الثوار بأسلحة تحيد طيرانه الحربي دون ضوء أخضر إسرائيلي , وبالتالي سيغضوا الطرف عبر تصريحاتهم الأخيرة عن القمع وبشراسة للشارع الايراني ... فهل يفعلها الشارع الإيراني وقد بلغ السيل الزبى وينتفض بصورة أقوى مما كان بالثورة الخضراء ليسقط النظام الإيراني ويسقط معه ابنه المدلل "بشار" , وعندها سيقف الغرب مع الشعب الايراني فالسياسة ليس لها مذهب والثابت فيها هو المتغير بحسب المصالح , ومن الطبيعي أن للغرب حساباته التي تتعدى إيران وسوريا هل ستجعله يمنع انهيار النظام الايراني بالكامل أم تبقيه ضعيفا ينكفئ للداخل مع ضمان بقاء حلفائه بالعراق ومنعه من انتاج سلاح نووي , أما بشار فسيطويه النسيان , ولن يغامر النظام الإيراني بسلطته من أجل بقاء بشار على حساب ثورة تستمر تستأصل نظام الملالي ,وبالمقابل بالنسبة للغرب سيتم أخذ ضمانات من المعارضة السورية والجيش الحر بابعاد الاسلاميين المتشددين وعناصر تنسب للقاعدة خوفا من وقوع تلك الأسلحة بأيديهم خشية استخدامها لضرب مصالح أميركية أو ضد إسرائيل !!!, مقابل تزويدهم بالأسلحة وأن يقبلوا بالحل التوافقي التدريجي بنقل السلطة لفاروق الشرع وهذا مالمح إليه أوغلو وزير الخارجية التركية الذي أكد أن المعارضة السورية والداخل السوري "الجيش الحر" والمعارضة بالداخل يفضلون هذا الحل لتبقى مؤسسات الدولة السورية وتشكل حكومة انتقالية تنظم انتخابات تشريعية ودستور جديد للبلاد. ننتظر لنرى أيهما يسقط أولا نظام بشار أم نظام الملالي في إيران تحت وطأة انهيارها الاقتصادي , أم أن القدر يخبئ مفاجآت قد يكون من بينها إعلان إيران عن نجاحها بأول تجربة نووية , ونجاح بشار بالبقاء لأجل غير مسمى, وهذا احتمال ضعيف أن يحققه الحليفان و في ظل الغضب الشعبي وتاريخيا فإن الشعوب تنتصر على الطغاة وقد ضحت بدمائها , وبالملايين من شعبها بين قتيل ونازح ولاجئ. 1