قد يبدو السؤال التالي غريباً: لماذا لم يطالب عرفات بتسليم الجنرال شارون، رداً على مطالبة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو تسليم غازي الجبالي، قائد الشرطة الفلسطينية؟ لا وجه للمقارنة، قطعاً، بين الاثنين، فالجنرال شارون شخص منغمس بالجريمة (...)
كان الخطاب العروبي الليبي ومنذ زهاء ثلاثين عاما، أحد السرديات الكبرى في العالم السياسي للعرب، الذي شكلته السياسة بأكثر مما شكله الفكر. وحتى اليوم، لا تزال هذه السرديات تمتلك، بخلاف ما يعتقد، جاذبية غير محدودة، وقدرة بلاغية ربما لا يستهان بها، على (...)
يلاحظ باسكال بروكنر في "اغراء البراءة" ان الاستضحاء هو استراتيجية للتميز، عمل يهدف في النهاية الى الانضمام الى "العائلة المقدسة للضحايا"، بينما يرتأي العالم السوسيولوجي الايراني احسان نراغي "من بلاط الشاه" في تحليله لتجربة مجاهدين خلق، أن الدور فائق (...)
إن تفكيك الديوان الذي يحمل اسم امرئ القيس، فضلاً عن المعلّقة نفسها، سوف يمكِّن الباحث من إعادة رسم صور الشاعر، لا على أساس انها تنتمي الى شاعر بعينه أو تخصه وحده، بل على أساس أنها تخص مجموعة من الشعراء، تعاقبوا في اطار تقليد ثقافي عربي قديم، على حمل (...)
مَنْ هو امرؤ القيس؟ هل هو الشاعر المريض ذو القروح أم هو الأمير المُطالب بعرشه؟ هل هو الملك الضليل ام الأمير الأسير؟ ولماذا سُمّي ب"الملك الضليل"؟ هل هو الشاب الذي طلب دعم القبائل في شمال الجزيرة العربية فخذلته ولم يتمكن من الثأر لدم أبيه القتيل، أم (...)
بغية تفكيك الأسطورة العربية العتيقة عن زرقاء اليمامة، الكاهنة في هجر، تتطلب عناصر الخبر التاريخي معالجة راديكالية، تقوم على أساس نقد مصادر الطبري، ناقل الأسطورة، بإعادة فصل التاريخي عن الأسطوري في مَرْوياته. والأمر، بكل يقين، ينطبق على المسعودي (...)
في الأساطير العربية القديمة" كما في الأساطير الإغريقية، لا بد من نبوءة كاهنة أو كاهن لكي تتحقّق المأساة. ان العنصر الأهم في التراجيديات العربية القديمة والاغريقية متماثل الى حدّ بعيد: يقف الكاهن ليعلن ان الكارثة ستقع، ثم - إثر ذلك - يطلب من الجميع (...)
مع مطالع هذا القرن، بدأت تُسمع فعلياً الرجّات الأولى للزلزال الهائل الذي تختزنه وتعد به "الموجة الثالثة" من التقدم التاريخي للمجتمع البشري. وصار بوسع سكان ضواحي مانهاتن، كما سكان ضواحي دمشق والقاهرة وبغداد والخرطوم، أن يتعرفوا إلى درجة وشدة و"عمق" (...)
تدمر والعماليق
تقوم أسطورة الطبري بخداع متلقيها على مستويين:
أولاً: حين تطلب منه قبول حادث اغتيال أُذينة، الغامض، في تدمر عام 266 - 267م، على أنه هو نفسه، حادث اغتيال جَذِيْمة الأبرش ملك الحيرة على يد الزباء في تدمر أيضاً. أي: أن نتقبل رواية ذبح (...)
في روايته لأخبار مملكة الحيرة وملكها "الأسطوري" جَذِيمة الأبرش، يقول الطبري 1:439: ان جَذِيمة الأبرش هو من العرب العاربة الأولى، يعود نسبه الى بَني وبار بن أميم ]وكان من أفضل ملوك العرب رأياً وأبعدهم مغاراً وأشدهم نكاية وأظهرهم حزماً" وأول من استجمع (...)
لا يخبرنا الطبري، ولا ابن الأثير - يكتفي ياقوت، استطراداً، بالصمت - عن سرِّ وجود معماري رومي يوناني في الحيرة، من أجل بناء قصر عجائبي لأميرٍ فارسيّ عليل، أُرسل على عجل الى البادية العربية للاستشفاء والتعلُّم؟ إذا تقبلنا، لاغراض التحليل، فكرة وجود (...)
لماذا يتوجب قتل مُمْتَلِك السِّر؟ ولماذا ينبغي أن يُرمى به من أعلى الجبل أو القصر؟ تدور بعض الأساطير العربية حول هذه الفكرة المحورية، فلكي ينجو الانسان من القتل أو العذاب أو الطرد عليه أن لا يمتلك سراً. إن اسطورة بناء الخورنق العجائبية في مدينة (...)
ليس امراً نادراً، في التاريخ، او الحياة العامة واليومية، ان يقع خصمان عنيدان في حب بعضهما، اخيراً، وليس امراً نادراً - كذلك - ان تنقلب العداوة الجارفة او النارية، الى حب جارف وناري. ففي طباع البشر ما هو اكثر غرابة من هذا التقلّب. ومع ذلك، فان ما حدث (...)
روى الطبري 224 - 310 ه إسطورة زواج النَضْيَرة ابنة ملك الحضر الدويلة العربية قرب الموصل شمال العراق من سابور بن أردشير ملك فارس 241 - 272 م بعد أن حاصرها لأربع سنوات متواصلة. جاءت رواية الطبري لهذه الأسطورة، في سياق مرويات تاريخية عن العهد الساساني (...)
كان الملك اليمني الأكثر اسطورية الصَعَّب ذو القرنين. يَردُ اسم الصَعّب هذا في قوائم ملوك اليمن كابن للحارث الرائش. وبرهنا في حلقة سابقة أنه كان زعيماً قبلياً صغيراً أو ملكاً من ملوك الطوائف، وتنسب اليه، بالطبع، سلسلة من الأساطير عن غزو الهند وفارس (...)
تكشف قوائم أنساب ملوك اليمن القديم التي نشرها النسّابة العرب، ووردت في كتابات أهم مؤرخي اليمن: الهمداني 350 ه ونشوان بن سعيد الحميري نحو 573 ه عن أكثر الأنماط تقليدية في مشكلة الأنساب العربية، فهي تعج باسماء ملوكٍ اسطوريين، وزعماء لا وجود لهم وب (...)
تَرتبطُ مزاعم الإخباريين العرب، بين وصول العماليق الى مصر وبين حدوث مجاعة كبرى، ربما كانت دافعاً رئيسياً من دوافع الهجرة أو الاندفاع صوب شرق مصر، واحتلاله نظراً لخصوبته.
ويؤكد كل من الطبري، وأبو الفداء وأبو الفرج الاصفهاني وسواهم على ما يلي: كان (...)
لا تكاد كتب الإخباريين العرب القدماء والمسلمين تخلو من الادعاء المثير التالي: إن فراعنة عرباً حكموا مصر. فالطبري، والمسعودي والفاكهي وابن الأثير، وسواهم، لا يتحرجون في نصوصهم التاريخية من إعطاء أسماء بعض هؤلاء الفراعنة العرب. الطبري مثلاً وعلى (...)
يروي وهب بن منبه التيجان: ط صنعاء وغيره من الاخباريين اسطورة شهيرة، يبدو اليوم اكثر فأكثر انها ذات اساس تاريخي صحيح عن غزوة تبّان اسعد عاهل اليمن القوي لمكة" وكان "هو وقومه اصحاب أوثان يعبدونها، فتوجه الى مكة، وهي في طريقه الى اليمن، حتى اذا كان بين (...)
مثال المسعودي عن ثمود مجرد مثال في سياق أمثلة عدة، إذ كما أهمل المؤرخون نصوصه وربما نظروا اليها باستخفاف، جرى اهمال نصوص مؤرخ اليمن الأكثر ثقافة وذكاء ومعرفة بين القدماء: الهمداني. ولمّا كنا بصدد مسألة ثمود، فإننا سنعرض لمثال واحد لا أكثر عن الطريقة (...)
"وثمود الذين جابوا الصخر بالواد" قرآن كريم سورة الفجر
في حديثه عن ثمود يورد المسعودي مروج الذهب: 2:156 نصاً مثيراً قلما توقف المؤرخون المعاصرون وعلماء الآثار عنده. يقول: "فكان ملك الملك الأول من ملوكهم مائتي سنة وهو غاثر بن إرم بن ثمود بن إرم بن سام (...)
السؤال الذي يستحق اجابة واضحة، بصدد الزيارة المرتقبة لقداسة الحَبْر الأعظم البابا يوحنا بولس الثاني الى "القدس" انطلاقاً من "أور" العراقية هو التالي: ولكن لماذا، بالضبط، من أور الكلدانيين هذه؟ اذا ما سار كل شيء على ما يرام، وأمكن للبابا ان يقوم - (...)
من بين اكثر الأسئلة احراجاً للمتأملين في الوضع السياسي الراهن للعراق، تلك المتعلقة ب"مستقبلات" هذا البلد، وخياراته السياسية في مرحلة ما بعد رفع الحظر الدولي عنه، ذلك ان احداً لا يريد او لا يرغب، احتراساً وتحوّطاً من سوء الفهم المستعصي، والذي يضرب (...)
إذا صدقنا جملة الأنباء الواردة من بغداد، فاننا، في هذه الحالة، سنكون أمام ادعاءين: أولهما، وتقول به أوساط المعارضة العراقية وصحفها وبياناتها السياسية في الخارج، ومفاده ان النظام "يزداد عزلة" وانه "يلفظ آخر أنفاسه"، وحسب التعبير الأثير الذي تصدح به (...)
قد يكون كل ما تبقى لي، مثل آخرين كثيرين، هو التذكّر وحسب، ولذا سأكتب اليك وكأنك لا تزال، تماماً كما تركتك في ربيع عام 1970، شاباً في الثامنة عشرة من العمر. ولعل في ممارسة هذا الحق الوحيد المتاح لنا، ما يعطي الانطباع، على الأقل، بأننا نسعى وراء شيء (...)