لم يكن بعض كبار السن قبل الإسلام - بمن في ذلك الآباء والأمهات - يلقون الترحيب في مجتمعاتهم وفي أسرهم، ولذلك كان أسوأ ما يخشاه هؤلاء هو العقوق عندما يكونون في أمس الحاجة للرعاية.
وقد أشار المؤرخ جواد علي إلى أن هذا أمر سائد في المجتمع الجاهلي، وأن (...)
يضطر الشيخ للاستعانة بالعصا أثناء سيره؛ ولا سيما إذا ضعف بصره، وقد أشار الأعشى إلى أن العصا تكون دليله، فيفقد الجرأة، ويظل مترقباً أن يقع في وعثاء الطريق، مع أنه قد يكون في طريق معبد:
ويثير استخدام العصا عطف الأقربين وشفقتهم على صاحبها، أو سأمهم (...)
لم يكره الشعراء الشيب ولم يشتكوا من حلوله برؤوسهم ولحاهم لأنه مجرد تغيير في اللون، بل لما وراءه من ضعف وعلل بدنية، ولما يؤدي إليه من نهاية حتمية هي الموت.
وإن كانوا قد قاوموه بالخضاب ونحوه، وكذبوا على أنفسهم وعلى غيرهم بتغيير لونه؛ وتظاهروا بأنه من (...)
يعمد كثيرٌ ممن وخطهم الشيب لإخفائه، ولو لعدة أيام، وليس لهم في ذلك سوى طريقتين، فإما القص وإما الخضاب.
فمن الشعراء من يستخدم المقص، لكن ليس من أجل التخلص من الشيب فحسب؛ ولكن ليقتص منه، فهو يراه لصا سرق منه شبابه، واللص يستحق العقوبة. يقول ابن حكيم (...)
تباينت وجهات نظر الشعراء عن أسباب شيبهم المبكر؛ إنْ صِدْقًا أو ادعاء. وقد حاول بعضهم أن يجعل من حوادث الدهر سببًا للشيب المبكر، مثل تميم بن خزيمة الذي يقول:
ورد عبدالله بن جنح النكري على الغانيات حين زعمن أن مشيبه لتقدم عمره بأنه بسبب الحروب التي (...)
لو كان الشيب مجرد تغير طبعي في لون الشعر لما جزع الناس منه، ولما قابله الشعراء بهذا الوابل من القصائد والأبيات التي تذمه وتنفر منه، لكن ما أزعجهم منه أنه علامة على تجاوز بوابة الكهولة، المفضية إلى مخيم الشيخوخة، ثم إلى سجن الهرم. كما أنه - في نظر (...)
معظم الشعراء نفر من الشيب وكره وفادته، لكن قلة منهم رأى أنه ظاهرة طبيعية، فرضي بواقعه واستسلم له، بل إن منهم من رحب بقدومه، وعلل لوجهة نظره، فمنهم من رأى أنه حكمة ووقار كالشاعر المخضرم تميم بن مقبل، الذي يرى أن الشيب يجعل القلب يبصر بعد عمى، ويحلم (...)
وقصيدته التي نظمها في السبعين أسماها (سيدتي السبعون)، فهل كانت مخاطبته إياها ب(سيدتي) تقديرًا لها أم خوفًا؟ أكثر الظن أنه الاحتمال الأخير، فقد وصفها بأنها جاءت حاسرة الأنياب كأنما تريد به فتكًا. بدأ القصيدة بتساؤله المعهود:
ثم عرج إلى أنها فاجأته (...)
كان للدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - منذ أن بلغ الأربعين قصيدةٌ مع كل عقد من عمره؛ فضلاً عن الأبيات التي تتضمن إشارات عابرة للشيب أو الشيخوخة.
ففي الأربعين يرد على ابنته التي جعلت تقص شعراته البيض وهي تقول له: (لا أرضى لك الكبر). يقول من قصيدته (...)
من الشعراء من كانت له على رأس كل عقد من العمر قصيدة، ومن أشهرهم المعمَّر لبيد بن ربيعة؛ وهو القائل حين مضت له سبع وسبعون مخاطباً نفسه، وأملاً في أن يكمل الثمانين:
فلما بلغ مائة وعشراً قال:
فلما بلغ عشرين ومائة، قال:
أصبح السؤال تقليدياً لا ينتظر (...)
من الملاحظ على الشعراء قديمًا وحديثًا إنشاء قصائد بعد تمامهم أربعة عقود أو أكثر، ومنهم من له في كل عقد قصيدة؛ بل من الشعراء من له في الثلاثين، مثل إيليا أبي ماضي وعبدالكريم العبيِّد ومحمد عبدالقادر فقيه وغيرهم.. وقد عرضت في مقال سابق نماذج لمن أنشأ (...)
تُعدُّ الأربعون حدا فاصلا في العمر. وقد تأكدت هذه النظرة عند المسلمين حين عرفوا أنها سِنُّ النبوة بعد أن نزل القرآن الكريم على الرسول صلى الله عليه وسلم في الأربعين.
وعزز ذلك قوله تعالى: «حَتى إِذَا بَلَغَ أَشُدهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ (...)
أدرك العرب أن العمر محدود بسنوات معدودة، وأنه ينقضي ولمَّا تنقضِ حاجاتهم، ولم يحققوا أمانيهم. ولم نقرأ لهم تمنيهم أن يُخَلَّدوا، فالعرب في هذا يختلفون عن الأمم القديمة التي تمنت الخلود، وسعت جاهدة للحصول على دواء سحري يحققه لهم.
وحينما نقرأ لشاعر (...)
لما يئس العربي من الوصول إلى إجابات لأسئلته الكبرى انحصر تفكيره في عمره أي الفترة منذ ولادته حتى وفاته، فإذا عبر أحدهم بقصر الدهر فهو يعني قصر العمر ولعل هذا ما عناه أبو ذؤيب الهذلي بقوله:
كل الشعراء اشتكوا من سرعة مرور العمر حتى الذين عمروا طويلا، (...)
لم ينكر العرب قبل الإسلام الموت لأنه واقع ملموس يشاهدونه بأم أعينهم.. يدفنون موتاهم بأيديهم، ويبكونهم بعيونهم.
وفهم لبيد بن ربيعة العامري أن الموت لا يستثني أحدًا حتى الملوك:
وفهم امرؤ القيس أن الموت لن يتركه مادام قد طال الناس العظماء (...)
البحث عن تاريخ الكون ونشأته قديم وشائك، ولم يتوصل العلماء على مر القرون إلا إلى نظريات لا تقنع، لأن ذلك من علم ربي - جل وعلا - القائل في محكم كتابه: (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ (...)
أتحفنا الشيخ الأديب الدكتور صالح بن سعد اللحيدان في عدد الأسبوع الماضي (الجمعة 20 نوفمبر2020) من جزيرتنا الثقافية هذه بمقالة بعنوان (تزييف التاريخ) نبه فيه على خطر عدِّ بعض المصنفات التراثية مراجعَ يعتمد عليها الباحث مع ما فيها من تزييف في المعلومة (...)
ظللتُ عدة أيام أتتبع شاعراً حفظت له بيتين يتناقلهما في فضاء (تويتر) الأصدقاءُ الذين اشتعلت رؤوسهم شيبا أو كادت. والبيتان هما:
والتوقيع: (ابن الإفرنجية)!
ومن كثرة ما تداول الإخوة هذين البيتين ذاع صيتهما في فضاء (جوجل) الأرحب، وأصبحتُ لا أبحث عن بيت (...)
لم يغفل الملك عبد العزيز – يرحمه الله – دور الصحافة منذ تأسيس الدولة السعودية بل جعلها السفير المحلي والعربي والإسلامي والعالمي لنقل ما شهدته وتشهده المملكة العربية السعودية من نقلات نوعية وطنية تواكب مرحلتي التأسيس والتوحيد حيث أنشئت صحيفة «أم (...)
(نسوة السوق العتيق) سيرة روائية - كما يصنفها مؤلفها الشاعر الروائي ماجد سليمان - تقع في تسعين صفحة وصفحتين، وقد صدرت إلكترونيًا بجهد المؤلف الذاتي، وأتاحها في منصات القراءة الإلكترونية بعد أن عانى من دور النشر التقليدية في إصداراته الثمانية عشر (...)
صدر حديثاً للأديب محمد مهاوش الظفيري كتاب يحمل عنوان (الأحلام والعنقاء: دراسة لجماليات تجربة محمد الثبيتي)، في ثلاثمائة صفحة من القطع العادي.
يتألف الكتاب من تمهيد وأربعة فصول، اشتمل التمهيد على ثلاثة مباحث هي: سيرته وآثاره ومنجزاته، ثم موقفه من (...)
تدور أحداث رواية أخف من الهواء ل(فيديريكو جانمير) التي ترجمها محمد الفولي ط1 2019 في شقة صغيرة من غرفة نوم واحدة، ولا يستغرق زمنها اثنتين وسبعين ساعة، فكيف استطاع هذا الروائي أن يتحفنا بحكاية تشدنا وتجعلنا متلهفين لأحداثها ولنهايتها في هذين الحيزين (...)
(خرائط) رواية للصومالي (نور الدين فارح) ترجمها سهيل نجم وصدرت عن دار الجمل في طبعتها الأولى في (كولونيا) عام 2005 في ثماني عشرة وثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط.
في هذه الرواية جزء من سيرة أحد أبناء إقليم (أوغادين) الذي اقتطعته إثيوبيا بمعاونة (...)
صدرت رواية (الساق فوق الساق) للجزائري أمين الزاوي عن منشورات الضفاف ببيروت ومنشورات الاختلاف بالجزائر في طبعتها الأولى سنة 2016 في 222 صفحة، وهي تتحدث عن فترة حرجة من التاريخ الجزائري الحديث؛ هي فترة حرب التحرير الأخيرة من أجل الاستقلال، والسنوات (...)
أستعير هذا العنوان «الخروج من الحلم للدخول في الكابوس» من (مانشيت) إحدى الصحف التي وصفت عودة الموت بعد انقطاعه عدة أشهر في رواية (انقطاعات الموت) للكاتب البرتغالي (جوزيه ساراماغو) حيث مرت المدينة التي انقطع عنها الموت فجأة بمرحلة كأنها الحلم ابتهج (...)