مع بداية مرحلة السبعينيات بدأت حجب كثيفة تغطي وجه الحياه الثقافية المصرية، ومع وصولنا إلى عام 1984، أي بعد أربعة عشر عاما من أعمارنا المحدودة، ما زلنا نجاهد كي نعود إلى البديهيات التي حدث تراجع عنها مع بداية السبعينيات، حتى نهاية حقبة الستينيات، (...)
حتى ذلك العام لم أتعرف على البحر، بالضبط سنة واحد وستين وتسعمئة والف، تجاوزت السادسة عشرة بشهرين، في تموز يوليو خرجت من بيتنا في الجمالية بصحبة والدي، مرتدياً زي فرق الفتوة العسكري الرمادي، قصدنا محطة مصر حيث تجمع كتيبة مدرسة العباسية الثانوية (...)
فجأة ظهرت عند المنحنى، لم أعرف من أي باب خرجت بخاصة أنه لا توجد مداخل مؤدية، كلها مطلة على الممر الذي يبدأ عند الركن الذي استدارت متمهلة إليه، ثلاثة، رجل نحيل، يرتدي حلة كاملة رغم ارتفاع حرارة الجو، إمرأة عجوز قصيرة، في خطوها اضطراب، تحدف إلى (...)
يبدأ المشي منفرداً، غير أن ظله يصحبه، حتى إذا اختفى لشدة الضوء، فإنه يظل موجوداً، منبعثاً منه، عند نقطة بعينها يتصل بها، فيصبح له وجود آخر حتى وإن غاب عن بصره. يحدث ذلك نهاراً أو في العتمة. الوقت الذي أعناه المشي فيه قريب من الحافة الفاصلة بين الليل (...)
يبدأ المشي منفرداً، غير أن ظله يصحبه، حتى إذا اختفى لشدة الضوء، فإنه يظل موجوداً، منبعثاً منه، عند نقطة بعينها يتصل بها، فيصبح له وجود آخر حتى وإن غاب عن بصره. يحدث ذلك نهاراً أو في العتمة. الوقت الذي أعناه المشي فيه قريب من الحافة الفاصلة بين الليل (...)
ياه. هذا كله!
كان ممكناً أن أرحل عائداً ولا أرى منها أي شيء، عبرت قربه مرات، عند ذهابي وإيابي إلى السوق القديم ومنه، منطقة أجناس متعددة ومطاعم متجاورة، أحدها يعلق صورة كلينتون عند زيارته، يأكل طبقاً، صورة مكبرة له تدعو العابرين إلى تذوق وجبة بيل (...)
ياه. هذا كله!
كان ممكناً أن أرحل عائداً ولا أرى منها أي شيء، عبرت قربه مرات، عند ذهابي وإيابي إلى السوق القديم ومنه، منطقة أجناس متعددة ومطاعم متجاورة، أحدها يعلق صورة كلينتون عند زيارته، يأكل طبقاً، صورة مكبرة له تدعو العابرين إلى تذوق وجبة بيل (...)
على رغم أنه لم يتوقعه في هذه الساعة, ما بين العصر والمغرب, على رغم عدم وجود موعد سابق, محدد, إلا أنه لم يفاجأ به, لم يُبد دهشة أو حتى ما يوحي بالاستنكار, ذلك أنه لم يعتد استقبال ضيف, حتى أشقائه إلا بموعد محدد من قبل, بل إن من يصغي إلى «أهلاً» (...)
على رغم أنه لم يتوقعه في هذه الساعة, ما بين العصر والمغرب, على رغم عدم وجود موعد سابق, محدد, إلا أنه لم يفاجأ به, لم يُبد دهشة أو حتى ما يوحي بالاستنكار, ذلك أنه لم يعتد استقبال ضيف, حتى أشقائه إلا بموعد محدد من قبل, بل إن من يصغي (...)
لبنان ضحية التردي العربي على كل المستويات، ولكنني مضطر الى أن أكون صريحاً أكثر. تعلمت من عملي كمراسل حربي ما يعرف بتقدير الموقف، بمعنى أنني قبل أن اقدم على عمل عسكري أو سياسي يجب أن أعرف ميزان الخسائر والمكاسب. لذلك أنا لا أرى ان أسر"حماس"الجندي (...)
حتى لو رجعت اليوم التالي لن أجد المكان كما تركته. كما عرفته. منذ عامين بالضبط جئنا إلى هنا، ركبنا قطاراً فائق السرعة من باريس وصلنا محطة "دينيه" التي تتفرع منها خطوط عدة إلى أنحاء مختلفة من مقاطعة بريتاني وغيرها. مازلت أذكر لحظة نزولنا الى الرصيف، (...)
حتى لو رجعت اليوم التالي لن أجد المكان كما تركته. كما عرفته. منذ عامين بالضبط جئنا إلى هنا، ركبنا قطاراً فائق السرعة من باريس وصلنا محطة "دينيه" التي تتفرع منها خطوط عدة إلى أنحاء مختلفة من مقاطعة بريتاني وغيرها. مازلت أذكر لحظة نزولنا الى الرصيف، (...)
نشر أحمد زين مقالاً في"الحياة"الاثنين 17 آذار/ مارس الجاري عن المعرض الدولي للكتاب في الرياض والوقائع الثقافية التي صاحبته ومشاركتي فيها، وكان العنوان الفرعي"اعتذار الغيطاني"، والمقصود اعتذار عن آراء معروفة لي حول الوهابية والحركات السلفية، وكذلك عن (...)
لم يعد الأمر خافياً !
شاع ما بينهما حتى أصبح موضوعاً للحديث في دوائر بعيدة من المجالات التي يتصل بها العمل مباشرة، حتى أنها عندما بدأت رحلاتها إلى الخارج، كانت تلقى من العاملين في المطار عناية ومودة زائدتين ليس لشخصها، وليس لجمالها. فهناك من يفقنها (...)
على رغم أنني كنت أعرف المرض العضال الذي أصيب به عبدالرحمن منيف إلا أن رحيله شكل بالنسبة إليّ صدمة، لأن عبدالرحمن منيف ليس كاتباً روائياً فقط ولكنه شخصية ثقافية لها صدقية عالية عند الرأي العام الثقافي والعادي.
كان يكفي أن تقرأ مقالاً له او تقرأ (...)
عندما أفكر في علاقة طه حسين بفن السيرة، فإنني أتوقف أمام حياته هو التي اعتبر ما عرفناه منها سيرة منفردة على المستوى الإنساني والثقافي والسياسي. لم يروها لنا في عمل شامل إنما توزعت بين المباشر وغير المباشر، في "الأيام" التي روى فيها سيرة ذلك الفتى (...)
تصل القطارات من قبلي ومن بحري الى محطة مصر. يفارقها الركاب. كل الى وجهته، ربما يتردد بعضهم لحيظات تطول أو تقصر، لكنه سرعان ما يذهب. المحطة بأرصفتها وساحاتها ومداخلها التي هي مخارجها نقطة عبور. لكنه أقام، لا يعرف شخصاً غيره جاءها وبقي بها، لم يفارقها (...)
1 - "بدائع الزهور في وقائع الدهور" لابن أياس وعلاقتي بهذا الكتاب معروفة. فلقد قدمت طبعة شعبية من فهارسه في سلسلة "الذخائر" التي تصدرها الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، وروايتي "الزيني بركات" تشكل نوعاً من التناص مع "بدائع الزهور" الذي عشت فيه (...)
ترك غسان كنفاني في ذاكرتي أمرين مهمين: أعماله الأدبية الجميلة وفي مقدمها "رجال في الشمس"، و"عائد إلى حيفا" وعمله السياسي البارع من أجل انهاء مأساة الشعب الفلسطيني. وهو بذلك قرن بين الفعل الأدبي الخالص والنضال السياسي والميداني من خلال "الجبهة (...)
يحتضن ملحق "آفاق" نصوصاً لكتابٍ وشعراء ونقاد عرب عن مدنٍ عربية وعالمية. هذا ضربٌ من الكتابة الابداعية ينطلق من معرفة تاريخية وجغرافية ومن ذكريات شخصية. بعد مقالات تمزج "أدب الرحلات" بأدب "المذكرات" عن القاهرة والاسكندرية وعمان وجنين ومكة المكرمة (...)
} يُعتبر كتاب "نجيب محفوظ ... يتذكر" 1980 مرجعاً أساساً في الاطلاع على سيرة الروائي المصري حامل نوبل الآداب 1988. كيف كتب جمال الغيطاني هذا الكتاب الصغير والثمين؟ صاحب "الزيني بركات" يقدم هنا شهادة حول علاقته بنجيب محفوظ في تلك الفترة السياسية (...)
أرى ان التلفزيون يحول الحرب إلى مادة تسلية على رغم أنها في حقيقتها دراما بشرية مروعة. ينطبق ذلك على مشاهد قصف افغانستان، كما ينطبق على مشاهد إطلاق الرصاص على الفلسطينيين وقصف منازلهم.
هذه المشاهد تبث الى الملايين في مختلف انحاء العالم وكأنها احداث (...)
} توفي أخيراً في القاهرة الكاتب المصري علي الشوباشي، من رعيل المثقفين الذين جمعوا الكتابة والشأن الاعلامي والتنشيط الثقافي الوطني، فأينما حلّ حركة نقاش وعطاء ونقد وانفتاح، وقد لمس مثقفون مصريون وعرب هذه الصفات لدى لقائهم إياه في واحدة من إقاماته (...)
أخيراً.. لا يفصلهم عنها إلا الباب الموصد منذ قرون سحيقة، اختام بادية. غبرة القدم، وتوقع صامت يسري من قطعة الخشب المنحوتة بدقة، المستوية، الناعمة، المرتكزة إلى نقبين، الأول اسفل والثاني أعلى.
يتقدم الاستاذ منحنياً في الممر المؤدي، أوشك على الانتهاء، (...)
عندما أقرأ أو أسمع عن مدرسة لتعليم فن كتابة الرواية، تأخذني الدهشة. دراسة تاريخ الرواية ممكنة، دراسة أساليب السرد ممكنة. دراسة التقنيات الممكنة، تجوز. ولكن دراسة فن كتابة الرواية هذا ما لا أقدر على استيعابه. مثلها مثل الظواهر الطبيعية، كالمطر (...)