لبنان ضحية التردي العربي على كل المستويات، ولكنني مضطر الى أن أكون صريحاً أكثر. تعلمت من عملي كمراسل حربي ما يعرف بتقدير الموقف، بمعنى أنني قبل أن اقدم على عمل عسكري أو سياسي يجب أن أعرف ميزان الخسائر والمكاسب. لذلك أنا لا أرى ان أسر"حماس"الجندي الإسرائيلي قد خدم قضية الشعب الفلسطيني، خصوصاً انه كان هناك ما يشبه الوفاق الوطني على وشك ان يتم، ولكن مجموعة"خالد مشعل"قامت بهذه العملية في اتجاه صراع داخلي"حماسي - حماسي"، نتجت عنه المحنة التي تجرى الآن في غزة وفلسطين. المنطق نفسه ينطبق على ما قام به"حزب الله"الذي لا أدري كيف لم يقدر الموقف، أنا بالطبع أقدر"حزب الله"وزعيمه حسن نصر الله، ولكنني أسأل: هل يساوي أسر جنديين إسرائيليين إحراق وطن بكامله؟ بالطبع هذا لا يعني ان إسرائيل قامت برد فعل تلقائي، فما نراه من تفاصيل المحرقة التي يتعرض لها الشعب اللبناني، يؤكد ان الأمر جرى إعداده منذ فترة طويلة، نحن نرى عمليات تدمير ممنهجة لم تستثن شيئاً، لا مستشفى ولا مدرسة ولا مساكن آهلة بالناس، نحن أمام مجزرة تقوم بها دولة مدججة بأحدث الأسلحة وأشدها فتكاً، وأخشى أن أقول إن ما قام به"حزب الله"وپ"حماس"خالد مشعل، قد قدم الفرصة لإسرائيل لكي تنفذ هذه الكارثة، وفي الوقت نفسه أرى أن الصراع مع إسرائيل ليس صراعاً دينياً، فهو صراع سياسي واقتصادي واستعماري، وتدينه خطر كبير يتوافق مع ما تريده إسرائيل. إننا نعيش مأساة اختلطت فيها الأوراق، الشعب اللبناني يذبح بأحدث الأسلحة تحت غطاء دولي، وما يسقط من صواريخ"حزب الله"على مدن إسرائيل، بآثاره التدميرية المحدودة جداً، يستخدم، على المستوى الدولي، لإظهار إسرائيل في وضع المعتدى عليه، وفي الوقت نفسه فإن الذين لديهم إمكان مواجهة اسرائيل صامتين، ولم تسمع من جانبهم طلقة واحدة. أنا أشعر بحزن شديد، الشعب اللبناني يذبح ونحن نتابعه في التلفزيون. روائي مصري