تعتبر المنطقة العربية من أسرع اﻷسواق نموًا في مجال اﻷلعاب الإلكترونية، فدراسة أجرتها مؤسسة "استراتيجي" ومنطقة الإعلام الحرة في "أبو ظبي" "2454"، أكدت أن قطاع الألعاب هو القطاع الذي يسجل أسرع نسبة نمو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويفترض أن ينمو حجمه ثلاثة أضعاف ليصل إلى 4,4 مليار دولار في العام 2022 مقارنة ب1,6 مليار دولار في عام 2014″. واحدة من أهم الفئات التي تستقطبها هذه الألعاب هي فئة الأطفال والفتية، فقد سلبت تلك الألعاب الاهتمامات السابقة للأطفال كإقبالهم على الألعاب الشعبية والألعاب الرياضية، وألعاب الذاكرة وتنشيط الفكر، أو الاستماع للقصص المسلية. ولأن الألعاب الإلكترونية سلاح ذو حدين، يوضح تقرير أعده "ساسة بوست" سلبيات وإيجابيات الألعاب الإلكترونية المتعددة، و يعرض آلية التعامل الإيجابي عند الإقبال على هذه الألعاب. ما هي إيجابيات الألعاب الإلكترونية؟ ------------------------------------------ تظهر العديد من الدراسات الحديثة أن الألعاب الإلكترونية لها فوائد، فهي تحفز عمليات الإبداع، وتدعم القدرة على اتخاذ القرارات، وتحسن الفهم بشكل عام. وتعمل على تحسن المهارات الإدراكية فهي تنسق ما بين حركة العين واليد، وهي مهارة يحتاجها الجراحون أثناء إجراء العمليات، بالإضافة إلى ذلك تحسن الألعاب من القدرة على قيادة السيارة في الليل (وهي مهارة صعبة على النساء). وتظهر دراسة أن الذين يخصصون جزءًا من وقت فراغهم في اللعب بألعاب الحاسوب والفيديو، يتخذون قرارات حاسمة بنسبة 25 % أسرع من أولئك الذين لا يلعبون الألعاب. بالإضافة إلى ذلك تحسن الألعاب من القدرة على التركيز على عدة أشياء مرة واحدة، فالطفل الذي يلعب بالألعاب الإلكترونية يطور مهارة الاستماع إلى الأصوات المختلفة والانشغال بعدة أشياء في نفس الوقت. كما اكتشف العلماء أيضًا أن النساء (42 % من عدد اللاعبين) أصبحن أفضل في المعالجة العقلية للأجسام ثلاثية الأبعاد. وتنمي الألعاب الإلكترونية الذاكرة وسرعة التفكير، كما تطوّر حسّ المبادرة والتخطيط والمنطق. ومثل هذا النوع من الألعاب يسهم في التآلف مع التقنيات الجديدة، بحيث يجيد الأطفال تولي تشغيل المقود، واستعمال عصا التوجيه، والتعامل مع تلك الآلات باحتراف، كما تعلّمهم القيام بمهام الدفاع والهجوم في آن واحد، وتحفّز هذه الألعاب التركيز والانتباه، وتنشّط الذكاء، لأنها تقوم على حل الأحاجي أو ابتكار عوالم من صنع المخيلة ليس هذا فحسب، بل أيضًا تساعد على المشاركة. وترى عزة كريم، مستشارة العلوم الاجتماعية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن الألعاب الإلكترونية مصدرًا مهمًّا لتعليم الطفل؛ إذ يكتشف الطفل من خلالها الكثير، وتشبع خيال الطفل بشكل لم يسبق له مثيل، كما أن الطفل أمام الألعاب الإلكترونية يصبح أكثر حيوية ونشاطًا، وأسهل انخراطًا في المجتمع، كما أن هذه الأجهزة تعطي فرصة للطفل أن يتعامل مع التقنية الحديثة، مثل الإنترنت وغيرها من الوسائل الحديثة. ما هي سلبيات الألعاب الإلكترونية؟ ----------------------------------------- على الرغم من الفوائد التي تتضمنها بعض الألعاب الإلكترونية إلا أن سلبياتها أكثر من إيجابياتها لأن معظم الألعاب التي يستخدمها الأطفال والمراهقون ذات مضامين سلبية تؤثر عليهم في جميع مراحل نموهم، بالإضافة إلى أن نسبة كبيرة من الألعاب الإلكترونية تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين وتدمير أملاكهم والاعتداء عليهم بدون وجه حق، كما تعلم الأطفال والمراهقين أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها وتنمي في عقولهم قدرات ومهارات العنف والعدوان ونتيجتها الجريمة، وهذه القدرات تكتسب من خلال الاعتياد على ممارسة تلك الألعاب. ومن مضار هذه الألعاب الإلكترونية، أنها تتسبب في عزلة الطفل، بالإضافة إلى أنها تصنع طفلاً عنيفًا؛ وذلك لما تحويه من مشاهد عنف، كما أنها تصنع طفلاً أنانيًّا لا يفكر في شيء سوى إشباع حاجته من هذه اللعبة، كما أنها قد تعلم الأطفال أمور النصب والاحتيال، فالطفل يحتال على والديه ليقتنص منهما ما يحتاج إليه من أموال للإنفاق على هذه اللعبة. تثبت الدراسات أن الأطفال الذين يمضون أوقاتًا طويلة في ممارسة الألعاب الإلكترونية، ولا سيما ألعاب العنف، لديهم ضعف في تحصيلهم الأكاديمي في المدرسة، وبالتالي حصولهم على تصنيفات أكثر سلبية من المعلمين بالمقارنة بالأطفال الذين يمارسون ألعابًا أقل عنفًا، أو لا يمارسون الألعاب الإلكترونية على الإطلاق. ووفقًا للعديد من الدراسات والأبحاث فإن ممارسة الألعاب الإلكترونية كانت السبب في بعض المآسي، فقد ارتبطت نتائج هذه الألعاب خلال الخمسة والثلاثين عامًا الأخيرة بازدياد السلوك العنيف وارتفاع معدل جرائم القتل والاغتصاب والاعتداءات الخطيرة في العديد من المجتمعات، والقاسم المشترك في جميع هذه الدول هو العنف الذي تعرضه وسائل الإعلام أو الألعاب الإلكترونية، ويتم تقديمه للأطفال والمراهقين بصفته نوعًا من أنواع التسلية والمتعة. ما هي الأضرار الصحية الناجمة عن اعتياد الألعاب الإلكترونية؟ -------------------------------------------------------------------------- يتسبب الجلوس لساعات عديدة أمام الحاسوب أو التلفاز بعدة آلام أثبتتها الدراسات العلمية، حيث اشتكى العديد من الأطفال من آلام الرقبة وخاصة الناحية اليسرى منها إذا كان الطفل يستخدم اليد اليمنى، وفي الجانب الأيمن إذا كان أعسر نتيجة لسرعة استخدام اليد وشد عضلات الرقبة وعظمة اللوح والجلسة غير السليمة. كما تؤثر الألعاب الإلكترونية سلبًا على نظر الأطفال، إذ قد يصاب الطفل بضعف النظر نتيجة تعرضه لمجالات الأشعة الكهرومغناطيسية قصيرة التردد المنبعثة من شاشات التلفاز أو الحاسب، كما أن حركة العينين تكون سريعة جدًّا أثناء ممارسة الألعاب الإلكترونية مما يزيد من فرص إجهادها، هذه بدورها تؤدي إلى حدوث احمرار بالعين وجفاف وحكة وزغللة، وكلها أعراض تعطي الإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني وأحيانًا بالقلق والاكتئاب. ويكشف بحث طبي أعدته إحدى الجامعات الهولندية أن بقاء الأطفال في المنازل في ساعات النهار لممارسة الألعاب الإلكترونية، وعدم الخروج للتعرض لأشعة الشمس والحصول على الفيتامينات المطلوبة لنمو العظام يتسبب في المستقبل بإصابتهم بنقص فيتامين "د"، ويؤدي إلى إصابتهم بهشاشة في العظام بصورة مبكرة عن غيرهم، وآلام في الظهر وفي الركبتين قد تتطور إلى التهابات في المفاصل كما تصبح مناعتهم ضعيفة، كما أن بقاء الأطفال لساعات طويلة معًا في غرف ضيقة أو محدودة التهوية تتسبب في إصابتهم بفيروسات بالجهاز التنفسي، وبزيادة احتمالات الإصابة بالأمراض المعدية. كذلك من أضرار الألعاب الإلكترونية الإصابة بسوء التغذية والبدانة، فالطفل لا يشارك أسرته في وجبات الغذاء والعشاء فيتعود الأكل غير الصحي في أوقات غير مناسبة للجسم. وتظهر دراسة أن ارتفاع حالات البدانة في معظم دول العالم يعود إلى تمضية فترات طويلة أمام التلفاز أو الحاسب. وتكشف دراسة طبية حديثة أن الوميض المتقطع بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة الموجودة في الألعاب الإلكترونية يتسبب في حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال، بل إن الاستخدام المتزايد لهذه الألعاب الاهتزازية يزيد احتمال إصابة الأطفال بمرض ارتعاش الأذرع والأكف. هل هناك أضرار دينية وثقافية تسببها الألعاب الإلكترونية؟ ----------------------------------------------------------------- في ظل غياب أجهزة الرقابة الرسمية على محلات بيع الألعاب الإلكترونية في غالبية الدول العربية وعدم مراقبة الأسرة لما يشاهده أبناؤهم من الألعاب وعدم الوعي بمخاطر ذلك، تروج الألعاب الإلكترونية لأفكار وألفاظ وعادات تتعارض مع تعاليم الدين وعادات وتقاليد المجتمع وتهدد الانتماء للوطن، كما تسهم بعض الألعاب في تكوين ثقافة مشوهة ومرجعية تربوية مستوردة. وبعض الألعاب تدعو إلى الرذيلة والترويج للأفكار الإباحية الرخيصة التي تفسد عقول الأطفال والمراهقين على حد سواء. ومحتويات ومضامين بعض الألعاب الإلكترونية، بما تحمله من سلبيات وطقوس دينية معادية ومسيئة للديانات وبالذات الدين الإسلامي، قد تؤثر سلبًا على الطفل. كما أن تعلق الأطفال والمراهقين بالألعاب الإلكترونية قد يلهيهم عن أداء بعض العبادات الشرعية، وبالذات أداء الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة في المسجد. كما أنها قد تلهيهم عن طاعة الوالدين والاستجابة لهم وتلبية طلباتهم. كيف نتجنب سليبات الألعاب الإلكترونية؟ ---------------------------------------------- هناك بعض الحلول للتقليل من تعلّق الأطفال بالألعاب الإلكترونية، تقوم أساسًا على الحدّ من استخدام الأطفال للهواتف الذكية والكمبيوترات المحمولة، فينصح التربويين بإغناء غرفة التلفزيون بالكتب والمجلات التي تجذب نظر الأطفال، وأيضًا تجنّب وضع التلفزيون في غرفة نومهم وعدم ترك جهاز التحكم في أيديهم. ويقول الخبراء أن على الآباء انتقاء البرامج المفيدة والتعليمية التي توسّع مدارك أطفالهم وتكسبهم ثقافة مبنية على الأخلاق والقيم الراقية، فضلاً عن تنبيه الأطفال إلى أن هذه الشخصيات الإلكترونية ليست إلّا مجرد رسوم غير حقيقية ينبغي عليهم عدم تقليدها كي لا يضروا أنفسهم. ويفضل تعود الطفل منذ الصغر على ممارسة التمارين الرياضية التي تحافظ على رشاقة جسمه، كما تخرج الطاقة الكامنة بداخله في شيء مفيد عن تخريجه في لعبة عدوانية، وينصح التربويون بالاعتياد على قراءة القصص المسلية، لغرس حب القراءة بداخله، فيبدأ بالانجذاب لها، ولا يقتصر وقت الترفيه على الألعاب غير المفيدة فقط. من الممكن أيضًا مشاركة الطفل في رسم لوحة، فالرسم يخرج طاقة الطفل الكامنة كما يساعده على التخيل والإبداع، أو مشاركته في مركز ثقافي لممارسة الهواية التي يفضلها، مع إمداده بالأدوات والتشجيع المستمر.