ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    235 جهة حكومية تستعرض أبعاد ثروة البيانات وحوكمتها والاستفادة منها في تنمية الاقتصاد الوطني ‬    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطر الألعاب الإلكترونية على الأبناء.. القادم أسوأ!
تؤثر على عقولهم وانفعالاتهم دون أيّ مسؤولية أخلاقية في كثير من الأحيان
نشر في أنباؤكم يوم 27 - 06 - 2015

دخلت «الألعاب الإلكترونية» معظم المنازل وازداد عدد مستخدميها وأصبحت جزءاً من حياتهم اليومية، وذلك نتيجة التطور والتقدّم التقني، وما يتمُّ طرحه بشكل شبه يومي من أجهزة وألعاب، وباتت هذه الألعاب تجذب الأطفال بالألوان والرسومات والمغامرات والخيال، وأدى انتشار هذه الألعاب إلى بروز دورها بوضوح في حياة الأطفال، بل إنَّها لم تعد حكراً على الأطفال فحسب، بل صارت من ضمن اهتمامات كثير من الشباب، وتعدى ذلك في بعض الأحيان إلى الكبار.
ويحتار بعض الآباء والأمهات في العطلة الصيفية حول كيفية تمضية أطفالهم لهذه العطلة، وتلجأ بعض الأسر لملء فراغ أبنائها بتحفيزهم على التسلية بالألعاب الإلكترونية لفترات طويلة، وترتفع نسبة بيع هذه الأجهزة بشكل ملحوظ مع بدء الإجازة الصيفية، حيث إنَّ معظم الذين يقبلون على شرائها هم من فئة الأطفال والشباب ومن هم في سن المراهقة.
وفي خضم هذا الاهتمام بالألعاب الإلكترونية نتساءل عن الآثار التي تحدثها هذه الألعاب على اللاعبين، وبالذات الأطفال؟، وما هي نوعية الألعاب التي يقدمون على شرائها؟، وما مدى الإقبال على هذه الألعاب؟، وما هي دوافع ممارستها من وجهة نظر المستخدمين لها؟، وهل هناك رقابة على محال بيع الألعاب؟، وهل لهذه الألعاب أضرار صحية؟، وهل لها أثار سلوكية؟، وهل تسبب الإدمان على مشاهدتها؟، وما أعراض هذا الإدمان؟
آثار سلبية
---------------
وقالت أم سعد -أم لثلاثة أطفال-: "يرى كثير من الآباء والأمهات أنَّ في هذه الأجهزة والألعاب الإلكترونية فوائد كبيرة، حيث إنَّ هناك من يرى أنَّها تُحدّ من خروج الأطفال إلى خارج البيت، أو أنَّها بمثابة تعويض منهم لعدم الخروج بأطفالهم إلى خارج المنزل، نظراً لأنَّ لديهم ارتباطات أو مشاغل لا يستطيعون معها تلبية احتياجات أطفالهم"، مُضيفةً أنَّ العديد من الأطفال لا يدركون مدى خطورة هذه الأجهزة والألعاب الإلكترونية.
وأضافت أنَّ المسؤولية في ذلك تبقى على الآباء والأمهات، موضحةً أنَّ هناك من الآباء والأمهات –للأسف- من يرى أنَّ في هذه الألعاب ما يُنمِّي قدرات الطفل العقلية، بيد أنَّ الواقع –على حد رأيها- هو عكس ذلك تماماً، إذ أنَّها تُعدُّ أكثر ضرراً على الإبداع وعلى عقول الأطفال والمراهقين، خصوصاً أنَّهم يبقون لساعات طويلة أمامها وأذهانهم مشدودة، وربَّما كانوا خائفين ومتوترين، إلى جانب ما تُسبّبه من آثار سلبية أخرى عليهم نتيجة احتواء كثير منها على مشاهد مرعبة ومضامين سلبية.
مخترعات جديدة
---------------------
وأكَّدت سارة محمد –معلمة، وأم لأربعة أطفال- على أنَّ كثيرا من الألعاب الإلكترونية تساعد على تنمية الذكاء والمهارات الذهنية مُضيفةً أنَّ التقنية الحديثة تُعلِّم الأطفال كيفية التعامل مع المخترعات الجديدة وتجعلهم أكثر إصراراً على تحقيق النجاح والتعامل مع تلك الآلات والأجهزة والألعاب باحترافية عالية، كما أنَّها تساعد على ملء أوقات الفراغ والاطلاع على الأفكار والمعلومات الجديدة، إلى جانب توفيرها قدراً جيداً من اللهو البريء والترويح عن النفس.
ترفيه بريء
--------------
وبيَّن سلطان علي -(18) عاماً- أنَّه يلعب يومياً بمعدل ثماني ساعات متواصلة كحد أدنى، وربّما أكثر من ذلك، مُضيفاً أنَّه يلعب في كثير من الأحيان ثلاث أو أربع مراحل متواصلة في لعبةٍ ما مع أشخاص أجانب على شبكة "الإنترنت"، إلى جانب الدردشة معهم صوتياً، موضحاً أنَّه لم يكن متمكناً من إجادة اللغة الإنجليزية، وبعد أن استمر على هذه الحال فترة من الزمن أصبح يترجم كل كلمة ليعرف معناها ومن ثمَّ حفظ الكلمات الجديدة، إلى ان تمكن الآن من التحدث معهم بشكلٍ جيد.
ولفت وائل محمد -(15) عاماً- إلى أنَّه يستخدم الألعاب الإلكترونية بشكلٍ يوميّ، موضحاً أنَّ لها فوائد كثيرة أثناء اللعب، ومن ذلك الترفيه البريء، إلى جانب تخفيف الضغوط الحياتية.
وأيَّده الرأي رياض محمد –(20) عاماً-، مُوضحاً أنَّ هوايته المفضلة هي ممارسة الألعاب الإلكترونية، مُضيفاً أنَّ لها فوائد في جوانب معينة، لكنَّ أضرارها أكثر من فوائدها، مُبيِّناً أنَّه يمارس هذه الألعاب في أوقات الإجازات بشكل متواصل ولساعات طويلة.
جهاز جديد
---------------
وقال عبدالرحمن الخميس الذي كان متواجدا في احد محلات بيع الاجهزة الالكترونية: "جئت هنا مع أولادي لبيع جهاز ألعاب الكترونية وشراء آخر أحدث منه وذلك للوصول للأحدث، حيث يقضي أولادي في الإجازات وقتاً أطول في لعب ومشاهدة الألعاب الإلكترونية، وذلك بمعدل يصل إلى حوالي أربع ساعات يومياً، وهناك من الشباب من يجلس أكثر من ثماني ساعات يومياً بشكل متواصل".
ضمان الوكيل
---------------
وأوضح محمد سميح -بائع أجهزة وألعاب إلكترونية- أنَّه يبيع من (30 – 35) شريطاً للألعاب الإلكترونية بشكل يوميّ، مُضيفاً أنَّ الأسعار تختلف، كما يكثر الإقبال على الألعاب والمسابقات الرياضية، وهي التي تكثر مبيعاتها، إذ أنَّها مناسبة لكل الأعمار، وليس هناك تحديد لسن معين لاستخدام هذه الألعاب، حيث يمكن استخدامها حتى من قبل الشباب والكبار.
وبيَّن زبير محمود -بائع أجهزة وألعاب إلكترونية- أنَّه يعمل في هذا المجال منذ (20) سنة، مُضيفاً أنَّ هذه الألعاب الإلكترونية مناسبة من سن الثالثة إلى (18) من العمر، موضحاً أنَّه ليس بمقدوره التمييز بين الأجهزة الأصلية والمُقلَّدة، إذ انَّه يعتمد على ضمان الوكيل فقط، مُشيراً إلى انَّ هذا الضمان يصل إلى سنتين ولا يتعامل بموجبه إلاَّ بوجود بطاقة الضمان والفاتورة ورقم الجهاز التسلسلي، مُشدِّداً على ضرورة الاحتفاظ بالفاتورة وبطاقة الضمان حتى يتمّ إصلاح الأجهزة بموجب الضمان.
ألعاب مغشوشة
--------------------
وأكَّد د. عبدالله بن أحمد المغلوث -عضو الجمعية السعودية للاقتصاد- على أنَّ الألعاب الإلكترونية ظاهرة متوسعة أصبحت تقلق كثيرا من الأسر؛ خوفاً على أبنائهم، وذلك لعدة أسباب، ومنها: أنَّ هذه الألعاب ليست آمنة، وتستورد من دول لا تُطبِّق المعايير والمواصفات العالمية، مُوضحاً أنَّ هناك دولا معروفة لدى الجميع تُصدِّر هذه الألعاب الإلكترونية المغشوشة، مُشيراً إلى أنَّ سوقنا المحلية أصبحت مرتعاً لهذه الألعاب.
وأضاف أنَّ هناك استنزاف أموال وضياع عقول، حيث أصبح أكبر همّ لدى البعض هو شراء هذه الألعاب، التي تمَّ التحذير منها من قبل الجهات المعنية، وعلى الرغم من تلك التحذيرات إلاَّ أنَّ بعض التجار –للأسف- ما زالوا يتهافتون على بيع هذه الألعاب، والضحية هم أبناؤنا، مُشيراً إلى أنَّ هناك عشرات الملايين من الريالات تُدفع وتُهدر من غير أيّ ثمن أو إضافة من جيوب الأسر، وفي النهاية تذهب في ألعاب لا تغني ولا تسر عقول الأبناء.
وأشار إلى أنَّ هناك مخاطر صحية وجسدية يتعرض لها الأطفال، على الرغم من تحذير الآباء لأبنائهم، إلاَّ أنَّهم اعتادوا على شرائها نتيجة الدعاية والترويج لهذه الألعاب من خلال الإشاعات بين الأطفال في المدارس والحواري، مُضيفاً أنَّنا بحاجة إلى إنشاء جمعية سعودية يُطلق عليها الجمعية السعودية لحماية أبنائنا وتوعيتهم من أضرار الألعاب الإلكترونية، إلى جانب الحاجة إلى أن تؤدي جمعية حماية المستهلك دورها في مراقبة الأسواق والحد من هذه الألعاب الضارة.
ثورة معلوماتية
-----------------
ولفت محمد بن سعيد الشهراني -مشرف تقنية معلومات، ومدرب حاسب آلي- إلى أنَّ الثورة المعلوماتية التي تهيمن على العالم اليوم والخدمات الكبرى التي تقدمها للبشرية، جعلت الناس لا تلقي بالاً للأضرار الضخمة التي أحدثتها وتحدثها وستحدثها التقنية على الإنسان، وإن استمرت التقنية بهذا الزخم المتسارع دون توعية بأضرارها التقنية، فإنَّ أضراراً جسيمة ستلحق حتماً بالإنسان، وستصبح اللغة، التي هي إحدى أهم مكونات الحضارة في خطر.
وأوضح أنَّ الثورة المعلوماتية خطر داهم إذا ما تمكن التكنولوجيون من ترجمة الكلام إلى نصوص، مُضيفاً أنَّهم بدأوا بالفعل في ذلك، مُبيِّناً أنَّ الأبجدية لكل لغات العالم في طريقها للانكفاء، وستأتي أجيال لا قدرة لديها ولا وقت للكتابة بالأبجدية، مُشيراً إلى أنَّ الأجيال الحديثة من البشر ممَّن ولدوا في عصر التقنية هم أقل ذكاء اجتماعيا من الأجيال التي سبقتهم.
وأضاف أنَّ الأطفال الذين يقضون جلَّ وقتهم مع أجهزتهم الذكية دون الاختلاط ببيئة الأطفال، ليس لديهم القدرة على التعبير عن عواطفهم ولا عن أنفسهم كبقية الأطفال، كما أنَّه ليس لديهم القدرة على قراءة تعابير الآخرين ولا الاستجابة لها، حيث إنَّ هؤلاء يتحدثون لغة مهزوزة ويعبرون بطريقة فقيرة، وبالتالي لابُدَّ أن يعرف الآباء والمُربّون أنَّ ذكاء الطفل الإلكتروني لا يدل مطلقاً على ذكائه المطلق، بل إنَّ أكثر الدراسات تنص على أنَّ ذكاءه متناسب عكسياً مع ذكائه اللغوي والعاطفي.
سنوات حسَّاسة
----------------------
وبيّن د. صالح بن محمد الصالحي -استشاري النمو والسلوك، ورئيس برنامج اضطرابات النمو والسلوك بالمجلس الصحي السعودي- أنَّ إحدى سمات هذا العصر هو التقدم التكنولوجي المطّرد والمتزايد، الذي أصبح في متناول أيدي جميع طبقات المجتمع، خصوصاً فئة الأطفال والمراهقين، حيث يقضي الأطفال وقتاً طويلاً في ممارسة ألعاب الفيديو من خلال مختلف الأجهزة والهواتف الذكية والألواح الإلكترونية الذكية وأجهزة الحاسب الآلي.
وأكَّد على أنَّ الجمعية الأميركية لطب الأطفال تُشدِّد على أنَّ الوقت المسموح به للأطفال لمشاهدة الشاشات هو ساعة إلى ساعة ونصف، بما في ذلك الألعاب الإلكترونية، خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل؛ لحساسيتها، حيث تتشكَّل في هذه المرحلة كثير من المهارات الحسية ومهارات التعلم والأداء والقيم، حيث يجب أن تكون مفرحة ومفيدة ولا تحتوي على أيّ مظهر من مظاهر العنف أو الجنس.
إيذاء جسدي
---------------
وقال د. الصالحي: "لعلَّ أهم عوامل الخطورة في أمان الألعاب الإلكترونية، هو أنَّها تُقلِّل الحساسية من مظاهر القتل والعنف، ممَّا يؤدي إلى اللامبالاة وعدم الاكتراث بما يصيب الآخرين من ضرر، ومكافأة المجرم في (50%) من الألعاب، ممَّا يؤدِّي إلى تحفيز الطفل ليكون البطل، إلى جانب الرغبة في أعمال العنف والقتل، كما أنَّ تقليد الحركات المثيرة يؤدي إلى ضرر قد يكون بالغاً على المحيطين بالطفل أو الإيذاء الجسدي لمن هم أصغر منه".
وأضاف أنَّ الطفل المدمن على هذه الألعاب يتعرَّض إلى كثير من العنف الجسدي والنفسي، سواء بالعقاب أو الانتقام من الآخرين، مُضيفاً أنَّ توزيع الأدوار الجماعية الضخمة عبر الإنترنت تؤدي إلى تعارف الأطفال والمراهقين على آخرين من دول وجنسيات مختلفة لهم أهداف استغلال أو إيذاء، إلى جانب أنَّ هذه الألعاب تؤدي أيضاً إلى توزيع الأدوار في العنف والقتل والتنكيل والاستحواذ على مدخرات الآخرين، وقد يكون لذلك تطبيقات خارج العالم الافتراضي.
ضعف الرقابة
---------------
وأكَّد د. الصالحي على أنَّ من الأسباب التي تؤدي إلى إدمان الألعاب الإلكترونية، عدم معرفة ووعي الوالدين بخطورة هذه الألعاب، وغياب الرقابة الفاعلة، وعدم وجود وقتٍ كافٍ من الوالدين للتفاعل وعمل نشاطات جماعية جيدة، إلى جانب الخلافات الشخصية، وكذلك ضعف شخصية الطفل وغياب البدائل للمراهقين، إضافةً إلى ضعف الأنظمة والقوانين في تحديد أهلية بعض الألعاب للمشاهدة في أعمار صغيرة وضعف الرقابة على نقاط البيع.
وبيَّن أنَّ العلاج يكون وقائياً، وذلك بزيادة وعي الوالدين بخطورة هذه الألعاب وإيجاد وقت كاف من الوالدين للتفاعل وعمل نشاطات جماعية، والعمل على عدم نسيان الأطفال في حال وجود الخلافات الأسرية، إلى جانب العمل على تعزيز شخصية الطفل وتحفيزه وتدريبه على التفاعل الإيجابي مع الآخرين، وكذلك تطبيق الأنظمة والقوانين في تحديد أهلية بعض الألعاب للمشاهدة في أعمار صغيرة وتقوية الرقابة على نقاط البيع، إضافةً إلى إيجاد مشروع وطني شامل لرعاية المراهقين وتوفير البدائل لهم.
إجهاد العين الرقمي
----------------------
وأشار د. فرحان بن خشم السويلمي -استشاري طب وجراحة العيون بكلية الطب بجامعة الحدود الشمالية- إلى أنَّ استعمال الأجهزة الرقمية أو التركيز بالنظر فيها لفترة طويلة يُسبِّب إجهاداً للعين، مُضيفاً أنَّ الأطباء تعارفوا في السنوات الأخيرة على استخدام مصطلح إجهاد العين الرقمي "DIGITAL EYE STRAIN"، وأحياناً يُشار إليه باسم متلازمة رؤية الكمبيوتر، موضحاً أنَّ هذه المشكلات أصبحت بازدياد في عيادات العيون بسبب تقدم التكنولوجيا وتطور الأجهزة الذكية باستمرار.
وأضاف أنَّ تشخيص مرض متلازمة رؤية الكمبيوتر يتمّ بالفحص، حيث يشتكي المريض من جفاف العيون أو عدم وضوح الرؤية وإجهاد عضلات العين أو الرأس أو الرقبة وآلام الظهر بعد استخدام جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذكي لفترة زمنية طويلة، مُبيِّناً أنَّ التحديق في شاشات الهاتف والكمبيوتر اللوحي قد يضر الأعين بشكل دائم؛ لأنَّها تبعث ضوءاً ذا طاقة مشعة عالية "HEV LIGHT"، وهو ما يُعرف أيضاً بالضوء الأزرق.
الضوء الأزرق
--------------
وبيّن د. السويلمي أنَّ بعض الدراسات المخبرية على حيوانات التجارب أظهرت أنَّ التعرّض لمستويات عالية من الضوء الأزرق يمكن أن تتلف الأنسجة في شبكية العين، وهذا يشبه تغييرات الشبكية المرتبطة بالضمور البقعي عند كبار السن في البلاد الغربية، إذ أنَّه هو السبب الرئيس لفقدان البصر لدى كبار السن في تلك البلدان، مُضيفاً أنَّ التعرّض لهذا الضوء يعتمد على عوامل كثيرة بما في ذلك تكنولوجيا الشاشة وحجمها وسطوعها والمسافة من الشاشة إلى وجه المستخدم ومدة الاستخدام.
وأكَّد على أنَّ الهواتف الذكية يُمكن أن تسبب زيادة في التعرض التراكمي للضوء الأزرق بدرجة أكبر من شاشة تلفزيون كبيرة، مُضيفاً أنَّ جزءاً من المشكلة يكمن في أنَّنا نميل إلى فتح الجفون على نطاق أوسع ونرمش أقلَّ كثيراً عندما نُحدِّق في الشاشات، ممَّا يؤدي إلى الإجهاد بسبب التركيز على الشاشة على مسافة ثابتة لفترة طويلة، دون النظر بعيداً وأخذ فترة لإراحة عضلات العين، موضحاً أنَّ الوقت الذي يقضيه الأطفال والبالغين أمام هذه الشاشات سيُساهم في ارتفاع مستويات قصر النظر.
حوافز نفسية
-----------------
وأوضح د. عبدالله بن محمد الشرقي -استشاري طب نفسي وعلاج إدمان، ونائب مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة الأسبق- أنَّ للألعاب الإلكترونية مقدرة عالية على جذب انتباه الأطفال وإعطائهم حوافز نفسية تُشجّعهم على المزيد من ممارستها، مُضيفاً أنَّه على الرغم من بعض تأثيراتها الإيجابية، إلاَّ أنَّ الإسراف في ممارستها قد يجعلها المصدر الرئيس الذي يستقي منه الأطفال الأفكار والتصورات حول العالم الخارجي.
وبيَّن أنَّ ذلك هو ممَّا يُشوّه ذهن الطفل ويُؤثِّر على نموّه النفسي والعاطفي والسلوكي وينعكس على شخصيته المستقبلية، مُضيفا أنَّ بعض الأطفال قد يصل إلى مرحلة الإدمان على هذه الألعاب بحيث تصبح من الأمور الأساسية في حياته، وبالتالي يقضي أوقاتاً طويلة في ممارستها أو التفكير بها وتصبح من أولوياته على حساب الأمور الأساسية، كالدراسة والعلاقات مع الأهل، إلى جانب أنَّ عدم مقدرته على ممارستها لأيّ سبب كان قد تصيبه بالعصبية والانفعال وشرود الذهن.
نصائح طبية
-------------
قدَّم د. فرحان بن خشم السويلمي -استشاري طب وجراحة العيون بكلية الطب بجامعة الحدود الشمالية- بعض النصائح للتقليل من الآثار الضارة لهذه الأجهزة، وذلك بأن تتمّ المحافظة على مسافة عمل مريحة على هذه الأجهزة، وذلك على مقربة من طول ذراع من الشاشة، وأن يتمّ تجنّب النزوح أقرب فأقرب مع الاندفاع في العمل، مُضيفاً أنَّه عند استخدام الهاتف تتمّ المحافظة على الشاشة بعيداً عن العينين إلى أوضح شيء ممكن للرؤية بشكل مريح، مؤكداً على أنَّه كلَّما بعدت مسافة الهاتف الخاص عن العينين، كلَّما كان الخط كبيراً والصورة كبيرة بما فيه الكفاية لمشاهدة مريحة.
ودعا إلى أن يتمّ أخذ قسطٍ من الراحة لمدة (20) ثانية كل (20) دقيقة، على أن يتمّ التحديق في شيء ما على بعد (20) قدماً، لإرخاء عضلات العيون، وهذا ما يسمى بقاعدة "20 - 20 – 20"، مُبيِّناً أنَّ هذا يريح عضلات التركيز داخل العين ويُخفف انقباض عضلات العين، كما أنَّه يريح أيضاً العضلات خارج العين وحولها، ممَّا يُخفِّف من الصداع وآلام الرقبة والكتف والظهر، ويُحفِّز ترطيب سطح العين بشكل أكبر، ممَّا يُقلِّل من حدوث جفاف العيون.
ونصح بإجراء فحص للعيون عند أطباء العيون وأخصائيي البصريات؛ لأنَّ المشكلات البسيطة يمكن أن تزيد من خطر إجهاد العين الرقمي، على أن يتمّ سؤال أخصائي العيون عن أفضل نوع من النظارات للاحتياجات الرقمية، وأن يتمّ الطلب من المختصين بالعيون النظارات التي تحجب الضوء الأزرق، مُضيفاً أنَّ هناك عددا من العلامات التجارية من عدسات النظارات والطلاءات التي يمكن أن تقلل من التعرض لهذا الضوء عند استخدام الأجهزة الرقمية.
وشدَّد على ضرورة التأكّد من عدسات النظارات، في حال كان المستخدم بحاجة للنظارات، وأنَّ لديها خاصية مضادة للانعكاس "ANTIREFLECTIVE COATING" في الطلاء المستخدم في صنعها؛ لأنَّها تقلل من الانعكاسات الضوئية، ممَّا يؤدي إلى زيادة في الراحة وتقليل إجهاد العين، داعياً إلى استغلال الوقت في الرياضة والخروج خارج المنزل؛ للتقليل من نمط الحياة الرتيبة وكسر الروتين والتخفيف من السمنة، التي يتسبب بها جلوسنا أمام شاشات هذه الأجهزة لفترات طويلة.
مخاطر سلوكية وأمنية
-----------------------------
أشار عبدالله بن راشد الغانم -خطيب جامع بوزارة الشؤون الإسلامية- إلى أنَّ الألعاب الإلكترونية انتشرت في كثير من المجتمعات الإسلامية العربية، إذ لا يكاد يخلو منها بيت، موضحاً أنَّها أصبحت الشغل الشاغل للأطفال، حيث إنَّها لم تعد حكراً على الصغار فحسب، بل صارت هوس الكثير من الشباب، وتعدى ذلك للكبار، مُبيِّناً أنَّ العديد من الألعاب المنتشرة حالياً لها مخاطر سلوكية وأمنية، في ظل غياب أجهزة الرقابة الرسمية على بعض محال بيع هذه الألعاب.
وأكَّد على أنَّ ذلك ترافق أيضاً مع عدم مراقبة بعض الأسر لما يُشاهده أبناؤهم من ألعاب، مُضيفاً أنَّ عدم الوعي بمخاطرها أدَّى إلى تسرُّب ألعاب وبرامج هدَّامة تُروّج لأفكار وألفاظ تتعارض مع تعاليم الدين وتهدد الانتماء للوطن، موضحاً أنَّ بعض محتويات ومضامين بعض الألعاب الإلكترونية بما تحمله من سلبيات وطقوس دينية معادية ومسيئة للدين الإسلامي قد تُؤثِّر على اللاعب أو المشاهد، كما أنَّ تعلُّق الأطفال والمراهقين بهذه الألعاب قد يُلهيهم عن أداء العبادات الشرعية.
وأضاف أنَّ هذه الألعاب قد تُلهيهم أيضاً عن أداء الصلوات في أوقاتها مع الجماعة في المسجد، كما أنَّها قد تُلهيهم عن طاعة الوالدين والاستجابة لهم وتلبية طلباتهم، إلى جانب إلهائهم عن صلة الأرحام وزيارة الأقارب، لافتاً إلى أنَّ هناك دراسات أثبتت وجود علاقة بين السلوك العنيف للطفل ومشاهد العنف التي يراها على شاشة التلفاز أو يمارسها في الألعاب الإلكترونية، خصوصاً أنَّ نسبة كبيرة من هذه الألعاب تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين وتدمير ممتلكاتهم والاعتداء عليهم دون وجه حق.
وقال: "إنَّ العديد من هذه الألعاب تُعلِّم الأطفال والمراهقين أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها، كما أنَّها تُنمِّي في عقولهم قدرات ومهارات العنف والعدوان، التي تقودهم في النهاية إلى ارتكاب الجرائم"، مُشدِّداً على ضرورة الانتباه لما يشاهده أو يلعب به أطفالنا من ألعاب، مؤكِّداً على أنَّ الله -تبارك وتعالى- سوف يسأل كل راع عمَّا استرعاه من رعية، لما جاء في الحديث: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته"، وقوله تعالى: "قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة".
اضطراب ألعاب «الإنترنت»
--------------------------------
يقول د. صالح بن محمد الصالحي -استشاري النمو والسلوك، ورئيس برنامج اضطرابات النمو والسلوك بالمجلس الصحي السعودي-: "إنَّ اضطراب ألعاب الإنترنت (internet gamers disorder) أصبح مُتعارف عليه في الأوساط المهنية، حيث يتوقع أنَّ ما يقارب من (10 – 15%) من الأطفال والمراهقين مصابون بهذا الاضطراب، الذي ينتج عن إدمان الألعاب الإلكترونية"، مُضيفاً أنَّ إحدى الدراسات الاستطلاعية في هذا المجال أشارت إلى أنَّ هذه النسبة قد تصل إلى (23%) في المملكة، موضحاً أنَّه ينتج عن هذا الاضطراب والإدمان مضاعفات كبيرة على الفرد والأسرة والمجتمع ككل.
وأشار إلى أنَّ من هذه المضاعفات عزلة المصابين اجتماعياً، والقلق وتقلُّب المزاج، وضعف التخيل والتفكير الإبداعي، إلى جانب تدنّي النظافة الشخصية وسوء التغذية، وكذلك فقدان ساعات من الدراسة والعمل، إضافةً إلى الاضطرابات النفسية، ومنها: الاكتئاب والانتحار، مُبيِّناً أنَّ المدمنين على الألعاب الإلكترونية يتصفون بصفات المقامرين نفسها، وقد ينسحب ذلك على خارج الألعاب في الحياة الواقعية من المجازفات والمقامرة والمغامرات الخطرة.
وأوضح أنَّ من أعراض اضطراب ألعاب "الإنترنت"، أنَّ الطفل أو المراهق يقضي ساعات طويلة بعد وقت المدرسة في مزاولة الألعاب الإلكترونية وينام في النهار، وأحياناً في المدرسة، كما أنَّ درجاته الدراسية تتدهور ويتأخر في حل الواجبات ويلجأ للكذب حول مدة اللعب بالأجهزة، مُضيفاً أنَّه قد يُفضِّل ممارسة الألعاب الإلكترونية على اللعب مع الأقران أو الإخوة بالألعاب الجماعية المختلفة، كما أنَّه ينسحب أو يصد عن الأصدقاء والمجموعات الاجتماعية ويشعر بالتوتر في حال عدم اللعب بهذه الأجهزة.
ولفت إلى أنَّه يكون لديه أيضاً سلوك عدواني مفاجئ، ويستخدم الأدوات غير المناسبة في اللعب مع الآخرين، مثل: الأسلحة، كما أنَّه يُطبِّق بعض مشاهد الألعاب الإلكترونية على الآخرين، إلى جانب تدنِّي الحساسية لديه من مظاهر العنف والإجرام والقتل، مُضيفاً: "حسب دراسة نرويجية، فإنَّ الأعراض الجسدية لاضطراب ألعاب الإنترنت تكون على شكل: صداع أو ألم في الرقبة والظهر بنسبة (80%)، كما أنَّ اضطرابات النوم تكون بنسبة (70%)".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.