د. فيصل بن منصور الفاضل الاقتصادية - السعودية يأتي نظام التحكيم الجديد الصادر بتاريخ 17/5/1433ه مشتملا على منظومة متكاملة من الأحكام لتنظيم التحكيم كإحدى أهم وسائل حل النزاعات. وقد تضمن هذا النظام، الذي حل محل النظام القديم الصادر عام 1403ه، تطويرا كبيرا في الأحكام المنظمة لهذه الوسيلة القضائية الخاصة ومساندتها في جميع مراحلها وتمكينها بما تحتاج لتسوية الخلافات بسرعة ومرونة. جاء النظام متواكبا مع التطورات والمستجدات في مجال التحكيم ومنسجما مع اتفاقية نيويورك الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية التي انضمت إليها المملكة عام 1994، وكذلك القانون النموذجي للتحكيم الذي أعدته الأممالمتحدة عام 1985م، ومن المتوقع أن يسهم هذا النظام بعد تفعيله في الاستمرار بدفع عجلة التنمية الاقتصادية لما يوفره من تحسين للبيئة الاستثمارية وتحفيز للاستثمار، فضلا عن إسهامه في رفع مستوى تصنيف المملكة بين الدول على مستوى إنفاذ العقود وما قد يتولد عن ذلك من زيادة لتحفيز الاستثمارات الأجنبية في المملكة. ولكن على الرغم من مضي أكثر من ثلاث سنوات على صدور هذا النظام، فإنه لم يتم تفعيله بعد بما يحقق أهدافه؛ بسبب التأخر في إقرار لائحته التنفيذية، ومن المعروف أن الاستفادة الكبيرة من نظام التحكيم الجديد تتوقف على تحقيق متطلباته، ومن أهمها إصدار لائحته التنفيذية والبدء في تطبيقها؛ ولذلك أصبح التعجيل بإنجازها مطلبا مهما، والأكثر أهمية أن يراعى في إعداد مشروع هذه اللائحة انسجام أحكامها وموادها التفصيلية والتفسيرية مع الأهداف والغايات التي قصدها المنظم من صدور نظام التحكيم ولا سيما أن هذه اللائحة تمثل المحور المفصلي في النظام وستضمن وضعه على أرض الواقع فضلا عن أنها ستحقق الوضوح وبيان الغموض الذي ورد في بعض أحكام النظام المتعلقة بشروط هيئة التحكيم والحالات التي تقام فيها دعوى البطلان والمحكمة المختصة، وظهرت حولها تفسيرات مختلفة ومتباينة. لقد تضمن قرار مجلس الوزراء رقم (156) وتاريخ 17/5/1433ه قيام وزارة العدل ووزارة التجارة والصناعة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء والجهات الأخرى ذات العلاقة بإعداد اللائحة التنفيذية لهذا النظام ورفعها تمهيدا لصدورها من قبل مجلس الوزراء ولم يحدد إطارا زمنيا لإعداد هذه اللائحة غير أن ذلك ليس مبررا لهذا التأخر الطويل جدا، وينبغي على هذه الجهات أن تسرع من إجراءات إنجاز إعداد اللائحة ورفعها لمجلس الوزراء خصوصا أن هناك مرحلة قادمة لمراجعة اللائحة وتطويرها في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء وذلك قبل صدورها من مجلس الوزراء. وأخيرا بقي أن نقول: إنه من المؤمل من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية أن ينظر في الأنظمة المتعلقة بالتنمية التي لم تفعّل بعد ومنها نظام التحكيم الجديد، الذي أصبح معلقا على إعداد لائحة مشتتة بين عدد من الجهات الحكومية، في مقدمتها وزارة العدل ووزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار، التي لم يرد اسمها صراحة بين الجهات ذات العلاقة على الرغم من أهمية إشراكها وهو أمر ربما لم يتحقق حتى تاريخه، وأن تكون له توصية تنقل هذه اللائحة من وضعها الحالي إلى محطة هيئة الخبراء في مجلس الوزراء والمعروفة بعملها القانوني الرصين وتقديرها لعامل الوقت الثمين.