د. فيصل بن منصور الفاضل الاقتصادية - السعودية جاء نظام التنفيذ الصادر عام 1433ه محققا نقلة نوعية وخطوة مهمة في إصلاح البيئة العدلية في المملكة، بما أدخله من أحكام وقواعد سدت الفراغات النظامية التي كان يعانيها النظام القضائي في بعض فروعه وجوانبه، ومنها ما يتعلق بالسندات التنفيذية، التي أصبح لها حجية وقوة بذاتها، وأصبح قاضي التنفيذ بموجب هذا النظام ممكَّنا بصلاحيات واسعة لتنفيذ تلك السندات، وإرغام الممتنعين على دفع ما في ذممهم بوسائل فعالة، بما في ذلك توقيع عقوبات صارمة لمن ثبت أنه يتعمد تعطيل التنفيذ أو يقصد المماطلة. وقد حدد هذا النظام، في المادة التاسعة منه، السندات التنفيذية، بالأحكام والقرارات والأوامر الصادرة من المحاكم، وأحكام المحكمين المذيلة بأمر التنفيذ، والأوراق التجارية، والعقود والمحررات الموثقة، والأحكام والأوامر القضائية الصادرة من بلد أجنبي، والعقود والأوراق الأخرى التي لها قوة سند التنفيذ بموجب النظام. وعلى الرغم من تحديد هذا النظام للسندات التنفيذية على نحو واضح ودون أن يربطها بتاريخ زمني محدد، فإن اللائحة التنفيذية لهذا النظام، التي صدرت عام 1434ه، أتت مقيدة لما قضى به النظام، وقررت أن تسري أحكام هذا النظام على السندات التنفيذية التي نشأت بعد نفاذه، ما أدى إلى فقدان السندات التنفيذية التي نشأت قبل نفاذ هذا النظام لحجتها الذاتية، وحرمان أصحابها من ملاحقة المماطلين وإلزامهم بالتنفيذ، واستمرار معاناتهم من الفراغ النظامي، بسبب هذا النص اللائحي لوزير العدل. وعلى سبيل المثال، أصبح العامل الذي لديه قرار من هيئة تسوية المنازعات العمالية صادر يوم 18/4/1434ه يستفيد من نظام التنفيذ ويستطيع إرغام الممتنع على دفع ما في ذمته، أما العامل الذي لديه قرار من هيئة تسوية المنازعات العمالية يوم 17/4/1434ه وما قبله فلا يستطيع الاستفادة من هذا النظام، ولا يستطيع إرغام الممتنع على دفع ما في ذمته وتستمر معاناته من الفراغ النظامي السابق، وينطبق ذلك على بقية السندات التنفيذية التي حددها نظام التنفيذ. وربما يعود السبب في ذلك التقييد الذي قررته اللائحة التنفيذية إلى الرغبة في تفعيل ما قضى به النظام على مراحل، وأن يتم البدء بالسندات التنفيذية التي صدرت بعد تطبيق النظام، ويكون البدء بالسندات التنفيذية الأخرى في مرحلة قادمة، وقد نصت اللائحة التنفيذية في مادتها رقم (97/1) على "أن تراجع اللائحة؛ لغرض تحديثها، عندما تستدعي الحاجة ذلك خلال سنتين من نفاذ النظام"، وقد مضى على نفاذه أكثر من سنتين. وأخيرا بقي أن نقول: إن اللائحة التنفيذية هي أداة نظامية تتولى تفسير وتفصيل الأحكام والقواعد النظامية التي وردت في النظام وليس لها أن تضيف قاعدة أو حكما جديدا أو تعدله، وأن هناك حاجة لدراسة مدى شمول نظام التنفيذ للسندات التنفيذية التي نشأت قبل نفاذه بصفة خاصة ومراجعة اللائحة وتطويرها بصفة عامة، وأن يشارك في الدراسة والمراجعة مختصون مستقلون ومحايدون، بهدف منع تعارض المصالح، التي قد يعد من بينها الرغبة في تخفيف العمل على من سيتولى تطبيق التعديلات الجديدة للائحة.