الشروق - القاهرة قال الخبير الاستراتيجى فى البرنامج التليفزيونى إن دولة قطر متورطة فى أحداث الفتنة التى شهدتها أسوان، وفجرت الصراع المسلح بين قبيلتى الهلالية والدابودية، مما أسفر عن مقتل 25 شخصا وإصابة خمسين. وفى روايته لما جرى ذكر أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان كان قد زار الخرطوم قبل ثلاثة أيام من انفجار الأحداث فى أسوان. وهناك قدم مليار دولار وديعة للحكومة السودانية، وبعد سفره صدرت التعليمات لأحد القيادات الإخوانية فى أسوان للتحرك الذى أفضى فى النهاية إلى إطلاق شرارة الفتنة على النحو الذى أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه. ولأن الكلام كان منفصلا على الهوى السياسى فإنه تحول إلى عناوين للصحف فى صبيحة اليوم التالى. وقد شاء ربك أن تنشر بوابة «الشروق» بعد 48 ساعة تقريرا كان عنوانه «حقيقة ما يحدث فى أسوان»، كتبه الصحفي في بوابة الشروق مصطفى الأسوانى. فى روايته ذكر صاحبنا أن البعض عمد إلى نسج الأكاذيب حول ما جرى. تارة بدعوى ان الإخوان كانوا طرفا فيها، وتارة أخرى بزعم أن ثمة خلافا سياسيا بين القبيلتين حول ترشيح المشير السيسى لرئاسة الجمهورية، تطور إلى صدام مسلح أسقط القتلى والجرحى. ثم أورد الباحث الأسوانى تفاصيل ما جرى، فقال إنه فى مساء الثلاثاء الأول من أبريل ذهب بعض الشبان من الدابودية ذوى الأصول النوبية لشراء مخدرات من أحد التجار المعروفين من قبيلة بنى هلال. وإذ اختلفوا حول السعر وملاءمته للكمية المباعة فإن الخلاف تحول إلى اشتباك. ولأنهم كانوا على أرض الهلالية فقد تم الاعتداء بالضرب على شباب الدابودية، وهو ما أثار غضبهم، فتجمع نفر من أقرانهم صبيحة اليوم التالى أمام المدرسة الثانوية الصناعية لنصرة إخوانهم الذين ضربوا، وافتعلوا مناوشات ومضايقات لسكان المنطقة من أبناء قبيلة بنى هلال، وكتبوا عبارات مسيئة تمس شرف سيدات القبيلة، وتم الرد عليها بعبارات مماثلة. فتجددت الاشتباكات. وحاول بعض الأهالى الفصل بين الطرفين إلا أنهم فشلوا. عصر الأربعاء انعقدت جلسة صلح عرفية بين طرفى النزاع، حضرها شيوخهما. وفى أثناء الجلسة تطاول عدد من أبناء الدابودية بالسب والشتم على الحاضرين من الهلاليين. وتطور الأمر إلى مشادات كلامية قلبت الجلسة وحالت دون التوصل إلى أى اتفاق. مساء الأربعاء شن عدد من أهالى قبيلة بنى هلال هجوما مسلحا على منازل عدد من أهالى قبيلة الدابودية، وقاموا بإشعال النيران فى منازل أخرى. وخلال دقائق معدودة احتشدت عوائل القبيلتين وخرجت حاملة ما لديها من أسلحة. وحين تحركت القوات الأمنية فى محاولة للحيلولة دون التحام الغاضبين فإن الطبيعة الجغرافية لمنطقة السيل الريفى وتلاصق المنازل بعضها ببعض حالا دون ذلك. وفاقم الموقف أن مجموعة من راكبى الدراجات البخارية ظلوا يطوفون بالمنطقة ويطلقون النيران بطريقة عشوائية. ظهر الخميس انعقدت جلسة صلح عرفية بحضور عدد من كبار العائلات و القبائل، اتفقت فيها على إبرام هدنة بين القبيلتين والفصل بينهما تماما بواسطة قوات من الجيش والشرطة، وصلت بعد تدخل من المحافظ ووزير الدفاع. استمرت الهدنة حتى ظهر الجمعة إلا أن بعض أبناء الدابودية قاموا باختطاف بعض أبناء قبيلة بنى هلال أثناء خروجهم من صلاة الجمعة واحتجزوهم كأسرى، الأمر الذى أدى إلى تجدد الاشتباكات مرة أخرى التى استخدمت فيها مختلف الأسلحة. وازداد الأمر حرجا حين توافد أبناء النوبة من أنحاء محافظة أسوان لمساندة إخوانهم من الدابودية. وتضاعف التعقيد والحرج حين أطلق المتقاتلون النار على قوات الأمن حتى لا تفصل بينهم، ولكى يصفى كل طرف حسابه مع الآخر بصورة مباشرة، وترتب على ذلك ارتفاع عدد القتلى بحيث وصل عددهم 25 بينهم 18 من بنى هلال وستة من الدابودية. تواصلت الجهود مساء الجمعة من جانب الجيش والشرطة للسيطرة على الموقف ثم جاء رئيس الوزراء (وزير الدفاع لم يكن معه كما ذكرت أمس خطأ). تفاهم شيوخ القبيلتين فيما بينهم إلى أن تم التوصل إلى هدنة استصحبت تهدئة الموقف وفتح الطرق المقطوعة وإطلاق سراح شباب القبيلتين المعتقلين باستثناء المتهمين فى قضايا جنائية. أيا كان الاختلاف فى التفاصيل التى ذكرها الباحث مع تلك التى أوردتها الصحف بعد ذلك، فالشاهد ان كل الروايات التى نشرت لم تذكر شيئا عن دور الشيخ تميم والمليار التى دفعها والتعليمات التى صدرت من الخرطوم لإشعال الفتنة فى أسوان، إلى آخر القصة التى حبكها وضللنا بها الخبير الاستراتيجى المزعوم، وهو ما ذكرنى بما قرأته مرة منسوبا إلى أحد الساخرين الكبار فى مصر، لا اعرف إن كان جلال عامر أو بلال فضل، من انه فى صغره انبهر بلقب الخبير الاستراتيجى، وتمنى أن يكون منهم حين يكبر، ولكن أهله نهروه وأصروا على ان يكمل تعليمه: وهو ما اقنعنى بأن أولئك الساخرين لا يهزلون ولا يقولون أى كلام، ولكنهم حكماء يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء وخفة الظل.