حين دخل الملك عبدالعزيز - بعد فتح الرياض - إلى أحد القصور وجد البيت العربي الشهير: نبني كما كانت أوائلنا ** تبني ونفعل مثل ما فعلوا! أمر فور قراءته للبيت بأن توضع كلمة (فوق) بدل (مثل). كان طموحه أعلى من تقليد الذين سبقونا، كان يعمل من أجل أن يجعل من هذا البلد مثلاً للتفوق والنمو طيلة حياته. وحين جاء الملوك من بعده واصلوا المسيرة، وقد وفقوا برجال استثنائيين لديهم همّ التنمية وألق الطموح. وإذا تصفحنا سيرة الوزير الراحل غازي بن عبدالرحمن القصيبي (كمثال) سنجد أنه ومنذ يفاعة عمره كان مهموماً مسكوناً بالطموح الأعلى لبلده. فقط لنقرأ كتابه "حياة في الإدارة"، نلمس القوة والعزم والإرادة. يعرف النجاح بالإرادة التي لا ترضى بأي سقف تصل إليه، بل تتوق إلى الأعالي من الإنجازات والاستثنائي من الرقي والتوهج والعمل. وعلى الرغم من كل المحاولات التي فعلها خصوم القصيبي من أجل تشكيك القيادة بقدراته أو ولائه وبرغم كل ما ينقل عنه إلى من هم أكبر منه غير أنه صبر وظفر، حيث أن من يصل إلى نجاح سيجد من يطعنه من الأمام والخلف. غير أن الملوك ليسوا بآذان مصغية للوشاة ذلك أن من يشي بشخص لا يمكن ائتمانه على أمر. لهذا بقي القصيبي من أبرز وأهم الوزراء الذين مروا في تاريخ السعودية. والحملات الشعواء التي تقاد ضده اليوم لا تحتاج إلى شرح. ويلٌ لأمة تتدخل في إرادة الله بمصائر العباد، حين يخرج من يتطرف ويتشدق بالدين ويضع هذا بالجنة وهذا بالنار، إن هذا الشقاء بمصائر الآخرين ربما يؤدي بالإنسان إلى التطرف وإلى الإرهاب أيضاً، لأن من يجرؤ على تحديد مكان الإنسان في الآخرة لن ينأى بنفسه عن ممارسة التكفير. بآخر السطر، فإن القصيبي لم تشله الألسنة الحداد، وكل الذي قيل عنه الآن هو بعض البعض مما قيل عنه بالأمس.