التزوير جريمة متفاقمة، ولو أنها لم تصل إلى حد الظاهرة، وقد يكون التزوير فرديا، لكن أي تزوير يجر ذيلا طويلا من الجرائم المدمرة، خصوصا لو نظرنا إلى التزوير من زاوية أنه جريمة أمن وطني، أو الأخطر أنه جريمة منظمة، وليس فقط متمثلا في واجهة التزوير من المقيمين الأجانب والمتعاملين معهم، فما وراء التزوير قد يكون أخطر من جريمة التزوير نفسها. من هذا التصور الافتراضي لو أخذنا جريمة التزوير بمفهوم أنها جريمة أمن وطني، وفساد، وتتبعنا أذيالها فماذا خلف ستارة التزوير من فساد خفي يجب كشفه، وعدم السكوت عليه، ابتداء من كفلاء المزورين إن كان لهم كفلاء، ومن يروجون لهم، ومن يستفيدون منهم، فلا يمكن لمجرم أن يتحرك دون دهاليز رسمية وغير رسمية في القطاعين الخاص والعام لتمرير جرائم التزوير.. التي قد نكتشفها ونتحرك لمواجهتها أمنيا بجسم الجريمة ولا غير، ويبقى ما خلف الجريمة من مستفيدين في الخفاء على جاهزية لإعادة الكرة بواجهة أخرى. هذا لا يعني تناسي الجهد المشكور لرجال الأمن والمباحث المتابعين لهذه الجرائم الظاهرة؛ لكننا نعرف أن تنظيمات الجريمة والإرهاب يعتمد عملها على التزوير لعبور الحياة العامة والحدود، وهذا سبب مطالبتي بتتبع ذيول التزوير والمستفيدين منه، وليس متابعة جسده الذي قد يظهر ويقبض عليه ويجرم، والإجراء المطلوب له شرعية في محاربة الفساد، والأمن الوطني، وهو ما لا يؤخذ بجهل الشريك والمتستر، والرجل الرسمي في شركة أو مؤسسة رسمية، ويكون القول إنه مرر عليه بحسن نيته باطل لكبر التجريم. ومع تكرار الإشادة بالجهد الأمني أطرح السؤال المثير للشك: أين الضبط الإلكتروني الذي نتحدث عنه مثل البصمة وغيرها؟ وما قيمة الضبط الإلكتروني مع كل هذه الأعداد المعلنة من المزورين الذين يقبض عليهم بين آونة وأخرى. خلاصة الموضوع تطرح ثلاثة أسئلة أولا: من يسهل مهمة وجود المزور من كفيل أو متستر أو غيره؟ ثانيا: ما قناته التي تمده بأصول التزوير من وثائق وغيرها حتى الأختام، وأجهزة التزوير ولم لم يبلغ عنه هؤلاء بصفتهم مشاركين، ولو بالشك في أمره؟ وثالثا وهذا الافتراض الأصعب: هل هناك فساد في قطاع رسمي تعبر عنه الوثيقة المزورة، سواء في دوائر الحكومة أو القطاع الخاص؟ قراءة التزوير بمفهوم الحالة والظاهرة يستلزم كل هذه القائمة من المتابعات وليس القبض على الطرف الظاهر وترك الطرف الخفي، فالمسألة برمتها أمن وطني.