تسمر ملايين المواطنين السعوديين يوم أمس الأول أمام شاشات التلفزيون وهم ينتظرون أوامر تاريخية من ملك البلاد. أعتقد أنها المرة الأولى التي يعلن فيها عن أوامر وطنية قبل إذاعتها وهو ما رفع نسبة المشاهدة إلى الذروة في تاريخ التلفزيون السعودي ككل. سبقت هذه الأوامر جملة من التوقعات وراجت جملة من التكهنات حول طبيعة ومغزى هذه الأوامر وكلها كانت تدور في نهاية المطاف حول ثقة المواطن بالملك عبدالله بن عبدالعزيز. كانت جملة من الأوامر المهمة التي تستهدف رخاء المواطن وزيادة رفاهيته والتي سيكون لها انعكاسات مباشرة على العاطلين وذوي الدخل المحدود. لكن الحدث الأبرز في هذه المنظومة كان تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لأنه يحمل بعدا إصلاحيا ربما يفوق ما عداه. المواطن يعول على هذه الهيئة بعد أن قفز ملف الفساد خلال السنوات الماضية ليكون في مقدمة القضايا الوطنية الملحة والأكثر أهمية لدى الرأي العام السعودي. لكن دور الهيئة ومدى قدرتها على اقتلاع جذور الفساد وتحقيق الأهداف التي جاءت في ديباجة الأمر الملكي يعتمد أولا وأخيرا على طبيعة التنظيم الذي أسند لهيئة الخبراء. مثل هذا التنظيم المقترح والفلسفة التي تقوم عليه أطره ومحدداته العامة هو الذي سوف يرسم مسار هذه الهيئة ومدى قدرتها على مواجهة الفساد وهذا ما أراه أمرا لا يقل في أهميته عن أهمية إقامة الهيئة ذاتها.