في ظل الاضطرابات التي تشهدها سوريا بما في ذلك على طول حدودها مع العراق تتحسس حكومة بغداد طريقها بحرص بين ادانة الحملة التي تشنها دمشق ودعم جارة قد يغير مستقبلها موازين القوى في العراق وما ورائه. يقول دبلوماسيون ونواب انه في حين انتقدت دول عربية وخليجية اخرى الرئيس بشار الاسد بل وصل الامر الى حد استدعاء سفراء بسبب الازمة جاءت استجابة حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اكثر هدوءا وهو ما يعكس موازنته بين الواقعية السياسية في المنطقة والمطالب الداخلية العملية. ومنذ غزو عام 2003 الذي اطاح بالرئيس السني الراحل صدام حسين تضع الانتخابات التي ترعاها الولاياتالمتحدة الاغلبية الشيعية بالعراق في المقدمة مقربة قيادتها من ايران الشيعية وكذلك سوريا الحلف العربي الرئيسي لطهران في صراع القوى الاقليمي مع الدول العربية التي يحكمها السنة وتدعمها الولاياتالمتحدة. لكن المسؤولين العراقيين الساعين الى انتهاج سياسة خارجية مستقلة في الوقت الذي يتفاوضون فيه على انسحاب نهائي للقوات الامريكية يخشون من ان تأتي الاضطرابات في سوريا بحكومة سنية معادية في دمشق. والاسد من الاقلية العلوية الشيعية بينما اربعة اخماس السوريين من السنة. وقد يؤدي انهيار حكم اسرة الاسد الذي يرجع لاربعة عقود الى زعزعة التوازن الطائفي الدقيق في العراق. لذلك تبقي الشكوك - بشأن ما اذا كان الاسد سيتشبث بالسلطة وبخصوص من قد يخلفه - الاحزاب العراقية سواء سنية او شيعية او كردية هادئة في استجابتها لانها غير متأكدة مما ستتمخض عنه تطورات الازمة السورية. وقال نائب عراقي مقرب للمالكي ان ما يحدث في سوريا يبعث على قلق شديد بالنسبة للعراق خاصة في ظل عدم وجود نهاية حاسمة للاحداث. واضاف انه وضع خطير قد يؤدي الى حالة استقطاب طائفي في سوريا. وكانت الدول العربية الاخرى أكثر قوة من العراق في انتقاد افعال الحكومة السورية. ويعكس ذلك الى حد ما لعبة القوى الاقليمية. ..... ويتحدث بعض القادة السنة في الشرق الاوسط منذ سقوط صدام عن طهران العدو اللدود وعن ظهور ما يعرف باسم "الهلال الشيعي" القوي الذي يبدأ من ايران مرورا بالعراق وسوريا التي يحكمها العلويون وينتهي في لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله. ومن المرجح الا تكون لدى العراق او ايران رغبة في فقد حليف في دمشق فضلا عن تولي سني متشدد السلطة في دمشق. وتستفيد طهران من النهج العراقي الاكثر حذرا تجاه سوريا بينما تزداد العزلة الدولية للاسد. وقال جوشوا لانديس خبير الشؤون السورية ومدير مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما "على الرغم من ان القيادة العراقية ليست متحدة بشأن السياسة السورية او موقفها الموالي لايران فان رئيس الوزراء المالكي يرغب مثل ايران في المساعدة في دعم نظام الاسد." ويرفض المسؤولون العراقيون فكرة ان سياستهم بشأن سوريا قائمة على اساس طائفي او نابعة من ضغط ايراني لكنهم يعترفون بأن موازنة موقفهم تجاه سوريا بات امرا عسيرا. وقال دبلوماسي غربي في بغداد "الامر معقد. ما يقولونه هو انهم يفضلون الابقاء على بشار اذا نفذ اصلاحات لكنهم لا يمكنهم قول ذلك صراحة. انها مشكلة لان العراق واقع بين ايران وسوريا." ودائما ما كانت العلاقات بين بغداد ودمشق معقدة وكان الدين مجرد جزء من المشهد. فحزبا البعث في سوريا والعراق لديهما جذور علمانية مشتركة. لكن الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد والد بشار أيد ايران عندما خاضت حربا مع العراق في الثمانينات. ووجد البعثيون العراقيون ومئات الالاف من اللاجئين السنة لاحقا ملاذا في سوريا بعد سقوط صدام مثلما فعل سنة عرب اخرون عبروا من الاراضي السورية لمهاجمة القوات الامريكية. وقال المحلل العراقي ابراهيم الصميدعي ان المالكي اقام مع ذلك علاقة جديدة مع الاسد تقوم على المنفعة وحظي بدعم سوريا لائتلافه الحكومي الذي شكله بعد انتخابات غير حاسمة العام الماضي. واستضاف قبل اسبوعين وزراء سوريين ووصف العراق وسوريا بأنهما بلدان شقيقان. وقال الصميدعي ان المالكي جعل العلاقة تنجح وسوريا كانت احدى الدول التي دعمت المالكي ليرأس الحكومة معربا عن عدم اعتقاده بان المالكي سينسى هذا الصنيع بسهولة. وقال مصدر حكومي ان المالكي امر في الاونة الاخيرة باغلاق مخيم اقامته الاممالمتحدة للاجئين السوريين بعد تقارير عن احتمال لجوء متشددين سنة سوريين اليه. وعندما دخلت الدبابات السورية الى بلدة البوكمال الحدودية - الامر الذي دفع سنة العراق المعارضين لبشار الى عرض الدعم - حذر المالكي المحتجين من العنف في حين حث الاسد ايضا على القيام باصلاحات