ارتقاء الإنسان في الحياة غالبا ما يرتبط بحصاده المعرفي والأخلاقي خاصة في عصرنا الحالي، وقد يكون الشخص فائق الثقافة والتعليم ولكن مع الأسف يفتقد إلى الأخلاق، فيصبح هذا الشخص كما لو كان لم يتعلم القراءة والكتابة، نعم ندفع أبناءنا إلى التعلم المعرفي ولكن يجب أن يسبقه التعلم الأخلاقي، وهذا هو دور الأسرة أو المدرسة، والأخلاق ليست مرتبطة بسن معين فكم من شاب صغير يفاجئك بعمل إنساني كبير، ومع الأسف كم من شخص كبير ومتعلم يفاجئك بسذاجة عقلة، فالحياة كما يقال مدرسة كبيرة. وصلتني رسالة جميلة ومعبرة عبر البريد الإلكتروني تشير إلى تفاعل الناس مع بعضهم ودورهم في تحقيق السعادة لأنفسهم بصورة متكاملة ونموذجية، وبصرف النظر عن صدقيتها من عدمه إن كانت حقيقة أو من نسج الخيال فإنها تنطوي على إشارات ودلالات مهمة أتركها لكل فطن ولبيب ليفهم مقاصدها، وهي تحكي عن قصة أستاذ لمادة علم الاجتماع في جامعة ماليزية اشترط على طلابه إسعاد إنسان واحد طول أربعة أشهر للحصول على الدرجة الكاملة في مادته، وفرض الأستاذ لطلابه الثلاثين أن يكون هذا الإنسان من داخل محيط الجامعة. نعم ندفع أبناءنا إلى التعلم المعرفي ولكن يجب أن يسبقه التعلم الأخلاقي، وهذا هو دور الأسرة أو المدرسة، والأخلاق ليست مرتبطة بسن معين فكم من شاب صغير يفاجئك بعمل إنساني كبير، ومع الأسف كم من شخص كبير ومتعلم يفاجئك بسذاجة عقله، فالحياة كما يقال مدرسة كبيرة. لم يكتف الأستاذ بهذه المبادرة بل اتفق مع شركة تكرم أفضل عشر مبادرات وذلك حتى يزرع التنافس بين الطلاب، في نهاية الفصل الدراسي نجح الطلاب الثلاثون في الحصول على الدرجة الكاملة، لكن اختار زملاؤهم بالتصويت أفضل عشر مبادرات، واستعرض أحد الطلاب وهو أحد الفائزين العشرة فكرة إسعاد شخص فكانت بوضع هدية صغيرة يوميا أمام باب شقة زميله في سكن الجامعة وهو طالب هندي ابتعثه والده لدراسة الطب، واختار هذا الطالب تحديدا لأنه شعر بأنه لا يملك أصدقاء ولا يتحدث مع أحد ولا أحد يتحدث معه، يبدو حزينا وبائسا مما جعل زميله يرى أنه الشخص المناسب للعمل على إسعاده. أول هدية كانت رسالة صغيرة وضعها تحت باب شقته كتبها على جهاز الكمبيوتر في الجامعة دون توقيع «كنت أتطلع أن أصبح مثلك طبيبا ولكني ضعيف في مواد العلوم والله رزقك ذكاء ستسهم عبره بإسعاد البشرية» وفي اليوم التالي اشترى الطالب قبعة تقليدية ووضعها خلف الباب ومعها رسالة «أتمنى أن تنال قبولك هذه القبعة» في المساء شاهد زميله الهندي يرتدي القبعة وعلى وجهه ابتسامة لم يشاهدها عليه من قبل، ليس ذلك فحسب بل شاهد في حسابه في الفيس بوك صورة للرسالة الأولى التي كتبها له وأخرى للقبعة، وأجمل ما رأى هو تعليق والده الذي قال فيه: حتى زملاؤك في الجامعة يرونك طبيبا حاذقا، لا تخذلهم واستمر. دفع هذا التعليق زميله على الاستمرار في الكتابة وتقديم الهدايا الرمزية دون أن يكشف عن هويته، وكانت ابتسامة الطلاب تكبر كل يوم، وفي صفحته على الفيس بوك والتويتر يتزاحم الأصدقاء والأسئلة عما سيحصل عليه اليوم من هدية جديدة؟ وتغيرت حياة الطالب الهندي تماما وتحول من انطوائي وحزين إلى مبتسم واجتماعي بفضل الله ثم زميله، وبعد شهرين من الهدايا أصبح الطالب حديث الجامعة، التي طلبت منه أن يروي تجربته مع هذه الهدايا في لقاء اجتماعي مفتوح أمام زملائه، لقد لعب زميله دورا محوريا في حياة هذا الطالب بفضل الله ثم عمل صغير قام به، فما بالك إذا قامت جامعة ما بتطوير قدرات طلابها البحثية، مؤكد سيكتشفون أشياء مذهلة تسعد وطنا بأسره.