أعلن برلمان كاتالونيا أمس الجمعة أن الإقليم أصبح «دولة مستقلة تأخذ شكل جمهورية» قبل أداء النشيد الانفصالي، في غياب المعارضة. وجاء في مقدمة القرار الذي أيده سبعون نائبا من أصل 150 إثر اقتراع سري، «نحن نشكل الجمهورية الكاتالونية بوصفها دولة مستقلة وسيدة، (دولة) قانون، ديموقراطية واجتماعية». وأيد سبعون نائبا القرار وعارضه عشرة نواب وامتنع عضوان عن التصويت. وفي وقت سابق، غادر معظم نواب المعارضة الجلسة احتجاجا. ويطلب القرار في حيثياته من حكومة كاتالونيا التفاوض حول الاعتراف بها في الخارج في حين لم تعلن أي دولة دعمها للانفصاليين. وفور إعلان برلمان كاتالونيا الاستقلال من جانب واحد، أكد رئيس الوزراء الأسباني ماريانو راخوي أن «دولة القانون ستعيد الشرعية في كاتالونيا». ودعا الزعيم المحافظ جميع الأسبان إلى «التزام الهدوء» في رسالة حملت توقيعه بالأحرف الأولى فيما كان مجلس الشيوخ يناقش تولي السلطات في كاتالونيا وإقالة قادتها الانفصاليين. جلسة حاسمة وانعقد مجلس الشيوخ الاسباني قبل ظهر أمس الجمعة في جلسة حاسمة ناقش خلالها إجراء غير مسبوق منذ إحلال الديموقراطية في البلاد قبل أربعين عاما، يُخضع إقليم كاتالونيا لوصاية مدريد، قبل أن يردّ عليه الانفصاليون بإعلان الاستقلال. على خط مواز، افتتح برلمان إقليم كاتالونيا جلسة بعد ظهر أمس الجمعة على جدول أعمالها قرار قدمته الأحزاب الانفصالية الكاتالونية تعلن فيه استقلال إقليمها المهدد باخضاعه لوصاية الحكومة المركزية، حسب ما أعلن المتحدث باسم التحالف الانفصالي الحاكم في كاتالونيا. وحثّ المفوض الأوروبي لشؤون البحث والعلوم والابتكار كارلوس مويداس أمس الجمعة باسم اوروبا على «احترام الدستور» الاسباني، بعد تقديم الانفصاليين قرار إعلان الاستقلال. وقال: «أعتقد أنه يجب علينا جميعا احترام الدول كما هي، يجب احترام الدستور وهذا أمر بغاية الأهمية بالنسبة لأوروبا. الأمر لا يتعلق باسبانيا فقط، انما هو مسألة أوروبية». وطلب رئيس الحكومة الاسبانية المحافظ ماريانو راخوي، في كلمة له في مستهل جلسة مجلس الشيوخ الاسباني، الموافقة على اللجوء الى المادة 155 من دستور 1978، التي لم تستخدم أبدا، وتسمح للحكومة بتسلم ادارة «إقليم يتمتع بالحكم الذاتي في حال لم يحترم الموجبات التي يفرضها عليه الدستور أو قوانين أخرى». وبعد مداخلة راخوي، علا تصفيق أعضاء مجلس الشيوخ قاعة الجلسات العامة، لدقائق عديدة. تجمع ببرشلونة وتجمع مئات الانفصاليين في برشلونة في محيط برلمان كاتالونيا، حيث اجتمع النواب الانفصاليون لتنقيح قرار يقترح انشاء «دولة كاتالونية مستقلة بشكل جمهورية». وفي مجلس الشيوخ، طلب راخوي إقالة رئيس الاقليم الانفصالي كارليس بوتشيمون وحكومته واخضاع البرلمان الكاتالوني لوصاية مدريد. وردا على تهديدات الاستقلاليين بالانفصال، أكدت الحكومة الاسبانية المحافظة عزمها على تطبيق تدابير حازمة مثل إقالة الحكومة الانفصالية الكاتالونية ووضع شرطتها وبرلمانها ووسائل اعلامها الرسمية تحت وصاية مدريد لمدة ستة أشهر، الى حين تنظيم انتخابات في الاقليم مطلع 2018. وقال راخوي: إن «استقرار» اسبانيا مهدد و«التدابير (التي ستتخذ) استثنائية لتصحيح الوضع الاستثنائي»، مؤكدا أن التدخل ليس «ضد كاتالونيا إنما لمنع استغلال كاتالونيا». دولة مستقلة وفي برشلونة، قدم تحالف بوتشيمون «معا من أجل النعم» وحزب الوحدة الشعبي اليساري المتطرف، الى برلمان كاتالونيا قرارا لإعلان «كاتالونيا دولة مستقلة على شكل جمهورية». وأعلنت المعارضة أنها ستقاطع الجلسة، فيما يريد قسم كبير من الكاتالونيين، نصفهم على الأقل بحسب استطلاعات الرأي، البقاء ضمن مملكة اسبانيا. وتشغل الأحزاب الانفصالية من اليسار المتطرف الى اليمين الوسطي، غالبية المقاعد (72 مقعدا من أصل 135) في برلمان كاتالونيا منذ سبتمبر 2015، وهي تقود آلية إعلان استقلال الاقليم، الأمر الذي يثير حتما غضب قسم كبير من الكاتالونيين المؤيدين لوحدة اسبانيا. وصوّت 90 بالمائة ممن شاركوا في الاستفتاء لصالح الانفصال عن اسبانيا. وبلغت نسبة المشاركة في عملية الاقتراع 43 بالمائة، بحسب الحكومة الاقليمية وهي أرقام غير قابلة للتحقق منها. ويعتبر الانفصاليون نتائج الاستفتاء بمثابة «تفويض» لإعلان الاستقلال. وصرّح النائب في الحزب اليساري المتطرف البير بوتران «مسؤوليتنا هي الخضوع للتفويض الشعبي، ليس هناك طريقة أخرى للخروج». وتراجع بوتشيمون الخميس عن خيار الدعوة إلى انتخابات اقليمية مبكرة، في ضربة قاضية لآمال فتح مجال للحوار والتهدئة. واتهم مدريد بعدم إعطائه «أي ضمانات» لجهة عدم تطبيق المادة 155 إذا أعلن إجراء انتخابات مبكرة. الجمهورية تنتظرنا وفور تصويت مجلس الشيوخ على تطبيق المادة 155، تقرر حكومة راخوي موعد تطبيق قراراتها. ومن المفترض تطبيق بعض هذه القرارات بسرعة، خصوصا إقالة حكومة كاتالونيا. لكن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى مقاومة قوية تسعى لأن تكون سلمية في كاتالونيا المتمسكة جدا بالحكم الذاتي الذي أعيد إليها إثر نهاية حكم الدكتاتور فرنثيسكو فرانكو (1939-1975). ودعت جمعيتان انفصاليتان كبيرتان هما الجمعية الوطنية الكاتالونية و«اومنيوم الثقافية» اللتان أوقف قادتهما بتهمة «التحريض» في منتصف الشهر الجاري، إلى تظاهرات أمام البرلمان الكاتالوني منذ صباح الجمعة تحت شعار «الجمهورية تنتظرنا، يجب الدفاع عنها». وتواجه المنطقة التي تمثل 19 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي الاسباني، انتقالا مثيرا للقلق ل1600 شركة الى خارج الاقليم. وقد يؤدي استمرار الأزمة الى آثار اقتصادية سلبية جدا على المنطقة واسبانيا ككل التي تعتبر القوة الاقتصادية الرابعة في منطقة اليورو.