حينما يفتقد السياسي الحجة يظهر جليا ضعفه وتخبطه، ولعل هذا ما حصل أمس الأول، مع وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. فقد ناقضت تصريحاته نفسها بنفسها، حتى بدا الأمر ارتباكا واضحا في موقف الدولة التي تعيش أزمة حقيقية بعد قطع المملكة والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر علاقاتها معها. وزاد الوزير القطري في التعنت مؤكدا أن لا مفاوضات أو حوار مع الدول المقاطعة إلا بعد رفع المقاطعة، عاد ليؤكد أن بلاده مستعدة للحوار ومعالجة مخاوف دول الخليج، وذلك بعد تأكيده على أن بلاده لن تفاوض على سياستها الخارجية. ولعل تلك التصريحات -خاصة ادعاءه أن إجراءات الدول الخليجية تبدو موجهة للتخلص من دولته- كانت كفيلة بإرباك كل من يسمعها، فهل تسعى دول الخليج للتخلص من قطر؟ أم أن دول الخليج أكدت أكثر من مرة وبالدلائل سعي قيادات قطرية لزعزعة استقرار تلك الدول وفي أكثر من مناسبة، وعبر أكثر من تسجيل مسرب، لا سيما ذاك التسجيل الشهير بين أمير قطر السابق ووزير خارجيته ومعمر القذافي وتآمرهم على السعودية، فضلا عن التسريبات الأخرى حول مملكة البحرين وسعيهم لإثارة النعرات الطائفية فيها، وتأليب جماعات في عدد من البلدان بالمنطقة. وتحدث وزير الخارجية القطري عن استعداد الدوحة للاستماع لما وصفها بهواجس الدول الخليجية ثم الرد عليها، على الرغم من أن ما يصفها بالهواجس ليست إلا «الواقع» لا يغفل على أحد، ألا وهو تمويل المنظمات والكيانات الإرهابية والمتطرفة التي تجد ملجأ لها في العاصمة القطريةالدوحة. أما التناقض الأبرز، فجاء واضحا عند حديثه عن «المقاطعة» المزعوم، وفيما تحدث عن أن هدف الحصار -على حد زعمه- التخلص من بلاده، قال من جهة أخرى: «إن بلاده ستعتمد على عمانوالكويت وتركيا في حركاتها التجارية»، كما قال آل ثاني: «إن إيران توفر للدوحة ممرات للطيران»، فعن أي «حصار» يتكلم. ولعل أكثر من فسر هذا التناقض، وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد الذي قال في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر الاثنين «سمعت كلمة حصار، وسمعت أيضا أن خطوط الطيران مفتوحة فوق إيران، وعبر مطارات الكويت ومسقط وتركيا ! كلها في جملة واحدة».