تواصلت التحركات الإقليمية والدولية لاحتواء الخلافات بين قطر ودول عربية قطعت علاقاتها الديبلوماسية مع الدوحة، وفيما أعلنت الكويت الاستمرار في وساطتها لحل هذه الخلافات «داخل البيت الخليجي»، تم اتصال بين ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لمناقشة المسألة. وتحركت قطر أميركياً فكلفت مكتباً للمحاماة سيتولى «التدقيق في اتهامها بتمويل الإرهاب بالتعاون مع وزارة العدل»، في محاولة للتأثير في صناع القرار في واشنطن، بعدما دعاها الرئيس دونالد ترامب السبت إلى وقف دعمها الإرهاب. ودعت الكويت أمس، إلى حل الخلاف مع قطر: «في الإطار الخليجي، وفي نطاق البيت الواحد، بالحوار بين الأشقاء». وقال النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد أمس، إن بلاده «لن تتخلى عن مساعيها، وستواصل جهودها الخيرة في سبيل رأب الصدع وإيجاد حل يحقق المعالجة الجذرية لأسباب الخلاف والتوتر في العلاقات الأخوية». وأشار إلى زيارات الأمير الشيخ صباح الأحمد كلاً من السعودية والإماراتوقطر «لمعالجة هذا التوتر والسعي لاحتوائه، انطلاقاً من حرصه على الحفاظ على هذه العلاقة الأخوية قوية ومتماسكة، بما يدعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويحفظ لدوله وحدتها، ويعزز دورها ومكانتها». وأعرب عن تطلعه إلى أن تتوصل هذه المساعي إلى «توافق لتهدئة الموقف ولمعالجة جذرية لأسباب الخلاف في العلاقات الأخوية»، مؤكداً «استعداد الأشقاء في قطر لتفهم حقيقة هواجس أشقائهم ومشاغلهم، والتجاوب مع المساعي السامية، تعزيزاً للأمن والاستقرار». وذكرت وكالة «رويترز» في تقرير من الدوحة أن معروض الدولار يختفي تدريجاً من أسواق قطر وأن العمال الأجانب بدأوا يشعرون بالقلق من تراجع سعر تحويل الريال القطري، إضافة إلى فقدان الدولار. ونقلت الوكالة عن صرافين في الدوحة قولهم إن «الدولار اختفى بعد توقف الشحنات من الإمارات». وأشارت إلى أن «90 في المئة من سكان قطر أجانب، سارعت غالبيتهم إلى تحويل مدخراتهم». وفي طهران، ذكر أن أوساطاً إيرانية سارعت إلى استغلال الأزمة القطرية سياسياً أو أمنياً واقتصادياً. وعلى رغم أن وزارة الخارجية أعربت عن قلقها، إلا أن وزيرها محمد جواد ظريف، أجرى اتصالات هاتفية مع عدد من وزراء الخارجية في مجلس التعاون الخليجي ودول عربية وإسلامية، أعقبها بزيارة أنقرة لإجراء مشاورات مع المسؤولين الأتراك في شأن التوتر في منطقة الخليج. وتعتقد مصادر في طهران وإن كانت غير منزعجة من هذه التطورات، إلا أنها لا تريد أن تكون بعيدة مما يجري على حدودها، خصوصاً بعد القرار التركي بإرسال قوات إلى قطر. وتستبعد المصادر اقتراب إيران من قطر أكثر مما كانت في السابق، لأنها لا تريد أن تكون جزءاً من المشكلة الحالية، كما أنها لا تتمكن من أن تكون جزءاً من الحل بسبب علاقاتها المتوترة أصلاً مع دول في المنطقة، ولا تريد أن تكون «الزوج المخدوع» في المنطقة، وتواصل تبادل المعلومات والمشاورات مع تركياوالكويت وسلطنة عمان. وتحاول إيران استغلال الظروف الراهنة لتضع نفسها محل المصادر التي كانت تؤمن الحاجات القطرية الضرورية، خصوصاً في ظل الاستعدادات التي تنفذها قطر لاستضافة المونديال عام 2022، كمنفذ للتخلص من تداعيات ظروف المقاطعة التي تتعرض لها منذ عقد، كما فعلت عندما وضعت نفسها بديلاً لتركيا عندما تدهورت العلاقات الروسية- التركية، وتحديداً في مجال تصدير الأجبان والألبان والمواد الغذائية. وتستطيع طهران خلال الأمد القصير من دخول السوق القطرية، لكنها لا تستطيع الاستمرار في تجهيز ما تحتاجه قطر بسبب فقدانها البنى اللازمة لتصدير المواد الغذائية والخضار. وتشير المعلومات إلى أن قطر كانت لحد الآن تستورد الزعفران والفستق والمواشي وبعض مواد البناء كالسيراميك والحديد، إذ بلغت الصادرات الإيرانية إلى قطر العام الماضي 28 مليوناً و416 ألف دولار. وترى أوساط تجارية أن إيران لم تنجح في وضع نفسها محل تركيا لتأمين الحاجات الروسية، ما دعا روسيا إلى التعاطي مع الأسواق الأوروبية لتأمين حاجاتها التي كانت تستوردها من تركيا. وتسعى الفاعليات الاقتصادية الإيرانية إلى الاستفادة من الظروف الجديدة لدخول الأسواق القطرية بمساعدة «الخطوط الجوية الإيرانية» التي أعلنت استعدادها لتسيير جسر جوي لنقل المواد الغذائية والخضار، وتسيير خمس رحلات السبت لنقل المواد الغذائية، إضافة إلى 460 طناً من هذه المواد عبر النقل البحري الذي يستغرق 12 ساعة للوصول إلى الموانئ القطرية. وأكد الناطق باسم الخطوط الجوية الإيرانية شاهرخ نوش أبادي أن ما نقلته الرحلات الجوية كان 90 طناً من المواد الغذائية والخضار الطازجة، معرباً عن استعداد هذه الخطوط لنقل المواد متى يطلب منها ذالك. ونقل رضا نوراني رئيس اتحاد المصدرين للمواد الغذائية الإيرانية استعداد الاتحاد لتأمين ما تحتاجه قطر من المواد الغذائية، إذ أرسلت الحمولة الأولى من 460 طناً من بندر الدير من مدينة بوشهر إلى قطر. واشتكى رئيس اللجنة الزراعية في غرفة التجارة الإيرانية كاوه زركران من عدم وجود دعم حكومي للنشاطات التي تقوم بها الفاعليات التجارية لإرسال المواد إلى قطر، ما يعكس عدم فاعلية الحكومة في هذا المجال، على رغم حاجة إيران لتصدير بضائعها والحصول على العملة الصعبة وتشغيل الأيدي العاملة الإيرانية.