العالم الافتراضي في المواقع الاجتماعية، وتحديدا «تويتر» أصبح يكتسب كثيرا من الواقعية ويتحول الى عالم حقيقي مواز حينا ومتداخل أحيانا مع الواقع، لأنه يشهد تفاعلا يؤثر في حركة وفكر الأفراد والمجتمع، فما يحدث من سجالات وطروحات إنما يعكس وجهات نظر وآراء تعبّر عن الذي يرميها في ذلك الفضاء، وذلك ليس مصدر الخطورة الأساسية وإنما الخطر مما يمكن أن نسميه «الحسابات السوداء» وهي حسابات نشطة بالتغريد والكتابة التي تعمل على تحقيق مفارقة في فكر وفهم المتلقين بصورة سلبية ومأساوية فيما يتعلق بقضاياهم الوطنية والدينية والاجتماعية. تلك الحسابات ذات سمة مميزة وهي ممارسة انتقاد منهجي منظم لكل سياسات الدولة ورموزها بحيث تعمل على تفكيك القناعات الإيجابية وتكوين رأي عام سلبي مضاد لأي قرار أو تنظيم، وذلك لا يفرق عن فكرة التفكيك الاجتماعي وتخريب التعايش والتقارب بين مكونات النسيج المجتمعي، لأن المحصلة التراكمية للطروحات السلبية المشوشة تشمل كل مقتضيات التخريب على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، وللأسف بحسب القواعد السيكلوجية فإن الفرد مهيأ لقبول أو الاقتناع برؤية أو طرح سلبي باضعاف تمسكه بما هو إيجابي خاصة إذا كانت الظروف المحيطة متغيرة أو تتعرض لضغط متغيرات من خارج الحسابات السوداء ليست فكرة نظرية أو تنظيرا يؤطر المنهج السالب في تناول القضايا الوطنية، وإنما هي واقع يقبع خلف شاشات خارج الوطن، تعمل على تسويد كل بياض في الواقع، وتشويه كل جمال في المجتمع والوطن، فتلك مهمة تأخذ الصفة الاستراتيجية لمن يسخرون أقلامهم وفكرهم لتخريب الثوابت وتعطيل الخطى نحو المستقبل وتهديد الأمن الاجتماعي والوطني، وهدم الاستقرار، وذلك يضع من يقفون خلفها في السياق الجنائي كخائنين وعملاء لا يمتلكون الحد الأدنى لموضوعية النقد والتمتع بحرية التعبير المسؤولة التي تقف عند حدود الوطنية والثوابت الدينية والمجتمعية. بالطبع لا يمكن أن نضع أصحاب تلك الحسابات في مسار وطني نقي لأن الأنقياء لا يفكرون في الإساءة لأوطانهم ومجتمعاتهم، وليس ما يطرحونه حتى من جلد الذات وإنما هو فعل قبيح من صميم العمالة والخيانة الوطنية، فالوطني الصادق والمخلص لا يتجرأ على وطنه مطلقا، وإنما يتواضع ويتأدب في حضرته، لذلك من الضروري إدراك أن تلك الحسابات السوداء تستهدف أمن المجتمع والوطن، وهي ليست خافية على فطنة المتفاعلين في المواقع الاجتماعية، خاصة وأن بعض من يديرها لا علاقة له بهذا الوطن، وإنما يمارس رذيلة التخريب والفتنة باحترافية من خلال اللغة وتقمص الشخصية السعودية لمزيد من التضليل والعبث بالقناعات والأفكار، فمن وجد طرحا مسيئا فليعلم إنما هو خائن وعميل أو مضلل من جهة خارجية، وليرمه بحجر.