لا يمكن لشخص أن يزدوج بعقله أو قلبه أو ذاته بحيث يكون له لسانان أو قلبان أو عقلان، وإلا أصبح مرائيا ومنافقا ويعاني شيزوفرينيا مرضية، وذلك ما نلاحظه لدى كثيرين بيننا لا يحسنون التوازن بين باطنهم وظاهرهم، وقولهم وفعلهم، فيبدون فاقدي التوازن ويربكون من حولهم باتجاهات وأفكار وأقوال تصدر منهم وتعمل على تهييج الناس واستثارة أسوأ مشاعرهم، خاصة إذا كان لذلك علاقة بالوطن. في الحديث عن الطائفية والوطنية، يظهر بعضهم بوجه سلبي للغاية، ولا يعلم أنه كذلك. فهو في المواقع التفاعلية مثل تويتر يقدم أطروحات طائفية بامتياز تتنافى مع شروط وآداب الوطنية، وعلى الملأ يقدم نفسه على انه باحث سياسي أو حقوقي مخلص وحريص على أمن المجتمع والوطن، وذلك كله في المحصلة سلوك مكشوف ومنبوذ ولا يخدم أي أفكار للتقارب والعمل على التعايش المستقر داخل الوطن والمجتمع. حين نجعل العملية التفاعلية في المواقع الاجتماعية التي أصبحت وسيلة إعلامية لا مفر منها، ومن الطرح فيها، قائمة على أفكار تعمل على اهتزاز الثوابت الوطنية والمجتمعية فإننا نمارس - ولا شك - بذلك دورا سيئا في هتك النسيج الاجتماعي وتعريضه لمخاطر التمزق، خاصة أن الأبعاد الطائفية التي نعمل على التعامل معها بفكر متقدم يرتقي بالوعي بها، تصبح في هذه الحالة أكثر حضورا على حساب القيم الوطنية والثوابت الاجتماعية. حين ينبري بعض النخبة الاجتماعية الى الحديث بشكل طائفي فإنهم إنما يميلون بذلك الى تعكير الرأي العام وصناعة فساد في وعي المجتمع، لا يتفق أبدا مع ضرورة عدم المساس بوحدة وتلاحم أطراف المجتمع، وإن حدثت ذلات أو هفوات هنا وهناك. فليس من اللائق تضخيمها والتعامل معها على أنها فرصة ذهبية لتصفية حسابات والذهاب بعيدا الى تعقيدات لا تنسجم مع حدود القضية التي يتخذها هؤلاء فرصة نفعية لأغراضهم وأجندتهم. وكل من يحمل وجهين إنما هو خطر حقيقي على أمن وسلامة المجتمع والوطن، فكل الأوطان تحتمل اختلافات عرقية ومذهبية وغيرها، لكنها تحترم ثوابتها ولا تزايد على وطنيتها وانتمائها وولائها. ومن لم يجد ذلك في فكره ونفسه فإنه بتلك الحالة المزدوجة التي أشرت اليها ولا يعلمها فيما الجميع يعلمونها، وذلك ما يمكن النظر اليه ببساطة بين سطور ما تتم كتابته في موقع تويتر من بعض أولئك الذين يحسبون أنفسهم نخبة طائفة بعينها. ولا نحسب أولئك في إطار الطائفة والطائفية وإنما هم مواطنون لهم الحقوق وعليهم الواجبات التي على جميع أبناء الوطن، لكنهم بما يفعلون يخرجون عن الثوابت الى فضاء متعمد ضد الأمن الوطني، لذلك عليهم التوقف والكف عن ممارساتهم التي تشوش على من يتابعونهم ويؤهلونهم لأفكار سلبية خاصة أن بينهم من لا يملكون الوعي الكافي للتمييز، وإنما هم أمعات ويتبعون تبعية مسلمة. الطائفية عنوان كبير لجريمة اجتماعية ووطنية، وكل ما يصدر بما يفسر ذلك يعتبر جريمة ينبغي أن يحاسب عليها كل من يميز بين أبناء الوطن ويضعهم في محاصصة اجتماعية على حساب الوطن الواحد، لأن ذلك بالفعل خطأ كارثي وله نتائج وتداعيات خطيرة حاضرا ومستقبلا. باحث اجتماعي