العيد فرصة لإظهار الفرح، ورسم السعادة، فرصة لجبر كل مكسور، ووصل كل مقطوع، وإدخال السرور على كل مهموم وحزين.. سواء كان ذلك بالزيارات الاجتماعية، أو التواصل بين الأقارب، أو بكلمة طيبة أو حتى بابتسامة. فمن جماليات العيد أن تخف الشحناء وتتوارى الكراهية بين الناس، ويقترب المتقاطعون من بعضهم. أشهر بيت يتداعى لذاكرتي في العيد، هو بيت شيخنا «المتنبي» الشهير الذي يقول فيه: عيدٌ بأي حالٍ عدتَ يا عيدُ بما مضى أم لأمرِ فيك تجديدُ طبعاً البيت فيه نبرة حزينة، ربما كانت تناسب بيئة «المتنبي» في ذلك الوقت، وقد ينطبق اليوم على واقع أمتنا العربية والإسلامية السياسي، إذ يأتي العيد عليها، وجراحها تنزف في كذا بقعة جغرافية.. ورغم إعجابي ب «المتنبي» لكنني أختلف معه، فالبيت السابق يدعو لقتل الفرح، وإظهار الحزن، والمطلوب منا الفرح في يوم العيد، فالأعياد أيام أفراح وابتهاج. الهدية لها سحرها في النفوس، وهي سبب الألفة والمحبة بين الناس، وفي العيد يحلو التهادي، وهنا تأتي أبيات شعرية للشاعر العربي «إيليا أبو ماضي»، وهي بالمناسبة تصلح أن تكون هدية معايدة لمحبوبتك وزوجتك، وتضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد.. فهي عيدية، وإدخال السرور عليها، وتهرب من الهدية المادية!! أيّ شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي، وكلّ شيء لديك؟ أسوارا، أم دملجا من نضار؟ لا أحبّ القيود في معصميك أم ورودا؟ والورد أجمله عندي الذي قد نشقت من خدّيك أم عقيقا كمهجتي يتلظى؟ والعقيق الثمين في شفتيك ليس عندي شيء أعزّ من الروح وروحي مرهونة في يديك على إخوتنا خطباء الأعياد أن يستجلبوا معاني الفرح في يوم العيد، إذ يستشهدون أحياناً بآثار تقلل من ابتهاج الناس بالعيد، مع أن العبرة هي بالدليل سواء كان من القرآن أو من صحيح السنة النبوية، أما أقوال الناس فتظل آراءً تمثل وجهة نظرهم!، ومن ذلك قولهم ليس العيد لمن لبس الجديد.. وما روي عن وهب بن الورد لما رأى قوماً يضحكون في يوم عيد، فقال: إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين! في العيد.. انتبه أن تضحك على لباس أحد أو تسخر من أثاث وتقديم وضيافة أحد، كن أصم وأبكم وأعمى إن لم تحسن في كلامك فلا تضر أحداً، أو تجرح إنساناً.. فالناس يختلفون في أوضاعهم وأحوالهم وظروفهم، فالذي تراه لا يناسبك قد يكون مصدر سعادة للآخرين، إضافة إلى أن السخرية والطعن وتعييب الناس أمور منهي عنها شرعاً وعقلاً. إلى كل متابعي وقرائي الأعزاء، ومتابعاتي وقارئاتي العزيزات، عبر كل الوسائل وأدوات التواصل.. كل عام ونحن وإياكم إلى الله أقرب، وكل عام والجميع بصحة وسلامة وخير.