تعيش بلادنا الحبيبة هذه الأيام فرحتين. فالفرحة الأولى: فرحة عيد الفطر المبارك، بعد أن مَنّ الله علينا بصيام شهر رمضان وقيامه، سائلين المولى عز وجل أن نكون ممّن تقبل الله صيامهم وقيامهم، وشملهم برحمته وغفرانه، والعتق من نيرانه. فقد بيّن صلى الله عليه وسلم لأمته أن أيام العيد أيام فرح وسرور، فقد روي عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: (دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِى الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ -قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ- فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِى بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ فِى يَوْمِ عِيدٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا). وهذا يفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم رخص في إظهار الفرح والسرور في أيام العيد. كما رخص باللعب في يوم العيد، فقد أَذِنَ لبعض الأحباش باللعب بالحراب والدَّرَق في المسجد في يوم عيد، بل إنه كان يُغريهم بهذا اللعب، فيقول لهم: «دونَكم يا بني أَرْفِدة» أي الزَمُوا ما أنتم فيه وعليكم به. وقد نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى لعبهم ودعا أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- إلى النظر إليهم، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يومُ عيد يلعب السودان بالدَّرَق والحراب، فإمّا سألتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإمّا قال: «تَشتهين تَنظرين؟» فقلت: نعم. فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: «دونكم يا بني أرفدة» حتى إذا مَلِلتُ قال: «حسبك؟» قلت: نعم. قال: اذهبي». فما أحوجنا لاتباع هدى نبينا بأيام العيد، وإظهار الفرح، والسرور بهذه الأيام العظيمة، وإدخال السرور والفرح في نفوس أبنائنا وأهلينا، وجعل بيوتنا حدائق مليئة بالفرح والسرور والبهجة في هذه الأيام المباركة. والفرحة الثانية: نجاح قمة التضامن الإسلامي والتي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله وسدد خطاه- وما قدمه من خلالها من خدمة للإسلام والمسلمين بتوحيد الصف الإسلامي، وتجديد روح التلاحم والتكاتف بين المسلمين، ونزع فتيل الفرقة والتشتت بين البلاد الإسلامية، والتقريب بين المذاهب الإسلامية من خلال الدعوة إلي إنشاء مركز للحوار وسعيه -حفظه الله- أن تكون الأمة الإسلامية أنموذجًا من التكامل والترابط والتكاتف يهتدي بالهدي النبوي (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). وفي الختام أقول: دامت أفراحك يا بلادنا تحت ظل هذه القيادة الرشيدة الحكيمة. محمد حمدي السناني - المدينة المنورة