لعل ذاكرة الأوساط السياسية في العالم كله تسترجع اليوم ما حذر منه المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز من خطر ظاهرة الارهاب وزحفها لكل بقاع العالم دون استثناء بما في ذلك دول القارة الأوروبية، وقد صدق هذا الحدس ووقع المحظور، فعانت العاصمة الفرنسية قبل فترة وجيزة من الزمن ويلات الارهابيين، وها هي العاصمة البلجيكية تعاني نفس تلك الظاهرة التي ما زالت تزحف الى كل مكان. لقد عانت المملكة الأمرين من الارهاب الذي وقع في العديد من مؤسساتها ومنجزاتها الحضارية ومساجدها في العديد من محافظاتها ومدنها كما هو الحال في كثير من الأقطار والأمصار العربية والاسلامية التي ذاقت هي الأخرى ويلات تلك الظاهرة الشريرة والتي ما زالت بعض الدول تعانيها حتى اليوم لا سيما تلك الزاخرة ببؤر النزاع في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من المناطق. وكما حذر الملك عبدالله بن عبدالعزيز- يرحمه الله- من زحف تلك الظاهرة على القارة الأوروبية وعلى كل بقاع العالم فانه في الوقت ذاته طالب المجتمع الدولي بأسره بأهمية تضافر الجهود لاحتواء هذا الأخطبوط الارهابي الزاحف الى كل مكان، وتلك الأهمية لا بد أن تتحول الى مكافحة دولية جماعية لا فردية لأن خطر الارهاب غير موجه لدولة بعينها أو لجماعات بعينها وانما هو موجه للعالم بأسره. ان الوقت قد حان للعودة الى تلك التحذيرات، ولا بد في ضوء ما يحدث في العالم من زحف ارهابي متسارع الى كل مكان من وضع الاستراتيجيات المحكمة من سائر دول العالم لمكافحة تلك الآفة الشريرة التي لن تنجو منها أي دولة في العالم، وها هي بروكسل تعاني هذه الظاهرة كما عانت باريس وكما عانت الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الأمريكية والأوروبية ودول الشرق الأوسط والعديد من الدول الاسلامية. المكافحة الجماعية لهذه الظاهرة الخطيرة هو الحل الأمثل لاحتوائها واجتثاثها من الجذور، فتبادل المعلومات بين الدول على أرفع المستويات حول تحرك الارهابيين والمشتبه بهم لا بد أن يتحول اليوم الى مطلب دولي يتوجب تحقيقه على أرض الواقع حماية للمجتمعات البشرية من شرور وويلات تلك الظاهرة المرفوضة من كافة دول العالم المحبة للأمن والسلام والاستقرار. واذا ترك هذا الأخطبوط الرهيب يزحف الى كل مكان ليعيث في الأرض فسادا وخرابا فان من يقوم بالتخطيط لزحفه سوف يستمرئون أعمالهم الوحشية ويستمرون في ارتكابها، واذا فقدت المكافحة الجماعية لأولئك الأشرار فان ظاهرة الارهاب سوف تلقي بظلالها السوداء في كل مكان، وسوف تستمر المجتمعات البشرية في المعاناة منها ومن ويلاتها وشرورها وما تلحقه من دمار وخراب. ما حدث في العاصمة البلجيكية مؤخرا قد يتكرر في عواصم أوروبية أخرى، وقد يتكرر في كل مكان ما لم تتوحد دول العالم كلها لمكافحة هذا الخطر المحدق بها وبكل انجازاتها الحضارية وبكل معالمها وبكل أحلامها الطموحة لصناعة مستقبل أجيالها القادمة على أراض خالية من الارهاب والجريمة.