عندما يغيب العقل فلن يفهم «نص»، ولما يحل «الجهل»، ويمزج ذلك «بالهياط» فتوقع ما لا يخطر على بالك، وما لا تسمعه وتراه من قبل! * ضيوف يغسلون أيديهم بدهن العود * مراهق يمسح وجهه بالفلوس! * يشتري لوحة سيارة بآلاف الريالات! شراء مرسيدس مطلية بالذهب ب....! * جمل يشترى بكم مليون! * كرتون تمر يباع بسعر يفوق الخيال! الى آخر قصص «الهياط» والتفاخر وحب الظهور! طبعاً الناس تستفزهم هذه الصور التفاخرية والبذخية، فيتفاعلون معها بالشجب والاستنكار، رغم أن هذه الصور تتكرر في «البذخ» الزائد في حفلات الزواجات، وفي النهم «الشره» لشراء الأجهزة، وتغيير الأثاث.. الخ. محبو المظاهر وهواة مطاردة «الهياط» لا يدركون حرمة التبذير والإسراف وأن الله تعالى قال: «إنه لا يحب المسرفين»، ولا يقفون عند احترام العقل والمنطق، ولا يراعون مشاعر الفقراء! لا أدري هل أمثال هذه الصور «البذخية» اليوم امتداد لما كانت عليه مجتمعاتنا من قبل، وأن لكل عصر «مهايطيه»، واليوم أظهرتها وسائل التواصل، أم أن عهد «الطيبين» كان نقياً من «المهايطة»، وكان مثالاً يحتذى في تقدير «النعمة» واحترام عواطف المعوزين؟ التاريخ يقول: إن حياة «المنعمين» ملأى بمثل هذه الصور، فيروى أن بنات «المعتمد» اشتهين الخوض أو اللعب بالطين، فأمر المعتمد بخلط مسك وزعفران ليخضن فيه، ثم زال ملكه فزارته بناته بسجنه حافيات يخضن بالطين! وذات التاريخ يرصد أن في دولة كالصومال كان «المنعمون» يذبحون الخروف لأجل الحصول على «الكبدة» فقط، ويرمى بالباقي!! من أكبر أسباب حب الظهور «عقدة النقص» التي يعاني منها بعضهم؛ فيعمد إلى تعاطي التفاخر لسد هذه العقدة. «عقدة» النقص ما دخلت على نفس إلا «أخربتها»، وهي عقدة لها قدرة عجيبة في تغيير المصطلحات، فالإسراف في المأكولات يصبح كرماً، ونثر الأموال يصبح تطوراً وتقدماً!. هذه العقدة تجعل «الحافي المنتف» يمتطي أغلى السيارات ليخيّل إليك أن «تويوتا» توزع سياراتها مجاناً!! الفرد يلام بلا جدال على هذه الصور الاستفزازية، ومن الأفراد من يصعب عليه «التحرر» من نظرة الناس وسنن «هياطهم»، لذا فهو يسير على قول الشاعر: وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد! فما حولك يشجع على التفاخر والهياط.. حفلات التباهي في الزواجات لها أول وما لها آخر، فمطربة الحفل تكلف، وحفل العرضة الشعبية مع شعرائها يصل لمبالغ خيالية، وشيلات القبائل على القنوات الشعبية تشحذ الهمم «التفاخرية»، وقس على ذلك مزايين الإبل والغنم والدجاج!! في الأخير.. الخطب والمواعظ لا تجدي في معالجة هذه الظواهر، الأمر يحتاج إلى سن نظام صارم يأخذ على يد السفيه، ويعيده إلى رشده، وكما قال الخليفة الراشد عثمان بن عفان «رضي الله عنه»: «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»!