لماذا نحن مبتلون بمتسلقين في كل مجال تقريباً؟! في سوق الأسهم تحول الكل فجأة إلى الكلام عن «الرأس والكتفين» وما إن قطعت الرؤوس والأكتاف، حتى اختفى المحللون، واختفت معهم التوقعات، بل وحتى دورات التحليل الفني التدريبية! وفي الصحة لدينا أطباء وأخصائيو علاج في كل مكان تقريباً! بل حتى في أمورنا العامة لدينا متسلقون! ولدينا مدعون حسب الطلب، ومن يفتي وهو لا يحفظ جزء عم، ورقاة ليس لهم هدف إلا الاستفادة من معاناة المرضى، وباحثون عن الشهرة والمال وغيرهم بسبق أسمائهم بلقب «إسلامي»! آخر صيحات التسلق «خبير أرصاد» فالكل هذه الأيام خبير أرصاد، يتوقع ما سيكون بعد أيام، وشعاره «إن لقحت وإلا ما ضرها الفحل» على حسب المثل الشهير! لماذا؟ وكيف تجرأ هؤلاء؟! أعتقد أن الأسباب تتركز حول أربعة: قلة حياء المتسلق، وقابلية المجتمع للتسلق، وضعف المبدعين في تخصصاتهم، وغياب العقوبات الرسمية! قلة الحياء لا تحتاج إلى شرح فقد أصبحت من الوضوح بكثرة التطبيقات العملية حتى وصلت إلى أنها أصبحت تتحدث عن نفسها بأبشع صورة! أما قابلية المجتمع للتسلق، فأعتقد أن مجتمعنا هو من يعطي الفرصة لتسلق من يريد التسلق على حسابه، كنا نتمنى الإنكار على المتسلقين وبيان حجمهم الحقيقي لهم، رحمة بهم قبل غيرهم، ولكننا أصبحنا -وللأسف- نتمنى فقط من مجتمعنا ألا يدعمهم بمتابعتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونشر مقاطعهم وأقوالهم! وضعف أهل التخصص في مجال التخصص واضح، فبعض المبدعين لا يستطيع التسويق لإبداعه، ولا يستعين بالقادر، بل حوّل وقته لمهاجمة المجتمع الذي لا يقدر مبدعيه، والزمان الذي تسلط فيه الرويبضات! كم أتمنى أن نرى من مبدعينا جهداً عملياً أكبر في سبيل الوصول إلى المستهدفين، وليثقوا أن طريق الوصول ليس صعباً فقوة رسالتهم ستتكفل بالباقي، وليتأكدوا أنه لا يبقى في الأخير إلا ما ينفع الناس، أما الزبد فمصيره الذهاب جفاءً! بقيت المحاسبة! وهذه ما نتمنى أن نراها كل فيما يخصه، هيئة الأرصاد وحماية البيئة في مجالها، ووزارة الثقافة والإعلام في مجالها، ووزارة الأوقاف والدعوة والإرشاد في مجالها، ووزارة الصحة في مجالها، وكل ذلك بالتعاون مع وزارة الداخلية! فالتغافل ليس من شيم الكرام دائماً، خصوصاً مع غير الكرام!