تنظيم «داعش» تبنّى الهجوم الإرهابي الأخير في مدينة سيهات ونشر صورة منفذ العملية.. ما الجديد؟ لا جديد غير أن الحالة الفكرية السلبية لا تزال موجودة ومنتعشة بالأوهام العقدية في مخيلة كثير من الشباب الذين يذهبون ضحايا للخطاب الديني المتعسف، ما يعزز أن التطرف والطائفية وجهان لعملة واحدة في استباحة الأرواح وإزهاقها حتى لو كانت في نجوى مع ربها وخالقها. الإرهابي الذي استهدف المصلين بعد خروجهم من حسينية الحيدرية في المدينة بواسطة سلاح رشاش، قتل 5 أشخاص بينهم امرأة، وأصاب 9 آخرين، انعكاس لحالة متطرفة لا تزال تنمو في العقل الاجتماعي، وحينما نتناول ذلك من خلال وصف «الحالة» فإن الفكرة الأساسية هي أنها ذات أبعاد فكرية وثقافية ودينية تسهم في تركيب صورة بانورامية في عقول تم تفريغها وتسطيحها واستغلال أنفس تبحث عن مفقودات إيمانية ووضع وهم ديني فيها، وذلك يحدث في مساحات خلفية سواء عبر المواقع الاجتماعية أو وسائل التواصل الإلكترونية بمعزل عن كل شيء. ووفقا لذلك من الصعب أن يكون الحل أمنيا لأن الحالة ليست أمنية، تخضع لمقاييس الجنايات والأعمال الإجرامية بحيث تبدو شخصية المجرم واضحة ويمكن معايرتها أمنيا وتحليلها للوصول الى مكافحة تكتيكية ومنهجية، أما وأن فتية العشرين عاما وقد أصبح لديهم استعداد للقتل بهذه الصورة المأساوية والإساءة للدين الذي تم استغلالهم لأجله فهي ليست أمنية إلا فيما يتعلق بإجراءات الضبط والتعامل الميداني مع مهددات الأمن والشارع والمجتمع والوطن. داعش وغيرها من نماذج التطرف التي تحمل في أحشائها الطائفية البغيضة التي تقتل على الهوية المذهبية والدينية وتلتمس طريقا ضالا إلى الجنة، موجودة في عقل خابئ في الوسط الاجتماعي، هناك من يحملون فكرا مهينا للدين لا يحترم النفس وكفيل بانتاج مرارات وأحقاد تنتقل عبر الزمن بما لا يليق مع الأعراف الإنسانية وقواعد الدين وتسامحه وسهولته ويسره، وتلك الخشونة والتعسف في التعاطي مع الآخرين ليست من صحيح الدين، ولا يمكن لظلامي يختبئ خلف كيبورد أن يكون سليم النفس والعقل، فذلك جنون باسم الدين وتجارة رخيصة به، خاصة حين نرى دماء الأبرياء تراق حتى في أماكن العبادة. ما الذي يريده هؤلاء؟ وهل تتم نصرة دين بهذا الدمار الإنساني؟ كثير من الأسئلة وإن بدت بدهية إلا أننا في الواقع لم نصل لإجابة لها، ولذلك فإن التعامل الأمني ينبغي أن يخترق العقل الظلامي الذي ينظّر ويتاجر بالدين ويضلل هؤلاء الصغار وينتهي بهم قتلى الى جوار ضحاياهم الأبرياء فيما هم ومن يوجههم ليسوا كذلك أبدا.. الجريمة تبدأ في الظلام الذي يعيش فيه الخابئون الكبار.