أكد مجموعة من المختصين في الاقتصاد السعودي، أن المملكة تعتبر من الدول القوية اقتصادياً، ولديها القدرة على الاستمرارية خلال الفترة المقبلة في تنفيذ مشاريعها، الأمر الذي يعكس ما ذكره خادم الحرمين الشريفين في كلمة له مؤخراً، ويعتبر خطابه مطمئناً على قوة ومتانة اقتصاد الوطن. وأرجع المختصون ذلك إلى الخطط الاستراتيجية التي تتبناها المملكة في الحفاظ على تلك القهوة والمتانة الاقتصادية، ويأتي تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» ليؤكد أن هناك احتياطيات كثيرة وسيولة كبيرة، إضافة إلى العمولات الصعبة من الدولار والجنية الاسترليني. وأشاروا إلى أن الاستثمارات الكبيرة التي تمتلكها المملكة على مستوى الاقتصاد المحلي، وكذلك امتلاكها حوالي 35 في المائة من السوق المالية، إضافة إلى الاستثمارات الخارجية، سواء في عمليات السندات أو الصكوك، جميعها تدلل على قوة الملاءة المالية للسعودية. وقال الدكتور راشد أبانمي، رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية: إن أسعار «النفط» على الرغم من انخفاضها عالمياً إلى ما دون النصف، إلا أن صُناع القرار في المملكة، وكذلك إستراتيجيتها، ينظرون إلى حصصهم في السوق وعملائهم على أنهم الأهم من موضوع تخفيض في الأسعار أو زيادة أو خفض الانتاج اليومي بالنسبة للبترول. وعرج على مسألة انخفاض أسعار النفط، وبين أن ذلك يعكس موضوع العرض والطلب، فهما معاكسان لبعضهما البعض، فإذا كان العرض وفيرا فالطلب يكون منخفضا، وإذا كان العرض منخفضا فهكذا يواجه ارتفاعا في الطلب مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار «النفط». وبين الدكتور أبانمي، أن السعودية ليست هي التي تطلب كمية الانتاج، وإنما هي من ضمن منظمة «أوبك»، التي وضعت سقفا لإنتاج الدول الأعضاء بحوالي 30 مليون برميل مقسمة على دول أعضاء المنظمة، حيث خرجت إيرانوالعراق وليبيا من المعادلة، مما رفع بعض دول أوبك من إنتاجهم. وحول حصص أوبك، بين الدكتور أبانمي، أن حصص بعض الدول انتفت بالخروج الجبري لكل من ليبيا والعراق بسبب النزاعات، وايران بسبب المقاطعة، وبقي سقف الانتاج 30 مليون برميل يومياً، وعوضت الدول الأخرى النقص ورفعت من انتاجها، وهكذا نجد أن السعودية تحتفظ بعملائها وبحصصها السوقية. وأضاف: «من يضمن إذا أوبك خفضت سقف الانتاج إلى 20 مليون برميل يومياً، فهذا الأمر يعتبر خسارة حصص سوقية، وهناك خسارة في الأسعار وكذلك العملاء، وهذا الأمر يعطي سبباً أساسياً للسعودية ودول الخليج في عملية الاستمرار بالسقف الانتاجي الحالي من عدد براميل النفط». وتوقع الدكتور أبانمي، تحسن أسعار «النفط» في الأسواق العالمية خلال الفترة المقبلة، وقال: «يبدو أنه في تحسن منذ بداية العام الجاري، حيث وصلت الأسعار إلى 45 دولارا للبرميل، وتعد أعلى مما وصلت إليه في السابق، وهناك تحسن في المظهر العام». وحول إن كانت زيادة إنتاج العراق، ورفع المقاطعة عن إيران بسبب ملفها النووي، مسببة في استمرارية الارتفاع، قال الدكتور راشد: إن جميع هذه الأمور في حكم الغيب، ويأتي النمو الاقتصادي عاملاً أساسياً إذا تحسن، لأنه سيلعب دوراً مهماً في عملية ازدياد الطلب على النفط. واستطرد بقوله: «السعودية على زمن طويل ولديها احتياطي كبير، كما أن سعر البترول ليس له تأثيره المباشر على مشاريع المملكة التنموية، فعملية انخفاض أسعار النفط تحتاج الى وقتٍ طويل لتنعكس على ذلك، فالمشاريع الحالية قيمتها من الميزانيات السابقة، وهذا قد يؤثر عليها خلال الستة الأشهر المقبلة». من جهته، بين الدكتور عبدالله باعشن، مستشار مالي، أن هناك تغيرات حصلت في سوق البترول منذ بداية توجهات المملكة، لحفاظها على حصتها السوقية من الناحية الاقتصادية، وكذلك من ناحية العرض والطلب لتبقى هناك تدفقات نقدية جيدة، منوهاً إلى أن السعودية حافظت على هذا الأمر على الرغم من تحملها انخفاض إيراداتها في ميزانية الدولة. وأضاف: «تنظر المملكة نظرة بعيدة المدى، كما أن السوق تتعرض لعدة عوامل نمو الاقتصاديات ودخول بعضها في مرحلة الركود، وتبقى الحصة السوقية تأخذ المدى الأطول من السعر، وهناك عوامل أخرى تعمل على الحفاظ على حصتها أو الدخول مع شراكات جديدة». وتطرق الدكتور باعشن، إلى عدم الاستقرار السياسي الحاصل في ليبيا والعراق، وكذلك العوامل الاقتصادية التي تمر بها إيران بسبب الحصار عليها، كلها عوامل مساعدة على تحسن سوق النفط العالمية، وعلى الرغم من توقع إيران رفع الحظر عنها، إلا أن ذلك لا يساعدها بالعودة السريعة إلى الأسواق. وذكر من أسباب ذلك، افتقاد إيران للتكنولوجيا في السنوات الأخيرة من بعد وقوع الحصار عليها، وكذلك عمليات الانتاج لديها التي تحتاج إلى وقتٍ أطول من المتوقع، عكس ذلك تأتي المملكة في إمكانية توسعها في الانتاج إذا طلب العمل زيادة الانتاج. وأضاف: «ما تمتلكه السعودية من عوامل عديدة الاحتفاظ على المخزون الاحتياطي»، وعزى ذلك الدكتور باعشن، إلى الامكانيات المتوفرة لدى المملكة، وتجديدها بعض الآبار القديمة، وكذلك الاكتشافات الجديدة من آبار النفط. من جهة أخرى، قال عبدالله المغلوث، عضو الجمعية السعودية للاقتصاد: «دائماً المملكة لا تنظر إلى مصلحتها فقط، وإنما تنظر إلى منظمة أوبك، لكي تحافظ على عدم هبوط الأسعار، ونلاحظ أن أسعار النفط في صعود خلال الفترة الماضية، كما ان تقسيم الانتاج لا يحقق الرقم المطلوب في معادلة الأسعار». وأضاف: «لأن منظمة أوبك تشكل ثلث انتاج النفط في العالم، كما أن هناك دولا تصدر النفط إلى خارج المنظمة، وبذلك يعتبر عملها زعزعة في عدم استقرار أسعار النفط، وهنا ينبغي أن نحافظ على ارتفاع أسعار النفط، والمضي قدماً على أن يكون هناك اتفاق بين مصدري النفط في أوبك وبين الدول التي لا تدخل ضمن هذه المنظمة». وأشار المغلوث، إلى أن تلك الاتفاقيات من شأنها أن تحافظ على أسعار «النفط» دون تدهورها أو تراجعها، كما تمثل وارداته مشاريع كبرى في الدول المنتجة من خلال واردات النفط، ويشكل أي تراجع في الأسعار تذبذبا في تنفيذ المشاريع التنموية داخل تلك الدول.