تحبس الدول المستهلكة للنفط أنفاسها قبل الاجتماع الوزاري لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» الخميس المقبل، إذ تتجه أنظار العالم إلى فيينا لمراقبة ما سيتمخض عنه اجتماع المنظمة، حيث من المتوقع أن يناقش ملفات ساخنة أبرزها الحظر الدولي على صادرات النفط الإيرانية، وانخفاض أسعار برميل البترول. ولم يبد مراقبون تفاؤلا كبيرا عن ما سيصدر خلال الاجتماع الحاسم من قرارات مصيرية، في ظل تنامي العوامل الجيوسياسية، التي يشهدها الشرق الأوسط، حيث يتوقع أن تشكل هذه العوامل ضغطا كبيرا على القرارات التي ستتخذها المنظمة. وأكد رئيس مركز الدراسات النفطية والاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي، أنه لا ينتظر أن تصدر قرارات حاسمة من اجتماع «أوبك» لأن الأزمات الجارية في المنطقة هي أزمات سياسية أكثر من كونها اقتصادية. وقال بالرغم أن الاجتماع الحالي يعتبر مفصلا في منظمة «أوبك» في ظل أزمة أوروبا الاقتصادية، وأزمة اليورو والنفط الإيراني وانخفاض الأسعار، وأن كل هذه الأمور ستكون من صميم اجتماع «أوبك» في حين أنها تبقى منظمة اقتصادية وأن الذي فرض هذه الأزمات في المنطقة هي السياسية، مبينا أن دخول العنصر السياسي في الموضوع يصعب على المنظمة أن تدخل سلباً أو إيجاباً لأنها لاتملك أهدافا سياسية. وبين أنه من الصعوبة الآن الاتفاق على نظام حصحصة، أو تخفيض، أو رفع إنتاج البترول، خصوصاً في ظل المقاطعة الاقتصادية والسياسية لإيران، وقال إن مصير الاجتماع لن يختلف عن سابقه خلال الأزمة الليبية عندما رفضت إيران رفع الإنتاج للتعويض عن النفط الليبي. وأوضح أبانمي أن المنظمة تسعى لاستقرار إمدادات النفط وتأمين الإمدادات العالمية، بحيث لا يكون هناك زيادة ولا نقص، وأن السعودية في حلّ من أمرها لا سيما أنها تملك طاقة احتياطية هائلة جداً ولديها مسؤولية دولية تجاه إمداد الدول بالنفط. وأكد أبانمي قدرة الخليج والسعودية تحديداً على تغطية النقص الذي أحدثته مقاطعة النفط الإيراني حيث أثبتت الوقائع، والكلام لأبانمي، «قدرة السعودية وهي تتزعم منتجي النفط في العالم إنتاج ما يعوض النفط الإيراني، إذ إن حد السعودية الأقصى يصل ل 11 و 12 مليون برميل يوميا والآن لديها الاستطاعة لإنتاج عشرة ملايين ونصف مليون برميل يومياً». واستشهد الخبير البترولي المعروف بدور المملكة في أزمة ليبيا الأخيرة، حيث لم تجد السعودية أي صعوبة في تعويض مليون و800 ألف برميل توقفت فجأة، وقال إن رفع الإماراتيين لحصتهم في السوق ليس لعدم قدرة السعودية على الإيفاء بل لأنهم أرادوا أن يكون لهم حصة. ويرى أبانمي أنه من حق دول الخليج والمملكة في محاصرة إيران اقتصاديا والضغط عليها سياسياً في ظل أهدافها المعلنة في المنطقة، وسعيها في الملف النووي وخطورته على الشرق الأوسط. من جهته، شدد المحلل النفطي سداد الحسيني، على أن «أوبك» لا تملك القدرة على التحكم في سياسة البترول، مؤكداً أن سياسة المملكة مستقلة وتنظر للاقتصاد العالمي بشكل عام، وتوقع الحسيني أن يترك الأعضاء الحصص كما هي حتى تتبلور الأمور أكثر، مستبعدا تغير إنتاج المملكة إذا لم يكن هناك طلب كبير. وقال الحسيني الذي شغل منصب رئيس شركة أرامكو السعودية، إن المملكة حريصة على عدم وجود أزمة في الأسواق وستقوم بتغطية العجز لكن حاليا إنتاج «أوبك» يتجاوز الطلب العالمي بمائة مليون برميل والسعر الحالي هو السعر المستهدف من طرف المملكة، وتوقع حصول ارتفاع نسبي في الأسعار بين 95 و105 دولار للبرميل.