اتفقت دول منظمة أوبك على سقف جديد لإنتاج الأعضاء عند 30 مليون برميل يوميا يشمل إنتاج كل الدول الأعضاء ال 12. ويقترب السقف الجديد من الإنتاج الحالي للمنظمة، ويتضمن موافقة المنظمة على الزيادة الأخيرة في إنتاج السعودية، فيما لم يتضمن القرار أي التزام من دول الخليج التي رفعت إنتاجها لتعويض انقطاع الإمدادات الليبية بخفض إنتاجها مع تعافي إنتاج ليبيا. وقال الدكتور حجاج بو خضور الخبير النفطي الكويتي إن هذا القرار يستوعب الزيادة الحالية من بعض أعضاء "أوبك"، كما يؤكد القرار أن قرار المملكة بزيادة إنتاجها صائب وفي مكانه المناسب. وأشار إلى أن تجاوزات بعض الدول في الفترة التي أعقبت اجتماعا خلال كانون الأول (ديسمبر) 2008 والذي أقر تخفيض الإنتاج بمقدار 4.2 مليون برميل وإبقاء مستوى الإنتاج عند 24 مليون ونصف مليون. وبين أنه في تلك المرحلة كان من الضروري تخفيض الإنتاج والتزمت دول الخليج بذلك لإنقاذ الأسعار من الانهيار الذي كاد يعيدها إلى مستويات دون 20 دولارا. وكان لهذا القرار تأثير لدعم الأسعار وإعادتها إلى مستويات مقبولة. وارتفعت الأسعار من 30 دولاراً، وتجاوزت 70 دولارا واستمرت في النمو. وأوضح أنه عندما تناقصت إمدادات النفط بسبب انقطاع النفط الليبي بادرت السعودية بطمأنة الأسعار وتعويض النقص، كي لا تحدث ارتفاعات حادة في الأسعار تزعزع استقرار الاقتصاد العالمي المتعب، وإبقاء الأسعار في مستويات عادلة. وأكد أن المملكة تصرفت بمسؤولية عندما رفعت إنتاجها، وكان رفع الإنتاج في توقيت مناسب، كما التزمت بالخفض عندما كانت الزيادة تهدد بانهيار الأسعار بعكس بعض الدول الأخرى. وأشار بو خضور إلى أن هناك نموا سنويا في الطلب على النفط يحتاج إليه الاقتصاد العالمي للتعافي. وأصبح تعافي الاقتصاد رهينا باستمرار تدفق النفط بمعدلات نمو تواكب معدلات نمو الطلب، وأضاف أن "أوبك" تدرك أن القدرات الإنتاجية لبعض الدول تتراجع. وكان الاجتماع لاحتواء المتغيرات والتطورات التي طرأت، والحفاظ على مستوى عرض مناسب عند 30 مليون برميل يوميا. وقال بو خضور إن بعض الدول مثل الجزائروإيران وفنزويلا تجاوزت حصصها عندما كان من الأولى الحفاظ على مستوى إنتاج منخفض، وعندما طرأت ضرورة رفع الإنتاج عارضت ذلك لأنها تنتج بأقصى طاقتها وغير قادرة على رفع الإنتاج. ولفت إلى أن أسعار النفط سريعة التأثر بالمتغيرات، ولابد أن يكون هناك هامش معروض لتغطية أي طوارئ قد تحدث وطمأنة السوق. وأوضح أن حجم هذا الهامش يجب أن يكون ستة ملايين برميل يوميا، يمثل 6 في المائة من حجم الإنتاج العالمي الذي يقارب 100 مليون برميل. وتوقع بو خضور زيادة الطلب على النفط في 2012 بمعدل 1.3 مليون برميل، وأضاف أن الزيادة يغطيها القرار الحالي وتنتج المملكة الجزء الأكبر منها، كما تسهم الكويت بجزء بسيط. والتزمت المملكة بتعهدها أمام العالم في المؤتمر الذي عقد في الرياض عام 2007 وساعدت "أوبك" في الاستمرار في تأمين الإمدادات النفطية إلى العالم. وأضاف أن من شأن ذلك المساهمة في تعافي الاقتصاد العالمي واستقراره. وأكد أن زيادة الإنتاج لن تكون سببا في انخفاض كبير في الأسعار في الوضع الحالي، بل إن مصداقية المنظمة والتزام أعضائها عامل أهم في تحريك الأسعار في الاتجاه الإيجابي. وبيّن أنه في ضوء الإنتاج الحالي ل "أوبك" سيتجاوز إنتاج المملكة تسعة ملايين برميل في طريقها للوصول إلى 11 مليون برميل. وسيتجاوز إنتاج الكويت 3.1 مليون برميل باتجاه 3.5 مليون برميل، كما سيبلغ إنتاج فنزويلا أربعة ملايين برميل يوميا. من جانبه، قال الدكتور عمرو كردي خبير المحاسبة النفطية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن إن صدور مثل هذا القرار كان متوقعاً، وجاء بناء على توقعات ارتفاع الطلب في القريب العاجل في مختلف مناطق العالم، وخصوصاً في الجزء الشرقي من العالم. وأكد أن القرار يعطي إشارة إيجابية إلى أن الأزمة المالية أشرفت على النهاية، وأن "أوبك" تعد العدة لمواكبة الارتفاع المتوقع في الطلب. وأضاف الدكتور كردي أن رفع سقف الإنتاج يتضمن الزيادة المتوقعة من ليبيا والعراق، وزيادة ليبيا والعراق تدريجية، ولم تحدد "أوبك" حصص كل دولة استعدادا للتغيرات في مستوى إنتاج الدول، كما أن عقوبات إيران قد تقلل من إنتاجه ولا بد من تعويض. من جانبه، استبعد سداد الحسيني الخبير النفطي والمسؤول الأسبق في شركة أرامكو السعودية، أن يكون لقرار "أوبك" أثر كبير في الاقتصاد العالمي لأن "أوبك" تصدر فعليا الكمية نفسها التي تم إقرارها في الاجتماع الأخير البالغة 30 مليون برميل يوميا. وقال إن الاتفاق يؤطر الزيادة الموجودة أصلا، ويعطي تعليمات عامة ولكن الدول ستتصرف وفقا لمصالحها. وأشار إلى أن الاتفاق يوجه رسالة للأسواق لطمأنتها بأن هناك فائضا، وأن الأسعار تحت السيطرة، واستدرك أنه يجب أن نكون متواضعين ولا نعطي أهمية كبيرة لتأثير قرارات أوبك في الاقتصاد العالمي لأن المشكلات أعمق من أسعار النفط. وتوقع الحسيني أن تحافظ الأسعار على مستواها في ظل الزيادة. وأشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي يتحسن ببطء. وتنتج الولاياتالمتحدة أكثر من 18.5 مليون برميل يوميا قابلة للزيادة، وستظل في حاجة إلى نفط "أوبك". وفي أوروبا لا يزال الإنتاج على حاله رغم صعوبة الأوضاع، وأضاف أن الزيادة في النفط الليبي سترافقها زيادة في الطلب العالمي، ولن تكون ذات تأثير سلبي في الأسعار.