لا صوت يعلو هذا الأسبوع على صوت المعركة الانتخابية في تركيا، حيث سيستيقظ الأتراك صباح الإثنين القادم على أهم انتخابات برلمانية منذ عقد تقريباً، والتى وصفها نائب رئيس الوزراء يالجين بأنها "مسألة حياة أو موت" بالنسبة للحزب الحاكم، وعلى قدر الأهمية التي تحملها هذه الانتخابات لجميع الأحزاب السياسية فهي مفصلية ايضاً بالنسبة لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، والذي يضع كل بيضه في سلة الحزب الحاكم أملا بفوزه ليحقق له حلمه بتحويل البلاد إلى نظام حكم رئاسي، يسلمه فيه كل الصلاحيات والسلطات بما يُعينه على إتمام مشروعه الهادف إلى بناء الجمهورية الثانية والتي قد يُعلن عنها عام 2023م، والتي تتزامن مع مئوية جمهورية أتاتورك الأولى والتي تأسست عام 1923م. وخلال مُشاركته في احتفالات الذكرى السنوية الخمسمائة والثانية والستين لفتح اسطنبول، أفاد الرئيس اردوغان "أن يوم الفتح المقبل سيكون في السابع من يونيو المقبل" وهو يوم الانتخابات. الأهمية المصيرية لهذه الانتخابات تتمثل أيضا في أنها قد تكون آخر حلقة مؤثرة في سلسلة الانتخابات التشريعية التركية، ففي حال تمكن الحزب الحاكم من انتزاع الأغلبية المطلقة في البرلمان، فإنه سيصبح قادراً على تغيير الدستور الحالي للدولة، وتحويل النظام السياسي من البرلماني إلى الرئاسي. وستصبح كل الصلاحيات السياسية والتنفيذية في البلاد بيد رئيس الجمهورية، كما أن نتائج الانتخابات ستحسم مستقبل حزب العدالة والتنمية، والتى تُشير استطلاعات الرأى لانخفاض شعبيته لاسباب عدة، دعت نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة بولنت ارينج لدعوة حزبه لمراجعة نفسه بشفافية عبر قوله إن "50 بالمائة من الشعب التركي لا يحبون حزب العدالة والتنمية" مُشددا على ضرورة بذل كل المساعي لاستقطاب هذه الشريحة. مضيفاً: "نعم، نحن أنشأنا قصورا في غاية الجمال لكن علينا بالمقابل أن نعمل على تعزيز الثقة بالعدالة والقضاء أيضا". ورغم خوض 31 حزباً السباق الانتخابي إلا أن التنافس الفعلي ينحصر بين الثلاثة الكبار الممثلين في البرلمان الحالي وهم حزب "العدالة والتنمية" وحزب "الشعب الجمهوري" اليساري وهو كبير أحزاب المعارضة، وحزب "الحركة القومية" اليميني المتشدد ويضاف لهم حزب "الشعوب الديمقراطية" الكردي والذي سيصبح "بيضة قبان" هذه الانتخابات. إن تجازوه للحاجز الانتخابي (10 بالمائة) مما قد يمهد لملامح تشكيل حكومة ائتلافية في البلاد لأول مرة منذ العام 2002م حيث انفرد الحزب الحاكم بالسلطة. أهم تغيير حصل هذا العام هو قرار دخول حزب الشعب الديمقراطي الكردي السباق الانتخابي، وفي حالة نجاحه او إخفاقه فإن ذلك سيترك آثاراً عميقة على مستقبل القضية الكردية في تركيا وفرصة تحقيق السلام أو العودة للصراع من جديد ولو بصيغة سياسية جديدة، فالحزب استطاع أن يفرض نفسه على الساحة السياسية بقوة بالرغم من عمره القصير، والذي لم يتجاوز الثلاث السنوات. وقرار الحزب خوض الانتخابات ككتلة حزبية لأول مرة، يعود ربما إلى ثقته بقاعدته الشعبية التي بدأت بالتوسع خارج المناطق الكردية وهذا ظهر خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، والتي ترشح فيها زعيم الحزب "صلاح الدين دميرتاش"، وحصد فيها أقل بقليل من 10% من أصوات الناخبين، وإذا ما نجح الحزب الكردي في تجاوز العتبة الانتخابية، فسيتحول الأكراد إلى قوة برلمانية كبيرة تقدر بنحو 60 نائباً، وسوف تزداد قاعدته الشعبية ونفوذه، خاصة أن المرحلة تتوازى مع سير عملية التسوية لحل القضية الكردية في تركيا. ورغم أن الجميع على يقين بفوز الحزب الحاكم بأعلى نسبة في الانتخابات التشريعية المقبلة، لكن الجديد قد يتمثل بعدم قدرة الحزب على تشكيل حكومة أغلبية، وهذا سيكون له ايضاً انعكاسات على السياسة الخارجية التركية وخاصة فيما يتعلق بالوضع السوري والعلاقات مع مصر وكذلك مع بعض دول الخليج.