في مدرسة كارل فون أوسيتزكي الثانوية ببرلين يقول مدرس التاريخ والسياسة نالان كيليج إنه لا حديث على ألسنة الكل سوى عن تنظيم داعش. ويتطلع الطلاب وغالبيتهم مسلمون من أصول تركية للحديث عن تقدم داعش وعن الأزمة في سوريا وعن مقاطع الفيديو التي يشاهدونها على فيسبوك وواتساب وعن التفسير المتشدد للإسلام الذي أقنع مئات الشبان من سنهم بالرحيل عن ألمانيا إلى الشرق الأوسط. وقال "الكل يتحدث عنها .. الأمر يعرض على كل شاشات التلفزيون." وتقول المدرسة إنها تريد تلبية احتياج الطلاب لمناقشة أمر المتشددين بينما تعدهم في الوقت ذاته لرفض التفسير المتشدد للإسلام. وتحدث بعض رجال الدين المتشددين بالفعل مع بعض الصبية خارج المدرسة في مناطق تسوق مزدحمة ببرلين. وأنشأ هذا حاجة ملحة في ألمانيا وفي مناطق أخرى بأوروبا لمنح دورات وقاية لحماية من يعتقد أنهم في خطر بالإضافة إلى وضع برامج لاجتثاث التشدد بين الأسر التي تأثرت بالفكر المتطرف. وقال أيجان ديميريل مدير مشروع تدعمه الحكومة يهدف إلى حماية الشبان من التشدد الإسلامي "ضحكنا عندما شاهدنا مقاطع الفيديو البدائية المتطرفة الأولى هذه في 2005.. لكن حركة سياسية ودينية ظهرت من العدم وأخذتنا كلنا على حين غرة." وتقدر السلطات أن ما لا يقل عن 450 شخصا سافروا من ألمانيا إلى سوريا للانضمام إلى الأنشطة الجهادية في إطار قوة أوروبية تضم نحو ثلاثة آلاف شخص. ولقي العديد منهم حتفهم هناك ونفذ خمسة على الأقل تفجيرات انتحارية ولا توجد مؤشرات على أن هذا التوجه للسفر يتراجع. وتقول الحكومة إنها تريد أن تمد يدها للشبان في وقت مبكر قبل أن يطوروا توجهات متطرفة بالتحرك في المدارس وعبر العاملين في مجال الخدمات الاجتماعية والتجمعات المسلمة. وتلجأ السلطات في جزء من توجهها إلى الأساليب التي طورتها في التصدي للنازية الجديدة ومعاداة السامية واليسار المتطرف. لكن ألمانيا وضعت النشاط الخاص بالوقاية واجتثاث التطرف على عاتق ولاياتها الستة عشر وقلصت التمويل الوطني للمشاريع التي تديرها جماعات مدنية. وقالت إيرين ميهاليتش النائبة عن حزب الخضر التي تتهم الحكومة بالافتقار لاستراتيجية وطنية وخفض التمويل لمشاريع المجتمع المدني التي كثيرا ما تتمتع بمصداقية أكبر لدى الشبان "ينبغي أن نتطرق إلى جذور التطرف ونحن متأخرون كثيرون." وكشفت الأجوبة المكتوبة للحكومة عن أسئلة رسمية طرحها حزب الخضر أن الحكومة الاتحادية تخصص 551316 يورو فقط لمشاريع الوقاية المدنية واجتثاث التطرف هذا العام وهو تراجع بواقع 25 في المئة مقارنة بالعام الماضي. وجمع ديميريل الذي نظم دورات تدريب للوقاية من معادة السامية نحو 30 طالبا معظمهم ذكور بين سن 16 و17 عاما للورشة التي ينفذها في مدرسة أوسيتزكي. وقال ديميريل "المشكلة الكبيرة بالنسبة للشبان هي الشعور بأنهم غير مقبولين كمسلمين في المجتمع. هذا يخلق بيئة اصطياد خصبة للمتشددين الإسلاميين الذين يقولون للشبان .. نعم أنتم مستبعدون لأنكم مسلمون." ويضيف أن الشبان لديهم صورة سلبية للغاية عن الإعلام ويرونه منتقدا ورافضا لهم. ويعلم ديميريل الشبان بأن تكون لديهم القدرة على التمييز بشكل أكبر وألا يشعروا أنهم مضطهدون. وفي ورشته يعرض ديميريل تقريرا تلفزيونيا تبثه قناة تلفزيونية حكومية بشأن اعتراض السكان على تخصيص يوم للنساء فقط في حمام للسباحة بميونيخ. ويقول أحد الطلاب "انه (تقرير) عنصري ومليء بالأنماط ومهين." ثم يعرض عليهم التقرير مرة أخرى ولكن ببطء وعلى مراحل. ويظهر في التقرير احتقار بعض السكان للفكرة وللمسلمين. لكن يظهر أيضا مستشارون ألمان طرحوا فكرة اليوم ويأيدون تطبيقه. وبانتهاء الجلسة يقبل الطلاب فكرة أن المجتمع الألماني ليس عدائيا في جوهره. ويهز الطلاب رؤوسهم عندما يسألون إن كانوا ينجذبون لداعش ودعايتها. ويقول يوسف (17 عاما) الذي يحضر درسا للقرآن بعد المدرسة "ما يقوم به هؤلاء الناس لا صلة له بالإسلام." وتابع قوله "لا أشعر بالانجذاب لهم ولا لأفكارهم لكن أعتقد أن بعض الناس يرونها مرضية لها. فهم يتطلعون لشيء يمنحهم بعض النشاط.. فأنت ستذهب لسوريا وسيتم تدريبك وستقاتل .. إنها مغامرة."