الناس أجناس وكذلك البخور أنواع فمن منا لا يعرف العود الذي يحترق ليعطر لنا أجواءنا والذي يرمز للترحيب والحفاوة والتكريم ويعبر عن قيمة المناسبة ومكانتها في النفس، وأسأل الباحثين والمثقفين عن البخور الذي يخرج من بين السطور عبر الكلمات أو العبارات أو المعاني من خلال نص أو فقرة ليعطي للكتابة بعدا ثالثا في المضمون ويجعل الكاتب يخاطب أطيافا أوسع من شرائح المجتمع وهذان النوعان من الأبخرة محببان للنفس بل ومطلوبان. إلا أن هناك بخورا يتدرج ضرره واثره في المجتمع وهو البوح بأسرار النفس لأي شخص كان صديق أو رفيق درب، وقالت العرب (كل سر جاوز الاثنين شاع) ولكن من هما الاثنان اللذان اذا تجاوزهما السر شاع وأصبح كبخور السطوح من حيث الحركة وليس المضمون، يقول العارفون أصحاب التجربة هما (الشفتان) وهذا يعني حتمية الاحتفاظ بالأسرار وعدم البوح بها لاي انسان كائنا من كان, ومن اضرار خروج اسرار المنازل ما تسببه من مشاكل اجتماعية تؤدي الى انهيار البناء وتفكك أوصاله، أما البوح بأسرار المؤسسة التي يعمل بها الشخص فإنها أكثر ضررا فقد يؤدي إلى ضياع الفرصة وبالتالي خسارة المؤسسة، أو تسريب معلومات مهمة لأغراض شخصية وبكثرتها وتعدد أشخاصها ينتج خلل في المجتمع وانتشار للفساد، واخطر الأضرار هو البوح بأسرار تمس نسيج المجتمع أو الدولة وهو ما يصنف بالخيانة. هل يأسف شخص على فضل الصمت على الكلام؟ وهل يحق للشخص الذي لم يحتفظ بأسراره وضاق بها صدره ولم يجد لها مكانا في أعماق نفسه أن يلوم الآخرين خصوصا في وقت أصبح الصديق عملة نادرة وطغت المصالح على كل شيء؟ وعليه فعندما تتكلم عن أسرارك الخاصة لأي شخص ولا يستطيع الاحتفاظ بها فلا تلم سوى نفسك، وقد قيل قديما (إذا كان صدر صاحب السر... لسره ضيقا فصدر الذي استودع السر أضيق) والشخص الذي تعود على أن يكون مستودعا لأسرارك ونزعت منه الثقة فإنه يلجأ لأن يتقول عليك ليخدع الآخرين بأن خصوصيته لا تزال مستمرة وانه كاتم أسرارك ومستودعها. ختاما.. أتمنى أن يمحص كل منا في اختيار مستودع أسراره وأن يختبره قبل أن يستودعه لكي لا يلام الآخر.