تثير الآلية التي تحكم عمل المنظومة التجارية بالولاياتالمتحدة تساؤلا بشأن الهيمنة الصامتة للمؤسسات التجارية على قطاعات كثيرة في المجتمع. وعلى الرغم من أن معظم هذه الشركات يسلم بأن قطاع الأعمال يحتاج إلى تحقيق أرباح، تثير الأسئلة المتعلقة بمقدار الربح الذي ينبغي تحقيقه وما الذي يدخل في إطار الربح وما الذي لا يدخل؟. تثور أسئلة أخرى مثل: كيف تتحول الشركات من خدمة الصالح العام إلى خدمة مصالحها الخاصة؟ وما الأداة التي أدت إلى هذا الانحراف في هدف الشركات؟ وما الضرر الناجم عن ذلك؟ وما الذي يتكبده المساهمون والموظفون والعملاء والممولون والمجتمعات والأمة بأسرها- جراء زيادة الأرباح- في صورة تكاليف اجتماعية؟ في كتاب (طغيان الأرباح) للناشر بيريت كوهلر يجيب رالف إيستس - مؤلف الكتاب- عن هذه الأسئلة بتعقب تاريخ المؤسسة التجارية في الولاياتالمتحدة مبينًا كيف حادت الشركات- بشكل منظم- عن الهدف الأساس بتركيزها- الذي يفتقر للتوازن مع أهداف أخرى- على الربح والخسارة. ومع ذلك، فالكتاب ليس هجومًا على الشكل التجاري لقطاع الأعمال ولا هجومًا على مديري الشركات. لكنه هجوم على سلوك سيئ انجرت إليه الشركات بسبب طغيان الربح. والأمثلة التي استعان بها تؤكد بشدة على وجهة نظره التي تقول: إن تركيز الشركات على الربح والخسارة جعل المجتمع بأسره يدفع الثمن. فبدلا من أن تركز على تحسين منتجاتها وخدماتها، غالبًا ما تركز المؤسسات التجارية الكبيرة على صفقات الاندماج والشراء. وأدت سيطرة هاجس الربح عليها إلى أن تكون هذه الشركات صاحبة نظرة قصيرة الأمد أفضت بدورها إلى التقتير فيما يتعلق بالتدريب وتجويد مستوى الخدمات والصيانة والتطوير حتى في ظل دلائل أن هذا النهج، قصير النظر، سيضر بالأداء المالي للشركة في الأجل الطويل. ويقول البعض: إن النظر إلى حملة الأسهم بوصفهم مستثمرين في الشركة، يجعل الربح هو المقياس الملائم من وجهة نظرهم لأداء الشركة، وأنه هو الأمر الوحيد الذي يُساءلون عنه. لكن الواقع يقول: إن العمال والزبائن والممولين والمجتمع المحلي بل والمجتمع الأوسع نطاقًا، جميعهم مستثمرون، وأنهم غالبًا ما يخاطرون بشكل أكبر من أموالهم حين يتعاملون مع المنظومة التجارية. إن كثيرًا من الممارسات في مجال الأعمال ينظر إليها بوصفها أمرًا مقدسًا لا يجوز الطعن فيه. وآية العاملين في هذا المجال التي يرددونها باستمرار هي أن "عمل العمل هو زيادة الأرباح". لكن هل سأل أحدهم نفسه: "ما هي ماهية الأرباح بالضبط؟" أو "أرباح لمن؟". والمنافسة على أشدها بين الشركات. لكن ما معنى أن تكون الشركة قادرة على المنافسة؟ وما المقياس الذي ينبغي اعتماده لتحديد الإنتاجية، هل هو متوسط إنتاج العمال في الساعة، أم معدل الإنتاج عن كل دولار؟ أم مقدار ما تدفعه الشرطة من ضرائب على كل دولار يدخل جيبها من المبيعات؟ لقد حان الوقت كي يقف الناس مع أنفسهم ويفكروا بشأن هذه المفاهيم المجردة وغيرها، التي غالبًا ما تستخدم لتبرير أعمال الشركات التي تلحق الضرر- في نهاية المطاف- بالكثيرين في المجتمع. ويستعين إيستس بخبرته الكبيرة وبالأبحاث في التأكيد على فكرة بسيطة حاسمة تدل دلالة قطعية على أن الشركات أساءت استعمال سلطتها أو أن هذه السلطة ضلت الطريق. وهو يربط بشكل مقنع أبحاثه مع وصفاته في طرح حل مثير وسديد- في آن معًا- من الناحية النظرية. ومع تنحية الاعتبارات العملية جانبًا، فقد سلح إيستس الأطراف المعنية في أمريكا بذخيرة في غاية الأهمية يمكن أن تستغلها في إحداث تغييرات. وهذه الذخيرة هي معلومات يمكن الاعتماد عليها وترغم أي شخص على أن يقف مع نفسه ويفكر فيما هو مقبول بوصفه (الحقيقة). ويقر إيستس بأن هناك اعتراضات شديدة على خططه، لكنه يرى أن الحوار أمر جيد. وفي التحليل النهائي، فليس بوسع المديرين والهيئات التنظيمية والمشرعين وكل من له علاقة بالمنظومة التجارية إلا أن يعيد التفكير في دور المؤسسة التجارية في المجتمع. Tyranny of the Bottom Line Why Corporations Make Good People Do Bad Things By: Ralph Estes 301 pp. Berrett-Kohler