لك الحمد مهما استطال البلاء ومهما استبد الألم لك الحمد ان الرزايا عطاء وان المصيبات بعض الكرم كانت تلك مطلع قصيدة لشاعر دجلة بدر شاكر السياب وكذلك عنوان المقالة هو ذات عنوانها ارتأيت ان استهل بها لانها بكل ما تحمل من معان عميقة وكبيرة تجسد الحياة وتختصرها في كلمات بالغة الدلالة. نعم لطالما نتعرض في حياتنا لتحديات كبيرة وهجمات سافرة تستنفر جهودنا وتستنفر كل طاقاتنا لكننا في غالب الاحيان لانستوعبها ولانصل الى فهم مغزاها الحقيقي فيغتصبنا الالم ويهزمنا الضعف ويحاصرنا الاحباط لنظل رهينة لواقع قد يكون في ظاهره العذاب لكن في باطنه الرحمة. وهو ايضا في مرحلة نشعر فيها ان زلزالا قد قلب رأس الامور على عقبها فرصة اكبر لصنع واقع جديد بمحاولة اعادة النظر في كل شيء ابتداء بما يجول في نفوسنا من افكار ورؤى وتطلعات وحتى ما يحيط بنا من ظروف ومواقف والقيود والروابط وما يمكن ان يتحكم بنا عن بعد وعن قرب من مبادئ وقيم وغيرها ومدى صحة ما كنا نؤمن به وما يمكن ان نؤمن به. لذلك الالم وحجم المعاناة الناتج عن مرحلة صعبة نمر بها او واقع مر يفرض علينا هو رسالة مبطنة تستوفي كل مفرداتها من واقع لايمكن ان يخطئ هدفه الا بقدر جدية تفاعلنا معه وتجاوبنا مع مغزاه, وقد تكون تلك اللحظات هي اكثر لحظات الحياة صدقا لانها في تلك اللحظة بالذات تواجهك بدون اقنعة وبدون رتوش فهي اذا المحك الحقيقي لمجمل قدراتنا وقناعاتنا بقدر ما تكون الحافز الذي يدفعنا لان نكون صادقين مع انفسنا بقدر صدقنا مع الآخرين وبقدر صدقنا مع صاحب الامانة الذي منحنا الحياة ورسالة الحياة ان نكون جديرين بها اولا نكون (وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور).